تغلب على إعاقته وحقق طموحه بدراسة اللغة التي حلم بإتقانها

المخا تهامة - Wednesday 09 March 2022 الساعة 08:39 am
الحديدة، نيوزيمن، إشراق عمر:

علي محمد بحصان، شاب ثلاثيني، قضى معظم سني عمره في صراع مع الإعاقة في أطرافه، وفقر مدقع حَرَمه الكثير من الفرص، لكن إرادته القوية مكنته من التغلب على ظروف المرض وتحقيق أحلامه.

"جئت إلى هذه الحياة معاقاً، لم أكن قادرا على المشي أو تحريك يدي اليمنى"، بهذه الكلمات يستهل علي حديثه عن مشواره الطويل مع الإعاقة والألم، حيث يعاني من ضمور شديد في يده اليمنى، أما قدمه اليمنى، فقد كانت شبه معاقة، فلم يكن يستطيع المشي جيداً في سنوات طفولته الأولى.

أمضى علي طفولة قاسية في كنف والده، وأمٍّ غير قادرة على فعل شيء سوى الدعاء، وسبعة أشقاء أطفال هو الأكبر من بينهم، جميعهم ينتظرون من يغيثهم بقوت يومهم، فقد كان والده يعمل في السلك العسكري بمرتب بسيط، كما هو حال الكثير من أفراد الأمن منذ عقود، ووضعهم المادي سيئٌ للغاية، الأمر الذي منع تلقّي علي للرعاية الصحية حينها، وتسبب في تفاقم وضعه الصحي.

يقول علي، "عشنا طوال عمرنا في ظروف صعبة للغاية، كنا بالكاد نستطيع توفير لقمة العيش، وعندما بلغت من العمر 9 سنوات بدأ الألم يزداد في يدي وقدمي أكثر".

نقل علي بعدها إلى المستشفى ليخضعَ للعلاج؛ إذ لم يكن الأمر مجرد إعاقة فقط، لقد كان ورماً خبيثاً في طريقه لأخذ حياته، وأجريت له المعالجة اللازمة، واستئصال الورم، لكن أعصاب يديه ورجله كانت قد تلفت، وتطورت على إثرها إعاقة، وأصبحت يده ورجله غير قابلة للنمو مستقبلاً بحسب حديث الأطباء.

على الرغم من كل المعاناة المتوالية على جسده، إلّا أنه واصل دراسته، وأصبح شغوفاً بدراسة اللغة الإنجليزية لدرجة كبيرة للغاية.

يقول: "منذ بداية دراستي للإنجليزية أحببتها كثيراً، وكان تعلُّقي بها يزداد مع مرور السنوات، حتى صار حلمي أن ألتحق بدراستها".

لم تكن إعاقة علي ولا فقره كفيلين بتحطيم عشقه للغة الإنجليزية والالتحاق بدراستها في مرحلة البكالوريوس، لدرجة أنه كان يبيع علب المياه المعدنية في حرّ الشمس، ليوفر لنفسه مصاريف الدراسة الجامعية.

ويواصل علي حديثه: "لم يكن هناك شيء يمنعني من تحقيق حلمي، لقد سخّرت كل طاقتي من أجله، والحمد لله أنني وصلت، وما زال طموحي يكبر يوماً بعد يوم".

أنهى علي دراسته الجامعية في كلية التربية بجامعة الحديدة متحدِّياً لكل عقبات الحياة، مطوِّعاً إعاقته في سبيل طموحه المنشود، إذ واصل مشوار التحدي وعمل متطوعاً في تدريس اللغة الإنجليزية بإحدى المدارس في حي الشهداء بالحديدة لشغفه وحبه لهذا المجال، فلم يكن يحصل على أي عائد مادي مقابل عمله في التدريس، إنما رغبته في الاستمرار لتنمية مهاراته كانت حافزاً ودافعاً له في أداء هذا العمل حالياً رغم عدم توافر المستحقات المالية.

في العام 2018م ومع دخول الحديدة ضمن مناطق الحرب الدائرة في اليمن، نزحت أسرة علي إلى إحدى المناطق القريبة من وادي مور حيث موطنهم الأصلي، وبقي هو فقط في الحديدة.

"بعد أن نزح أهلي بسبب الحرب، اضطررت للعيش في الحديدة بمفردي، في غرفة لا يوجد فيها أدنى مقومات الحياة، ولكن عزيمتي مستمرة، ولن أترك حلمي في مواصلة الدراسات العليا".

يحلم علي بدراسة الماجستير والدكتوراه، ولكن الأوضاع المعيشية في البلاد، وما يعانيه هو -بشكل خاص- من ظروف منعته من ذلك، لا سيما أنه حتى الآن لم يحصل على فرصة عمل ذات مردود مادي تساعده على تحقيق طموحه بالالتحاق بالدراسات العليا.

يعد علي نموذجاً من بين آلاف الفئات المنسية التي لم تعد تقوى على مجابهة الواقع الأليم، فبعد أن فقد الكثير منهم سبل الرعاية أصبحوا مجبرين على أن يشقّوا طريقهم لتحقيق أحلامهم، في وطن بات فيه كل المواطنين يترنحون من الفقر والمجاعة التي لم يشهد لها اليمن نظيراً في تاريخه، فكيف لمعاقٍ أن يجتاز كل ذلك على إعاقته؟!!