جنائز ونزوح وفقر.. "كَرِش" و"الشريجة" بعدما حولها الحوثي إلى حقل ألغام
تقارير - Saturday 13 August 2022 الساعة 07:54 amيعيش سكان "كرش والشريجة"، الواقعتين بين محافظتي لحج وتعز، وسط حقل ألغام مفتوح، منذ أزيد من 7 سنوات، فهاتان المنطقتان من أكثر المناطق اليمنية التي فخختها مليشيا الحوثي بالألغام والعبوات المتفجرة.
فبعد هزيمتهم السريعة في عدن ولحج وقاعدة العند، تراجع الحوثيون إلى هاتين المنطقتين، وقد فقدوا القدرة على القتال تحت ضربات المقاومة الجنوبية المسنودة بالتحالف العربي، في حين كانوا يتخوفون من انتقال المعارك إلى مديريات جنوب وشرقي محافظة تعز، وبالتالي لجأوا إلى عملية تفخيخ واسعة لـ" كرش والشريجة" كخيار إجرامي لإعاقة القوات المندفعة من أقصى الجنوب.
وأوقعت ألغام الحوثيين عشرات الضحايا المدنيين في لحج، بين قتلى وجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، خلال السنوات الأخيرة، كما سببت إعاقات دائمة لعشرات آخرين.
كما تحولت مساحات وأراض واسعة في مناطق كرش والشريجة والضاحي، إلى حقول موت مع فائض الألغام التي خلفتها مليشيا الحوثي، في الطرق العامة وفي المناطق السكنية وفي مزارع الأهالي.
وتراجع النشاط الزراعي في تلك المناطق، بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة، بعدما حول الحوثيون مساحات خصبة، إلى حقول للألغام والمتفجرات، إذ وجد السكان أنفسهم مجبرين على إيقاف أنشطتهم في الحقول الزراعية تحت ضغط الخوف من الألغام، وبالنتيجة تصحرت المزارع واضطرت العديد من الأسر إلى الرحيل عن قراها طلبا للقمة العيش.
القاتل الحوثي الخفي.. خطر مستمر
تحدث منصور علي سيف مدير الوحدة الصحية في كرش لـ"نيوزيمن" عن معاناة سكان المنطقة من الألغام والعبوات المتفجرة التي زرعها الحوثيون، قبل طردهم بعملية عسكرية.
وقال سيف إن مليشيا الحوثي تعمدت زراعة أعداد كبيرة من الألغام في منطقة "كرش"، وإلحاق أكبر قدر من الأذى بالمدنيين.
وتطرق المسؤول الصحي، إلى ضحايا الألغام وقال إنه في مايو الماضي قتلت فتاتان في قرية قداش بمنطقة الضاحي شمالي لحج، بينما لقت ثالثة تدعى صباح سالم غالب حتفها بانفجار لغم حوثي في منطقة الحويمي أثناء ما كانت تقوم برعي الأغنام.
وسرد "سيف" أسماء عشرات المدنيين من أهالي "كرش" الذين قضوا بألغام مليشيا الحوثيين في الفترة الماضية، بينهم نساء وأطفال، لافتا إلى أن هناك أسرا فقدت أكثر من شخص بسبب القاتل المدفون تحت الأرض.
ولفت إلى وجود عشرات المدنيين نجوا من الموت بانفجارات ألغام وعبوات أرضية لكنهم أصبحوا يعانون من إعاقات دائمة (مبتوري أطراف).
وقال المسؤول الصحي بلحج في سياق حديثه لـ"نيوزيمن"، "ما زالت مناطق الشريجة والضاحي مفخخة بمئات الألغام والعبوات ومن الضروري أن تقوم الجهات المعنية بنزعها لأن السكان معرضون للمخاطر."
وأشار إلى أن بقاء الألغام التي تركها الحوثيون يصعب حياة السكان في عديد من القرى والمناطق شمالي محافظة لحج.
الحوثيون مستمرون بزراعة الألغام
بدوره يقول الناشط الإعلامي ماجد شائف الطاهري، إن ما أقدمت عليه مليشيات الحوثي من زراعة آلاف الألغام قبل طردها من منطقة كرش الحدودية بين لحج وتعز تسبب بمأساة للسكان.
وأكد الطاهري في حديث لـ"نيوزيمن"، أن المليشيات الحوثية ما زالت تتسلل لمناطق كرش والشريجة والضاحي، لزراعة ألغام فردية على امتداد المنافذ والطرق المرتبطة بمديرية خدير في محافظة تعز، وقرى جبال حمالة وقداش والسحي والشريجة.
وأضاف، "يتزايد ضحايا الألغام في مناطق كرش، فخلال هذه الفترة خرج أطفال صغار لرعي أغنامهم (لم يوضح عددهم) وعادوا أشلاء متناثرة، في أحد الشّعاب".
وقال إن ألغام الحوثيين حرمت المزارعين من محاصيل مزارعهم وهذا ضاعف من ظروف الفقر والجوع لدى السكان، منوها أن الكثير من أبناء تلك المناطق أصبحوا مشردين ونازحين في كرش وعقان والعند وصبر لحج وعدن".
وأشار إلى أن المشروع السعودي "مسام" كان قد نفذ عمليات نزع للألغام في المنطقة، لمدة عام، لكنه توقف حيث لم تستطع فرقه استكمال العمل، بسبب امتداد حقول الألغام على مساحات شاسعة بين محافظتي لحج وتعز.
ورأى ان مشكلة الألغام ستستمر في مناطق كرش وغيرها، ومن الضروري توفر الدعم المالي الكافي والوسائل الحديثة من قبل الخبراء لكشف أماكن تواجدها، وإرسال عدة فرق متدربة ووضع خطة شاملة لجميع المناطق، التي يُشك أو يُؤكد تواجد الألغام فيها للقيام بعملية المسح الميداني واستخراجها.
نزوح مستمر
بدوره لفت الدكتور نضال جليل إلى الوضع المقلق في كرش والشريجة بعدما فخختهما مليشيا الحوثي بآلاف الألغام لقرب المنطقتين من الخط الأسفلتي الرابط بين عدن وتعز.
وأوضح "جليل" أن أكثر المناطق المفخخة بحقول الألغام في كرش والشريجة، والتي حصدت العديد من المدنيين هي (التعابرة والسحي وقداش، والمشجورة وابجر واللصب العلوب) إضافة إلى (الدخينة والرهاو والحبيل الابيض والشعيب ونجد المرزاع).
وأكد أن الخسائر الكبيرة التي أوقعتها ألغام الحوثي في صفوف سكان المنطقتين، دفعت بالكثير منهم إلى ترك قراهم والنزوح مع أسرهم وأطفالهم إلى مناطق ومدن بعيدة هرباً من شبح الموت.