تهديد الطاقة والملاحة الدولية.. ثمار تبرئة الغرب للحوثي من الإرهاب
تقارير - Wednesday 05 October 2022 الساعة 09:08 pm"سنضع قول أمريكا تحت أقدامنا".. عبارة وردت ضمن تغريدة للقيادي الحوثي محمد البيختي، أمس الثلاثاء، هاجم فيها مواقف الولايات المتحدة الأمريكية الأخيرة والتي أدانت فيها تعنت جماعته وتسببها في إفشال تمديد الهدنة في اليمن.
التعليق المهين للقيادي الحوثي يلخص ما حصدته سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن حول اليمن من رهانها بسهولة تخلي جماعة الحوثي عن أوهام القوة والحرب للدفع بإيجاد حل سياسي ينهي الصراع في البلد والذي أشعلته الجماعة بإسقاطها للدولة أواخر 2014م.
رهان دشنه بايدن في أيامه الأولى لتوليه السلطة مطلع 2021م بإعلانه اولاً وقف الدعم العسكري للتحالف العربي في اليمن الذي تقوده السعودية وتبعه بإلغاء قرار سلفه دونالد ترامب بوضع جماعة الحوثي في قائمة الإرهاب، وعزز ذلك بتعيين ليندركينج مبعوثا خاصا إلى اليمن "بهدف تعزيز الجهود الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة للتفاوض لإنهاء الحرب" كما قالت إدارته يومها.
سياسة بايدن حول اليمن جاءت في سياق تغيير واسع للحزب الديمقراطي ضد سياسة الرئيس الجمهوري السابق ترمب في ملفات عدة وعلى رأسها إيران والدخول في مفاوضات للعودة الى الاتفاق النووي الذي ابرمته أمريكا مع إيران عام 2015م واعلن ترامب الانسحاب منه عام 2018م.
خطوات بايدن حول الصراع في اليمن والتي قُرئت بأنها رسالة تشجيع الى النظام الإيراني لإنجاح المفاوضات حول الاتفاق النووي، حظيت بتأييد من دول الاتحاد الأوروبي التي كانت من أشد المعارضين لقرار ترامب بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وزعم بيان للاتحاد الأوروبي حينها بأنه "سيعقد جهود تسوية النزاع في اليمن".
موقف دول أوروبا بما فيها بريطانيا المعارض لتصنيف الحوثيين ينسجم مع موقفها المهادن للنظام الإيراني وسياسته التخريبية في المنطقة العربية، ومعارضته لسياسة الرئيس الأمريكي السابق ترامب للتصدي لها ولقراره بالانسحاب من الاتفاق النووي معها.
الرهان الغربي بنجاحه في جر النظام الإيراني وأذرعه في المنطقة (ومنها الحوثي) الى مربع السلام عبر الحوار والمفاوضات واتباع سياسة الجزرة (المكاسب السياسية والاقتصادية) والتخلي عن سياسة العصا (العقوبات والردع)، اثبت فشله بشكل واضح سواءً مع النظام أو مع اذرعه في المنطقة.
فالمفاوضات مع النظام الإيراني لإحياء الاتفاق النووي في العاصمة النمساوية فيينا تجاوز عمرها العام والنصف دون أي نتيجة تذكر جراء كثرة الشروط والمراوغات التي يمارسها وفد النظام المفاوض بهدف افشالها مع كل مرحلة يتم الإعلان فيها عن قرب التوصل الى اتفاق.
وذات الأمر ينطبق على ما تمارسه ذراع إيران في اليمن المتمثلة في جماعة الحوثي مع المحاولات الغربية المستمرة منذ مطلع العام للدفع نحو الوصول الى مفاوضات شاملة لإنهاء الصراع في اليمن، عبر تثيبت اتفاق الهدنة كمنطلق لهذه المفاوضات الا أنها باتت اليوم مهددة بسبب رفض الجماعة للمقترح المقدم من المبعوث الأممي لتمديدها لستة اشهر بدلاً من شهرين.
ولم تكتف الجماعة بإفشال محاولات تمديد الهدنة بل إنها سارعت الى التهديد باستهداف الشركات النفطية العاملة في دول الخليج واستهداف حركة الملاحة البحرية الدولية عبر السواحل المسيطرة عليها بذريعة "نهب ثروات اليمن النفطية"، ما يهدد بمضاعفة أزمة الطاقة الحالية بالعالم ويرفع من أسعارها وهو اقسى ما يتخوف منه الغرب وتحديداً دول أوروبا.
هذه المخاوف انعكست بشكل واضح في حجم الادانات اللافتة وغير المسبوقة التي صدرت من قبل أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ضد تصرفات جماعة الحوثي ووصلت الى التلويح باتخاذ إجراءات ضدها، وهو ما يدل على حجم الخيبة التي منيت بها هذه الدول من رهانها على امكانية قبول جماعة الحوثي بفكرة السلام والحل السياسي.
فشل الرهان الغربي يجعل من تصريحاته اليوم لإدانة الحوثي، إدانة للأنظمة الغربية بالمقام الأول لإصدارها شهادة براءة للحوثي من الإرهاب برفعه من قائمة المنظمات الإرهابية رغم كل ما ارتكبه بحق اليمنيين من جرائم، وهو ما يستوجب التكفير عن هذا الخطأ بإعادة توصيف الحوثي على حقيقته كجماعة إرهابية يجب مواجهتها وليس التفاوض معها.