إخراج الشرعية من المشهد والتمدد الحوثي جنوباً.. تداعيات سقوط مأرب
تقارير - Monday 08 November 2021 الساعة 07:09 amمن كان يصدق أن ما يسمى بـ"الجيش الوطني" بأعداد قواته الهائلة وعتاده الكبير وألويته المنتشرة في أكثر من 60% من مساحة البلاد ومعظها في الجنوب، عجز عن الدفاع عن آخر مدينة استراتيجية بيد (الشرعية)؟!
ومن كان يصدق أن مليشيا الحوثي الإرهابية ستعود لتسيطر على ذات المناطق التي حررها التحالف العربي قبل ست سنوات، وقدمها على طبق من ذهب لقوات الشرعية، وها هي توشك أن تسقط بيد جماعة الحوثي من جديد، بعد أن عجزت عن دخولها في أوج قوتها مطلع عام 2015 وطردت منها، بل إنها تتمكن اليوم من دخول مناطق كانت ترى سابقا أن دخولها أشبه بالمستحيل، وها هم الحوثيون على بعد 15كم من مدينة مأرب وحقول النفط والغاز.
إسقاط مناطق استراتيجية جديدة
خلال الأيام الماضية تمكنت مليشيا الحوثي الموالية لإيران من إسقاط مناطق استراتيجية جديدة، هي: بيحان وعسيلان، وعين ومرخة، في محافظة شبوة، وحريب والجوبة وجبل مراد والعبدية في محافظة مأرب، بشكل مفاجئ ودراماتيكي، بعد تبخر الألوية العسكرية لقوات الشرعية من تلك المناطق، قبيل دخول الحوثيين إليها بساعات.
كان رهان الحوثيين كبيرا على العبدية باعتبارها خط الدفاع الأول عن باقي مديريات البوابة الجنوبية لمأرب، فضلا عن كونها الأكثر تسليحا وتحصينا في تلك الجهة، وبدا موقف قوات الشرعية ضعيفا في وقف تقدم الحوثيين، على الرغم من الإسناد الجوي الكثيف للتحالف العربي، وإلحاقه خسائر كبيرة بصفوف المليشيا، بيد أن الإسناد الجوي غير كاف إذا لم تكن هناك مؤازرة على الأرض، والتي لم تكن موجودة، مع ضعف وتخاذل قوات الشرعية، ودخول بعض القبائل في مفاوضات مع الحوثيين.
لقد حظي ما يسمى بـ"الجيش الوطني" بدعم مادي ولوجستي غير مسبوق من قبل دول التحالف العربي، لكن بحسب مراقبين فإن هناك أطرافا داخل الشرعية تعمل على عرقلة عمليات التقدم، لعدم رغبتها في الحسم نظرا لما لديها من مخاوف من القادم إذا ما وضعت الحرب أوزارها.
ويعتقد مراقبون بوجود اتفاقات مبطنة بين أطراف في الشرعية و"أنصار الله" فيما يتعلق بالمحافظتين النفطيتين "شبوة ومأرب".
نقل الصراع جنوباً
يحاول الحوثيون الاستيلاء على مأرب لقلب موازين القوى، التي ظلت على مدار السنوات الماضية متأرجحة دون حسم، وسقوط مأرب بقبضة ميلشيا الحوثي، من شأنه أن يفتح الطريق أمامهم نحو المحافظات الجنوبية المتاخمة لمحافظة مأرب، بل إنهم إذا ما تمكنوا من ذلك لن تقتصر على الجنوب فقط وإنما ستطال أيضا كل مناطق اليمن والمنطقة، لأن موقف الحوثيين وقوتهم الاقتصادية والتفاوضية سيختلفان كثيرا عما قبل مأرب التي خسرت فيها الشرعية آخر معقل لها وللتحالف شمالا.
منذ نحو عامين بدأت الحكومة الشرعية بسحب قواتها من مناطق شرقي صنعاء ومحافظات الشمال (الجوف، ونهم، والبيضاء، ومعظم محافظة مأرب) وتسليم المناطق في أحيان كثيرة من دون قتال للحوثيين، وإرسال القوات جنوبا باتجاه عدن لحرب جديدة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، وتشير الوقائع إلى اتفاقات طبعت وتطبع التحولات الدراماتيكية في مسار المعارك.
ما بعد سقوط مأرب
لن تنحصر تداعيات سيطرة الحوثي على مأرب في جغرافية المحافظة النفطية فقط، بل ستصل وتطال كل المناطق المحررة شمالاً وجنوباً، فسيطرة الحوثي على مأرب تعني وضع يده على مواردها من الغاز والنفط وستضع الشعب واحتياجاته من الخدمة والوقود تحت رحمته، كما ستدر سيطرة المليشيا على النفط والغاز مبالغ مهولة عليها، ستمكنها من تجنيد الآلاف من المقاتلين لتدشين مرحلة جديدة من المعارك والتوسع نحو المحافظات المحررة التي تعاني من أوضاع اقتصادية بالغة السوء جراء فشل وعبث أداء الشرعية.
كما أن وقوع محافظة مأرب بأيدي الحوثيين من شأنه أن يسلب حكومة وقوات هادي آخر معاقلها على الأرض في شمال البلاد الذي يسيطر الحوثيون على أغلب محافظاته بما في ذلك صنعاء، كما سيؤدي سقوط مأرب إلى إضعاف مركز الحكومة الشرعية في أي مفاوضات محتملة مستقبلاً، بل ويؤدي إلى خروج تدريجي لها من المشهد أو إلى بقائها شكلاً في أحسن حال.