لأول مرة في صنعاء.. غياب المشاهدة الجماعية لكأس العالم
تقارير - Monday 12 December 2022 الساعة 08:13 amلأول مرة منذ عقود واجه سكان صنعاء صعوبات كثيرة في متابعة مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022م والمقام في قطر خصوصا فيما يتعلق بالمتابعة الجماعية وذلك بسبب إجراءات مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، فيما يخص الأماكن التي كانت توفر متطلبات المشاهدة الجماعية.
وخلال العقود الماضية كانت مقاهي وكافيهات صنعاء تحول كأس العالم إلى مناسبة تتداخل فيها القيم الاجتماعية والاقتصادية وتوفر للناس متطلبات المتابعة لمباريات كأس العالم للمواطنين الذين كانوا يفضلون المشاهدة الجماعية بما تتضمنه من لقاءات ثنائية وجماعية لأفراد العائلة أو للأقارب والأصدقاء من مختلف الشرائح الاجتماعية والسنية.
وعلى خلاف مونديالي البرازيل 2014م وروسيا 2018م يعد مونديال قطر هو الأول الذي بات معظم -إن لم يكن جميع- سكان صنعاء يتابعونه في منازلهم للمرة الأولى بعد أن كانوا يشاهدونه في المقاهي والكافيهات والمراكز التجارية التي كانت تستغل مثل هذه المناسبة وتوفر الخدمات للناس، كما أنها المرة الأولى التي غابت فيها مظاهر توفير شاشات مشاهدة لبطولة كأس العالم في الشوارع كما كان يحصل في البطولات السابقة.
وباسثتناء بعض الأماكن التي وفرت خدمات مشاهدة لكأس العالم في صنعاء فإنه وعكس الوضع في مونديال روسيا 2018م بات الغالبية من سكان وشباب صنعاء يتابعون المباريات في منازلهم أو في ملتقيات عائلية محصورة.
ويقول محمد المصباحي -شاب عمره 27 عاما لنيوزيمن: بخلاف مونديال روسيا الذي كنا نتابعه في المقاهي وبشكل جماعي مع أفراد العائلة أو مع الأقارب والأصدقاء فإننا وجدنا أنفسنا في مونديال قطر مجبرين على متابعة المباريات في المنازل أو بشكل محصور مع بعض الأصدقاء بسبب قلة الأماكن التي توفر خدمة المشاهدة الجماعية وتحديدا المقاهي والكافيهات التي تم إغلاقها من قبل سلطة الحوثيين.
ويضيف: خلال هذا المونديال هناك بعض الأماكن التي وفرت خدمة المتابعة لكأس العالم لكنها قليلة من ناحية ومن ناحية ليست قريبة من منازل الكثيرين من محبي الرياضة وعشاق المشاهدة الجماعية لمباريات كأس العالم، ناهيك عن الضوابط التي وضعت من قبل المليشيات الحوثية والتي تمنع دخول العوائل أو تواجدها في هذه الأماكن.
وكانت مليشيات الحوثي عمدت إلى إغلاق معظم المقاهي والكافيهات في صنعاء بمبررات منع الاختلاط وفرض شروط والتزامات كثيرة على المقاهي والكافيهات التي حاولت الاستمرار في عملها ومنها عدم الاختلاط ومنع دخول الشباب والفتيات حتى ولو كانوا بشكل منفصل، ومنع العائلات من الدخول إلى مثل هذه المقاهي وحصر زائريها بالشباب والرجال فقط، ناهيك عن الجبايات والإتاوات التي فرضتها على هذه المقاهي والكافيهات والتي أدت إلى عجز حتى من حاولوا إبقاء عمل مقاهيهم عن الاستمرار واضطرارهم إلى إغلاقها تحت وطأة الإفلاس.
من جهته يشير صالح العبيدي إلى أنه كان من عشاق المشاهدة الجماعية لمباريات كأس العالم وهذا ما كان يفعله خلال المونديالات السابقة، لكنه وجد نفسه عاجزا عن الاستمرار بذلك هذه المرة بسبب عدم توفر الأماكن التي توفر المشاهدة الجماعية وقلتها إن وجدت.
ويتابع لنيوزيمن: أنا أحرص على مشاهدة المباريات التي كانت تلعب في وقت مبكر وخصوصا مباريات المجموعات في المركز الليبي لكني اضطر إلى العودة للمنزل لمتابعة المباريات التي تقام ليلا بسبب أنه يتم إغلاق المركز عند التاسعة مساء، حيث منع المركز من الاستمرار في فتح أبوابه أمام الناس لوقت متأخر من الليل.
ويؤكد أنه زار بعض الأماكن التي وفرت مشاهدة لكأس العالم، لكنه لاحظ قلة الحاضرين من جهة ومن جهة ثانية أن معظمهم من شريحة الشباب المحسوبين على شريحة الأغنياء الذين يستطيعون دفع مقابل الخدمات التي توفرها هذه الأماكن، وغياب أي مظاهر عائلية للمشاهدة الجماعية التي كانت تتوفر خلال كل بطولات كأس العالم السابقة، مختتما بالقول: في كأس العالم 2014 وحتى في 2018 كان بإمكانك اصطحاب زوجتك وأفراد عائلتك إلى أي مقهى لمشاهدة مباريات كأس العالم، لكن في هذا المونديال بات ذلك مستحيلا بسبب الإجراءات التي فرضتها سلطات الحوثي في هذا المجال.
ومع أن توقيت مونديال قطر الشتوي يتزامن مع الدراسة وأيضا الطقس البارد في صنعاء وهي عوامل تحد من سعي الناس إلى الذهاب إلى الأماكن التي توفر مشاهدة جماعية على قلتها، إلا أن البعض يرى أن إجراءات مليشيات الحوثي بشأن المقاهي والكافيهات وإغلاقها أيضا لها بعد اقتصادي.
ويقول سمير العديني وهو طالب في كلية التجارة بجامعة صنعاء لنيوزيمن: المستفيد الأول من عدم وجود مقاهي وكافيهات ومراكز توفر مشاهدة جماعية لبطولة كأس العالم هو سلطة المليشيات الحوثية، موضحا أن ذلك أدى إلى اضطرار كثير من الناس إلى متابعة البطولة عبر خدمة الإنترنت.
ويضيف لنيوزيمن: معظم سكان صنعاء يتابعون مباريات كأس العالم في قطر عبر خدمة الإنترنت سواء المنزلية أو الهاتفية وهو الأمر الذي يدر دخلا ماليا كبيرا لسلطة المليشيات الحوثية التي تتحكم بخدمات الاتصالات والإنترنت.
ويستطرد: شخصيا وعدد كبير من أفراد أسرتي وأقاربي وأصدقائي يتابعون مباريات كأس العالم الحالية في قطر في المنزل عبر خدمة الإنترنت وهو ما لاحظت أنه أدى إلى ارتفاع المبالغ التي ندفعها للحصول على هذه الخدمات سواء خدمة الإنترنت المنزلية أو خدمة الإنترنت الهاتفية وبالذات (4g) حيث نشاهد المباريات عبر تطبيقات مثل "ياسين تي في" مقارنة بما ندفعه في الأيام العادية وهو ما يتحول إلى دخل مالي بمبالغ كبيرة تستفيد منها سلطة المليشيات الحوثية.
ويختتم: وإذا كان ثمة ما يمكن أن أختم به فهو أن كأس العالم في قطر هو أول كأس عالم أشاهده ومعي غالبية سكان صنعاء مشاهدة فردية بسبب إجراءات مليشيات الحوثي التي طالت المقاهي والكافيهات التي كانت ملتقى لمتابعة هذه البطولة في أجواء عائلية وجماعية مليئة بالفرح والتشجيع والسعادة وهذا الوضع لم يعد مقتصرا على موضوع كأس العالم. بل بات يمتد ليشمل كل مناحي الحياة في صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات الحوثية التي تفرض في كل عام مزيدا من السياسات الداعشية المتعلقة بتقييد ومصادرة الحريات الشخصية والجماعية للناس.