قبائل الجوف.. شرارة "غضب" وسط خزان "مفخخ" بالانتهاكات الحوثية

تقارير - Sunday 13 November 2022 الساعة 02:43 pm
الجوف، نيوزيمن، خاص:

سلطت المواجهات الأخيرة، التي شهدتها محافظة الجوف، الضوء على المشهد "المفخخ" بين قبائل المحافظة ومليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، جراء ممارساتها وانتهاكاتها منذ سيطرتها عليها قبل نحو عامين.

وسيطرت المليشيات على أغلب مديريات المحافظة وتجمعاتها السكنية بدون قتال يذكر، عقب انسحاب قوات الشرعية والخاضعة لسيطرة الإخوان في مارس عام 2020م بقيادة المحافظ السابق أمين العكيمي، ما تسبب في نزوح نحو ربع مليون مدني من ديارهم في الجوف إلى مأرب والمناطق المجاورة، هرباً من بطش المليشيات.

نزوح جاء رغم الوعود "الوردية" التي أطلقتها المليشيات لقبائل وسكان المحافظة لضمان ولائهم وعدم مقاومتهم لسيطرتها، مع انسحاب قوات الشرعية، لكن سرعان ما تبين كذبها بالأيام الأولى لبسط ذراع إيران سيطرتها على المحافظة، لتؤكد أن الوضع فيها لن يختلف عن وضع باقي مناطق سيطرة المليشيات.

ووفق مصادر محلية، فقد دشنت المليشيات جرائم الانتهاكات والتعسفات والجرائم بحق الأهالي والقبائل منذ الأيام الأولى لسيطرتها على المحافظة، وابتدأتها بحملات اختطاف انتقامية واسعة في مدينة الحزم عاصمة المحافظة شملت النساء والأطفال بحجة صلة قرابتهم من المقاتلين في صفوف الشرعية، مع مداهمة نحو 90 من منازل المواطنين وتفجيرها لعشرات المنازل.

كما سارعت المليشيات حينها إلى مصادرة أموال المواطنين من الطبعة الجديدة وشنت حملات مكثفة على المحال التجارية المختلفة لنهب العملة وأغلقت سوق الذهب وفرضت جبايات باهظة ما تسبب بتدهور مريع للوضع المعيشي للمواطنين، كما تسببت المليشيات في انهيار تام للخدمات الأساسية التي كانت متوفرة أثناء سيطرة الشرعية على المحافظة.

حيث عطلت ذراع إيران كافة الخدمات في مدينة الحزم، بما فيها إيقاف الخدمات الصحية بمستشفى الجوف العام بالمدينة، الذي كان يقدم خدماته لنحو نصف مليون شخص، بالإضافة إلى تحويل المقرات الحكومية والتعليمية لثكنات عسكرية لعناصرها، ما عطل مهامها وخدماتها للمواطنين.

وفي قطاع الكهرباء، أوقفت المليشيات الدعم الحكومي لمحطة الكهرباء وحولتها إلى قطاع خاص مع رفع سعر الكهرباء بشكل مضاعف وتخفيض ساعات التشغيل من 24 ساعة إلى نحو 6 ساعات يصاحبها إطفاءات متكررة تصل في كثير من الاحيان إلى انقطاعها لأيام متتالية، ما ألحق اضراراً مادية ومالية بالمزارعين والتجار وأصحاب المحلات والمهن تقدر بمليارات الريالات وطال الضرر أكثر من 300 ألف شخص.

ولم يقف ضرر المليشيات على سكان المحافظة عند هذا الحد، حيث تشير تقارير حكومية إلى أن الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها تسببت بمقتل وإصابة 910 أشخاص من أبناء الجوف بينهم نساء وأطفال منذ سيطرتها على المحافظة.

وإلى جانب ذلك، تعمدت المليشيات التعامل بإجراءات تعسفية واستفزازية مع قبائل المحافظة بهدف إذلالها وإخضاع بالقوة، وتنوعت تلك الإجراءات ما بين اعتقال عدد من أبناء القبائل بذرائع واهية وأحيانا بدون سبب كما حدث مع أبناء قبائل بني نوف ودهم والمرازيق، ووصل الأمر إلى قتل عدد منهم في نقاط التفتيش التابعة للمليشيات خلال فترات متفاوتة وإيقاف قاطرات الوقود التابعة لأبناء القبائل.

ووصل المشهد إلى ذروته مؤخراً بمحاولة المليشيات البسط على أراض تعود ملكيتها لقبيلة همدان بالقرب من الحزم عاصمة المحافظة، وهو ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الميليشيات ومسلحين من أبناء القبيلة خلفت قتلى وجرحى واعطاب طقمين ومدرعة تابعة للحوثيين، في رد عنيف ربما لم تتوقعه قيادة المليشيات.

وترى مصادر قبلية بأن ردة الفعل التي ابتدأتها قبائل همدان تعكس حالة الغضب المتصاعد في أوساط قبائل الجوف ضد ممارسات وانتهاكات مليشيات الحوثي، واحتمالية خيار انتفاضة قبلية شاملة ضد المليشيات.

مشيرة إلى الخطوة التي أقدم عليها مشايخ ووجهاء قبائل دهم واشراف الجوف المنتمين لقبائل (ذو حسين، والفقمان، وهمدان، وبني نوف، والمحابيب، واشراف الجوف) أكبر قبائل الجوف بالتوقيع على وثيقة "العهد القبلي" والتي تحتوي عهداً معمداً وممهوراً بالدم، لمواجهة أي اعتداء قد يطالها، في خطوة أرعبت قيادة مليشيات الحوثي.

حيث كشفت المصادر بأن قيادة جماعة الحوثي سارعت بإرسال القيادي مشرف المليشيا في الجوف محسن قعشم لتحكيم قبليا قبيلة ‎همدان والاعتذار لها نيابة عنها باعتبار أن ما حدث تصرفات فردية سيتم محاسبة المسؤولين عنها.

وهو ما يعكس حجم مخاوف الجماعة من سيناريو عودة سقوط المحافظة من يدها وما يشكله ذلك من ضربة موجعة لها نظراً للأهمية الاستراتيجية لموقع الجوف الجغرافي من حقول النفط والغاز في مأرب، ولموقعها الهام الذي حولها إلى منصة مثالية لصواريخ ومُسيرات الحوثي نحو الداخل اليمني ودول الجوار.