رجبية حيس.. عادات وتقاليد تهامية حسنة تميز ليلة الإسراء والمعراج

المخا تهامة - Sunday 27 February 2022 الساعة 08:48 pm
حيس، نيوزيمن، خاص:

عادات وتقاليد حسنة ومتوارثة منذُ مئات السنين، تقام في مدينة حيس التاريخية، فذكرى ليلة الإسراء والمعراج، على صاحبها محمد أفضل الصلاة والسلام، لا يزال الأهالي متمسكين بإحيائها إلى اليوم، وهي مناسبة دينية تتميز حيس التهامية بالاحتفاء بها من كل عام في ليلة الـ27 من شهر رجب.

حيس بعد تحرير قراها وتأمين محيطها بالكامل من المليشيات الحوثية، عاد الأهالي إلى إحياء المناسبات الدينية الفضيلة، فيما البعض منها اندثر، ولا يزال الغالبية متمسكين بإحيائها، لا سيما ما هو متعلق بالتعبد والالتزام الديني.

بعيداً عن المناسبات الطائفية التي كانت تفرضها الميليشيا على المناطق الخاضعة لسيطرتها لتفرض واقعاً مأساوياً على الأهالي، وهي مناسبات تحمل فكراً دينياً منحرفاً لا تتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع اليمني. 

حيث تبدأ في يومي الرابع والخامس والعشرين من شهر رجب، الترتيبات والتجهيزات المنزلية وفي الدواوين التي تعرف محلياً بـ"المبارز" وتُرش بمادة (النورة) البيضاء ما يجعلها جميلة المنظر، ويكتظ سوق المدينة بالباعة والأهالي والزائرين وتعرض كافة الملبوسات والأواني وكأنهم مقبلون على يوم عيد.

فيتم تغيير ملبوسات البيت بالكامل من المفروشات ويطرح فوق مقاعد المجالس "فرش اللحاف" المصنوع يدوياً، ويتم التفاخر بها تراثياً، إلى جانب ذلك تفوح رائحة المنزل وكأنه قطعة من عمبر، وتتغير كافة البيوت بالملبوسات كل عام ويفضل الأهالي تغييرها خصوصاً في شهر رجب.

وتُزَيَن كافة البيوت والمبارز بالأدوات المصنعة من الخزف والأواني الفخارية وبأوراق الشجر وثمار النخيل والموز، والتي يتم تعليقها في الأسقف من الداخل والخارج، استعداداً لاستقبال الضيوف، ويترقب الأطفال هذه المناسبة بشغف.

ففي مثل هذا اليوم، يحتفي كافة أهالي وقبائل حيس من مشايخ علم وفقهاء وقضاة، بهذه المناسبة الدينية الحسنة التي تأتي في السابع والعشرين من رجب، وهي ليلةٌ غُسلت فيها أحزان الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم بعد عام الحزن، والتي تعرف في حيس محلياً بيوم "المعراج" ويعرفها الآخرون بالرجبية، ويقيم أهالي حيس الولائم والموائد والعزائم للأهالي والأصدقاء الضيوف الذين هم من خارج المنطقة.

وتفتح مدينة حيس التاريخية ومنازلها وأبوابها لكافة الضيوف، وتحرص الاُسر في كل بيت على إقامة تناول وجبة العشاء، ويرتدي الأطفال والنساء والرجال الملابس الجديدة، ويأتي إليها الزائرون أفرادا وجماعات من معظم المناطق اليمنية. 

الأطفال يجتمعون للعب والمسابقات والفرحة تملأ قلوبهم بهذا اليوم، وتجتمع النساء في البيوت، ويذهب الرجال إلى المبارز لتناول القات ويبدأ فيها السمر، والتي تختلف فيها أشكال الاحتفاء، لكنها تجمع على ذكر الحبيب محمد والصلاة على صاحب الإسراء والمعراج.

تضج المبارز بقراءة الأحاديث النبوية، ويحيون ذكرى هذه الليلة المباركة، بالتواشيح والأناشيد الدينية وقصائد المديح، التي تتناول هذه المناسبة وعظمة حادثة الإسراء والمعراج، ويكون لبخور العود والرياحين الزكية حضورها، ليتشارك الجميع في هذه المناسبة الابتهاج والذكر العاطر.

وبعد منتصف الليل، تقام فعاليات المعراج التي هي عبارة عن مهرجان شعبي وكرنفالي متميز، والتي يتم فيه الرقصات الشعبية ويستمر حتى الساعة 3 والنصف فجراً ويسمح للأطفال بالخروج، ويسعد به جميع الأهالي والضيوف الزائرين، وتعم البهجة كافة المدينة.

 وحين يرفع أذان الفجر الكل يتوجه للمساجد لأداء الفريضة، وبعدها الكل صغاراً وكباراً أهالي وزائرين يتوافدون بالآلاف في مشهد كبير وزخم جماهيري يليق بهذه المناسبة، متجهين نحو ساحة واسعة تقع شرقي المدينة، تسمى بـ"التصبيحة".

ففيها يجتمع كل الجمع، وتقام فعالية للفروسية (سباق الخيول) حتى الساعة السابعة صباحاً بعد أن تطل الشمس بوجهها وتتجاوب أصوات الطبول لتتناغم معها رقصات الخيول، فيعود الأهالي إلى المنازل، فيصبح نهار حيس وكأنه يوم من أيام شهر رمضان، فالكل نائمون بعد قضاء الليلة الماضية في السمر، وسخروا أنفسهم لقراءة واستذكار الأحاديث النبوية.

عادات وتقاليد للمناسبات والطقوس الدينية في تهامة وبلداتها وحيس على وجه الخصوص، لا تزال سارية إلى اليوم، ولا يزال الأهالي يقيمون هذه المناسبات والليالي الفضيلة، في ظل أوضاع صعبة وظروف معيشية واقتصادية متدهورة تعيشها البلاد جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون في البلاد منذُ أكثر من سبع سنوات.