الانتقام لـ"حسين" أكثر ما يشغلهم.. حقد قديم وراء فظائع الحوثيين بحق اليمنيين
تقارير - Tuesday 30 August 2022 الساعة 08:47 am"لم تروا شيء والأيام الأسوأ عادها بتجي (تأتي).. هل كنتم تعتقدون حين أيدتم عفاش (الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح) في حربه علينا في صعدة وقتله سيدي حسين بدر الدين الحوثي حفيد رسول الله سيمر دون رد أو انتقام؟ نحن أقسمنا أن ننتقم أشد الانتقام، وها هي فرصتنا وسنأخذها حتى آخرها".
بهذه الكلمات ردت إحدى النسوة الحوثيات المجندات فيما تسمى الزينبيات (الكتيبة النسائية المسلحة داخل مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن) على امرأة يمنية، انتقدت –في أحد اللقاءات النسوية بصنعاء- الأوضاع المتردية التي وصل إليها اليمنيون في ظل حكم الحوثيين.
هذا الموقف الذي أفصحت عنه تلك المرأة الحوثية "الزينبية" تكرر أيضاً على لسان قيادات حوثية ذكورية في أكثر من مكان ومناسبة وإن بصيغ مختلفة لكنها في المجمل تحمل مضونا واحدا مفاده أن ممارسات ذراع إيران التجويعية وانتهاكاتها بحق المواطنين في مناطق سيطرتها مدفوعة بنزعة انتقامية قديمة من الموقف الشعبي المؤيد للدولة وسلطاتها إبان فترة حكم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، من تمرد الجماعة بصعدة والذي انتهى بمقتل مؤسسها الصريع حسين بدر الدين الحوثي.
هذه التوجهات الحوثية الانتقامية باتت اليوم أكثر وضوحاً في كل الممارسات التي تنفذها ذراع إيران في مناطق سيطرتها ضد الناس وبأساليب وأشكال مختلفة ومتنوعة.
اغتيال صالح.. نموذج للحقد والانتقام
ويجمع المراقبون على أن ذراع إيران في اليمن لجأت لاستخدام كل الأساليب الانتقامية من المواطنين سواء اكانوا خصوما سياسيين لها، أم ممن لا يؤيدونها، أو أولئك الذين واصلوا البقاء في مناطق سيطرتها ولكنهم رفضوا الانخراط في ممارساتها، بل وصلت سياسات الانتقام حتى ضد اولئك الذين ايدوها من القيادات السياسية.
ويدلل المراقبون في حديثهم لنيوزيمن على الطريقة التي تعاطت بها المليشيات الحوثية مع المؤتمر الشعبي العام ورئيسه السابق علي عبدالله صالح الذي حاول جر المليشيات إلى مربع الدولة والاحتكام إلى مؤسساتها والعمل وفقا للدستور والقانون والنظام في التعامل مع شؤون الناس ومصالحهم من خلال الاتفاق الذي وقع بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين في يوليو 2016م وتم بموجبه إلغاء ما تسمى باللجنة الثورية العليا واللجان التابعة لها والتي كانت تدير عبرها المليشيات السلطة بعد انقلابها، واستبدال ذلك بما يسمى بالمجلس السياسي الاعلى، وتشكيل حكومة انقاذ وعودة مجلسي النواب والشورى لمزاولة سلطاتهما بعد ان كانت المليشيات حلتهما بعد انقلابها وسيطرتها على صنعاء في 21 سبتمبر 2014م.
وأشاروا إلى أن صالح وقيادات المؤتمر حاولوا وعلى مدى أكثر من عام ونصف التعاطي مع مليشيات الحوثي بمنتهى التعامل الإيجابي والسعي لإقناع المليشيات بإدارة شؤون الدولة عبر الاحتكام إلى نصوص دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة، وعدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها إظهار ان ما يحدث في صنعاء وبقية مناطق سيطرة المليشيات هو إجراءات انفصالية، فضلا عن محاولة صالح والمؤتمر استخدام كل الطرق للحفاظ على الوظيفة العامة للدولة في اطار المعايير المتبعة دستوريا وقانونيا، ومنع الاقصاءات للكوادر الوطنية، أو تعيين عناصر خارج اطار المعايير التي ينص عليها قانون الخدمة المدنية، لكن كل تلك المحاولات ذهبت ادراج الرياح حيث اصرت المليشيات الحوثية على تنفيذ سياساتها واجراءاتها التي تتعارض كليا مع نصوص دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة ومع مفاهيم وقيم ومبادئ المواطنة المتساوية.
وأكدوا أن ذراع إيران مضت في الكشف عن وجهها الامامي القبيح، وحقدها على النظام الجمهوري والثورة اليمنية، وسياساتها العنصرية، وتوجهاتها المذهبية، بشكل ظل يتزايد يوما عن اخر وصولا إلى مرحلة الانقلاب الكامل على الاتفاق بينها والمؤتمر، وهو الأمر الذي اضطر الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح لإعلان الثورة عليها في 2 ديسمبر 2017م رغم إدراكه أنه يخوض معركة غير متكافئة بالنظر إلى سيطرة المليشيات على كل إمكانيات الدولة، لكنه فضل أن يثور عليها ما ادى إلى استشهاده ورفيقه عارف الزوكا على ايدي المليشيات الحوثية في 4 ديسمبر 2017م.
سياسات انتقامية عدة تكشف الحقد الحوثي
ومنذ انقلابها في 21 سبتمبر 2014م، وما تلاها وخصوصاً ما بعد استشهاد صالح ورفيقه الأمين عارف الزوكا وتفرد ذراع إيران بشكل كامل بالقرار تصاعدت السياسات الانتقامية الحوثية ضد الناس بشكل لافت.
ويجمع المراقبون على أن المليشيات الحوثية بدأت مؤشرات سياساتها الانتقامية بعمليات اقتحام ونهب وتفجير منازل خصومها السياسيين أو العسكريين، مرورا بالانتهاكات والاعتقالات التعسفية للمواطنين وزجهم في المعتقلات بتهم كيدية واصدار احكام اعدام وتنفيذها بحق البعض، ومصادرة منازل وممتلكات خصومها دون أي مسوغات قانونية، واقصاء وطرد الموظفين واستبدالهم بعناصر من مليشياتها بعيدا عن أي اعتبارات لأي نصوص دستورية أو قانونية خاصة بالوظيفة العامة، وقطع مرتبات الموظفين وسرقتها، في الوقت الذي تواصل فيه ذراع إيران ممارسة وفرض جبايات خارج كل النصوص الدستورية والقانونية وتحويلها إلى حسابات ومصارف خاصة بها.
وتتواصل السياسات الانتقامية الحوثية ضد الناس، حسب المراقبين، إلى قيام المليشيات بإصدار قوانين ولوائح جديدة انفصالية تماما عن دستور الجمهورية اليمنية، مرورا بالتعديلات التي ادخلتها على مناهج التعليم والتي ضمنتها أفكارا وتوجهات عنصرية ومذهبية خاصة بها، ناهيك عن التعيينات العائلية من أسرة زعيم المليشيات والتي باتت تتحكم بكل مفاصل وسلطات الدولة المهمة والحساسة في سلطة المليشيات، وليس انتهاء بعمليات النهب المتعمد والممنهج لأراضي المواطنين بحجج ومبررات أنها أوقاف، وصولا إلى قيامها بسرقة أموال الزكاة والأوقاف وجبايتها بطرق غير دستورية وغير قانونية لصالحها.
ويؤكد المراقبون، أن ذراع إيران ستواصل ممارسة سياساتها وإجراءاتها الانتقامية بحق المواطنين والناس الذين يعيشون في إطار مناطق سيطرتها ليس فقط انطلاقا من كونها تنتقم من مواقفهم المؤيدة لإجراءات الدولة وجيشها إبان حكم الرئيس صالح ضد تمردها فحسب، بل ولأن ذراع إيران تحمل في فكرها وأيديولوجياتها فكرا عنصريا انتقاميا ضد الناس الذين ترى أنهم مجرد خدم وعبيد لأبناء سلالتها التي تدعي أفضليتها بالنسب.