ذو باب.. تقاليد وموروثات دفنتها حرب مليشيات الحوثي

المخا تهامة - Saturday 19 February 2022 الساعة 07:41 am
ذو باب، نيوزيمن، خاص:

يتفوق شغف "روضي محمد مرشد" في الارتباط بشريكة حياته على التمسك بالعادات التي كانت سائدة، ويقول إن التقاليد التي تتطلب مبالغ مالية كثيرة لم تعد مهمة بقدر الزواج وتكوين حياة أسرية جديدة.

فالارتفاع الجنوني في الأسعار مع قلة الأعمال المدرة للدخل بسبب حرب مليشيات الحوثي، يدفع الشباب في مديرية ذو باب، إلى ترك كل ما يضاعف التكاليف المالية للأعراس وينظمون حفلات متواضعة تبعد عن كاهلهم شبح الديون الثقيلة.

يعمل الكثير منهم في مهنة الصيد، ورغم المبالغ المالية الجيدة التي يتحصلون عليها، إلا أنهم يرون أن توفيرها في بناء منازل متواضعة أهم من إنفاقها في أشياء لم تعد مهمة.

لم يكن شباب مديرية ذو باب أول من يكسرون عادات الزواج المتأصلة في المجتمعات الساحلية، والتي كانت تستلزم جلب فرقة موسيقية من مديريات بعيدة لإحياء ثلاثة ليال من السهر المتواصل، مع تحمل تكاليف وجبات الطعام للأيام الثلاثة، على أن تتضمن اللحم بكميات كبيرة.

وإلى جانب ذلك كان عليهم التخلي عن عادات متجذرة في مجتمعات الساحل الغربي، إذ يعتقدون أن "المزمار" لم يعد مهما طالما وأن الأجهزة الإلكترونية يمكنها أن تقوم بالغرض نفسه، ذلك ينطبق أيضا على الفرقة الموسيقية التي تم التخلي عنها بعد أن كان يتم جلبها من محافظة تعز، وتحمل تكاليف النقل والإقامة ومبلغ مالي يتم الاتفاق عليه مسبقا مقابل إحياء الاحتفال.

"والزمار" شخص يقوم بإطلاق الألحان المصاحبة لدق الطبول عبر الربابة لإضافة جو من البهجة إلى حفل الزواج، وهي من العادات السائدة في تلك الحفلات.

عادات أخرى جرى التخلي عنها وهي أن يتم الجمع بين العريس والعروسة وقت الظهيرة قبل ساعات من موعد الزفاف لوضع الحنا على العريس، فيما يتم نقش الخضاب للعروسة أمام الرجال والنساء من أقارب الطرفين، ويعتبر هذا اليوم بمثابة دخول العريس القفص الذهبي، حيث يأتي "المزين" ويلاقي رأسيهما بعضها البعض كنوع من تأكيد ارتباطهما معا.

لكن الأهم في هذه الاحتفالية المصاحبة لحفل الزواج هو أن يقوم العريس بتوزيع مبالغ نقدية على مجموعة من الشباب ممن يسند إليهم تنظيم حفل زفاف العريس قبل ساعات من جلب العروسة، مع ترديد أهازيج معينة أثناء الحفل الذي عادة ما يتم قبل العاشرة ليلا، وهو التوقيت المتعارف عليه لوصول حفل الزفاف إلى ذروته.

ويذهب ساعتها الجميع لإحضار العروسة من منزلها حيث يتوجب على العريس السير فوق دم الذبيحة التي يتم ذبحها أمامه كتعويذة، ويوزع فيما بعد لحمها على فئة "المهمشين".

ولا يتناول أهالي العريس والعروسة من لحم تلك الذبيحة، إذ يعد ذلك انتقاصا بحقهم، بل إنها تكون من نصيب "المهمشين" المكلفين بدق الطبول أثناء حفل الزفاف. 

20 يوماً

قبل حرب مليشيات الحوثي، كان شهر العسل عبارة عن ثلاثة أشهر يتوقف فيها العريس عن الخروج للعمل نظرا للمبالغ المالية التي كان قد اكتنزها استعدادا لها، لكن الآن يكتفي بشهر واحد إن لم يكن عشرين يوما ليغادر منازله للعمل، وطلب الرزق.

من بين العادات التي تم التخلي عنها، التباهي بشراء العطور الفاخرة، لا سيما من نوعية العود مع شراء كمية كبيرة من الملابس التي يرتديها طيلة الشهور الثلاثة، فضلا عن ضرورة اقتنائه قطعة سلاح يتزين بها.

لكن الصعوبات المالية، دفعت العديد من الشباب للتخلي عن الكثير من العادات، ذلك كان يستلزم أموالا طائلة يتم جمعها لسنوات قبل الزواج، إذ لم يعد اليوم كذلك، وانما الاكتفاء بالأشياء القليلة مع التخلي عن العادات التي كانت تستلزم تحمل مبالغ مالية طائلة.