عسكرتها الفرقة وشرَّد الحوثي أساتذتها وقمع طلابها.. جامعة صنعاء في وجه "الرجعية"
تقارير - Thursday 06 October 2022 الساعة 08:26 amبدأ حرم جامعة صنعاء مسرحًا للعبث مع ثورات الربيع العربي 2011، تم تحويل فناء كلية الآداب للتدريبات العسكرية وجزء من مباني الأقسام إلى سكن للقيادات والأفراد رغم أن أحد شعارات الثورة التي كان يرفعها الثوار "لا لعسكرة الجامعة".
بين عامي 2011 و2012 تحولت جامعة صنعاء إلى ثكنة عسكرية تتبع الفرقة الأولى مدرع، إلى جانب الشوارع والمداخل المجاورة وبعض مباني المواطنين ودور العبادة شرقا باتجاه شارع العدل التحرير وغربا شارع الستين وجنوبا الدائري مع شارع الزبيري.
اضطرت يومها عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية لنقل مراكز الامتحانات والمحاضرات إلى مبنى المعهد التركي في شعوب جوار مبنى الكنترول بقيادة العميد د. حسن الكحلاني الذي تم الاعتداء عليه من قبل جنود وأفراد ينتمون للثورة واتحاد طلاب الإصلاح والذي توفي لاحقا في 2016 نتيجة تسمم غذائي أدخله العناية المركز لأكثر من شهر.
كانت تلك مجرد فاتحة لعبث استمر حتى وصول مليشيا الحوثي إلى السلطة عقب اجتياح صنعاء أواخر العام 2014، والمفارقات العجيبة أن حرم جامعة صنعاء وإدارتها وطلابها من الجنسين كانوا أول الضحايا أمام الثوار الجدد القادمين من عمران وصعدة.
نفس الممارسات
بدأت نزعة نشر الفضيلة تجوب ساحات الجامعة وممراتها والأقسام، وعيون الرقيب تتفحص أشكال الطالبات مقاسات العبايات الاكمام الازرار والسحابات وخيوط يتم ربطها على الخصر وغطاء الرأس وما تحته.
تم تجهيز وإعداد وتدريب مجموعة من الشباب والزينبيات من أجل الاصطدام مع الطلاب متى ما استدعى الأمر وقمع أي احتجاجات ليصل الأمر إلى اقتحام سكن الطلاب والطالبات.
الأهم هنا أن قيادة اتحاد الطلاب الجديدة التي مُنحت كامل الصلاحيات والدعم من الحوثيين بدأت بممارست العنف ضد قيادة اتحاد طلاب الإصلاح وتم اعتقال العديد منهم وتعذيبهم.
بعدها بدأ مسلسل الاعتقال ليشمل المدرسين من الأكاديميين وأحيانا أولادهم، إما لمطالبتهم ببعض المستحقات أو بسبب انتماءاتهم الحزبية والفكرية.
تعذيب نفسي وجسدي
مثلت حوادث اعتقال أكاديميين وتعذيبهم نفسيا وجسديا ومنع بعضهم من تناول الأدوية الخاصة بأمراض مزمنة حالة خطيرة حيث توفي أكثر من ثلاثة أكاديميين بعد خروجهم من المعتقل.
الأمر الأخطر محاكمة بعضهم وطرد آخرين إلى الشارع مع أولادهم من سكنهم بحجة أنهم خرجوا عن الخدمة، بعضهم له في التدريس ما يقارب 40 عاما أمثال يوسف محمد عبدالله أستاذ التاريخ والآثار المخضرم وغيره العشرات.
تم تغيير رئيس الجامعة وعمداء الكليات ونهب مقدرات وميزانية العديد من الأقسام والمعدات بما فيها الأقسام الطبية مثل كلية الصيدلة، وفرض رسوم باهظة وشروط مجحفة على الطالب والمدرس ما دفع الكثير إلى ترك التدريس والهجرة.
توفي بين 2014 و2021م ما يقارب الـ130 أستاذًا جامعيًا من جامعة صنعاء فقط ومن مختلف الأقسام والكليات نتيجة ظروف الحرب وانقطاع الرواتب والضغوط النفسية والاعتقالات.
المواجهة لم تكتمل
لم يكن "نادي الخريجين" سوى آخر الأوراق التي من خلالها أرادوا استكمال حلقة الوصاية على المجتمع عموما وتدجين الطلاب والطالبات وإلغاء دور المُدرس الجامعي، حيث أصبحت لجنة النادي هي من تتصدر مشهد الاحتفالات وتفرض شروطها التي تم نشر غسيلها في وسائل التواصل الاجتماعي.
رغم تلك الحملة التي عرت عقول هذه الجماعة وهذا المسمى بـ"نادي الخريجين" إلا أن هناك خيبة أمل كبيرة بأن الأمر لن يغير شيئا لأن أصل المشكلة تبدأ من رأس السلطة ومن زعيم العصابة ومنطقه وليس من مجموعة مراهقين قرروا في لحظة ما عمل نادٍ لمراقبة نوايا الناس وأفراحهم، والتخوف أن هذه الحملة يكون لها ردة فعل سلبية ترفع من معاناة الطلاب أكثر.
تلك التصرفات إجمالا انعكست على باقي الجامعات الحكومية والأهلية في محافظات تعز وذمار واب والحديدة وعمران وحجة والمحويت دون استثناء، الهدف منه تحويل المشهد بشكل كلي إلى المشروع الحوثي الجديد القادم من إيران الداعم الأكبر لهذه المليشيا.
تأسست جامعة صنعاء كمؤسسة وطنية جمهورية رائدة لتحديث التعليم والفكر والثقافة، وبدأت صراعاتها مبكرا ضد جماعات الإسلام السياسي، وشهدت الكثير من المعارك منذ تأسيسها بدعوى حماية الدين من العلم، ولن تنسى هذه الجماعات لهذه الجامعة دورها ضد الإمامة بكل تنظيماتها.