اقتصاد اليمن.. بعد 8 سنوات حرب

إقتصاد - Tuesday 03 January 2023 الساعة 07:04 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

يستمر تصاعد الصراع في اليمن، الذي مضى عليه الآن ثماني سنوات، في تعطيل وتدمير حياة اليمنيين، وأسرهم، والبنية التحتية، والبيئة، وتسبب في أزمة إنسانية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة.

وقد خسر اليمن بسبب الصراع ما بين 170 إلى 200 مليار دولار من ناتجه المحلي الإجمالي بين الأعوام 2015 إلى 2022، استناداً إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 البالغ 43.2 مليار دولار، ولكن المساعدات غطت أقل من 10 إلى 12% من الاحتياج.

واجتاحت مليشيا الحوثي، ذراع إيران، صنعاء في 21 سبتمبر 2014، واسقطت مؤسسات الدولة بقوة السلاح، وتواصل شن حربها على اليمن واليمنيين.

ظل إنتاج النفط، الذي يشكل 60% من موارد الدولة، أقل بكثر من مستويات ما قبل الصراع، على الرغم من التحسينات الطفيفة التي شهدتها السنوات الأخيرة، لكنه توقف عن الإنتاج والتصدير نهائياً، منذ حظر مليشيا الحوثي تصدير النفط في منتصف أكتوبر 2022.

وعلى الرغم من استمرار إنتاج نفط مأرب للاستهلاك المحلي، إلا أن إيراداته خارج سيطرة الدولة، ولا تورد إلى حسابات المالية العامة في البنك المركزي اليمني ومقره عدن.

كما ظل تعليق خدمة الدين العام الخارجي قائماً باستثناء مدفوعات المؤسسة الدولية للتنمية وصندوق النقد الدولي.

ما تزال الماليات العامة تتعرض لضغوط شديدة، إلى جانب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأولية، مما أدى إلى ارتفاع مؤشرات التضخم ووضع ضغوطا كبيرة على العملة في البلاد. 

ويعاني النشاط الاقتصادي من الأعمال العدائية، وتوقف الخدمات الأساسية "الكهرباء والاتصالات" والنقص في المدخلات، وهو ما تفاقم بسبب الازدواج الضريبي والتشوهات الناجمة عن قرارات السياسة غير المتسقة من قبل السلطتين.

خلال السنوات الثماني الماضية، تراجعت صادرات النفط، وانهارت قيمة الريال بنسبة تصل إلى 80%، وهذا كان الدافع الرئيسي لارتفاع الأسعار، وفقد اليمنيون الثقة في العملة الوطنية، التي قسمتها تجارة الحرب إلى عملتين ذاتي قيم ومزايا مختلفة.  

كما أدى اعتماد اليمن المفرط على الواردات، إلى زيادة أسعار المواد الغذائية المستوردة، وبالرغم من زيادة الأسعار المستوردة ارتفاعاً حاداً مع انخفاض قيمة الريال، تعتمد اليمن على استيراد احتياجاتها من السلع الغذائية الأساسية بنسبة 90%.

وبسبب تجزؤ الاقتصاد، أدت نقاط التفتيش المتعددة والازدواج الضريبي وارتفاع تكاليف التأمين إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.  

 كما يعاني معظم اليمنيين من انقطاعات في التيار الكهربائي لمدة تتراوح بين 12 و23 ساعة في اليوم، بينما لا تصل الكهرباء على الإطلاق إلى أكثر من ثلث السكان.

بينما لا يمتلك سوى 27% من اليمنيين خدمة الاتصال بالإنترنت، وهي الخدمة التي تعتبر من بين الأغلى والأقل موثوقية في العالم.

وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى عزل اليمنيين عن التعليم، والفرص الاقتصادية الضرورية التي تمكنهم من بناء مستقبل مستدام. 

تضاعفت تكلفة المعيشة في ظل الصراع بنسبة 300% وزادت الحاجة للعمل المطلوب لإطعام أسرة مكونة من سبعة أفراد لمدة شهر من 48 إلى 80 ساعة، في حين انخفضت مستويات التوظيف إلى حوالى 60%، وفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

وتشير التقديرات إلى أن البطالة الإجمالية وصلت إلى 34% في عام 2020، ومع وصول بطالة الشباب إلى 60% وصار اليمنيون الذين لديهم وظائف يتحملون مصاريف أقاربهم الأقل حظًا بشكل متزايد. 

منذ عام 2015، ووفقاً للأمم المتحدة قفزت نسبة النساء المعيلات لأسرهن من 9%إلى 30%، وفي معظم الأحيان تتحمل النساء من ذوات العمالة غير الماهرة مسؤوليات إضافية في ظل ظروف محفوفة بالمخاطر.

وفي مجمل الأمر، أدى امتداد النزاع المسلح وانهيار قطاع الأعمال وانقطاع رواتب القطاع العام إلى تغيير طبيعة سوق العمل، في حين زادت مشاركة الإناث في سوق العمل بشكل عام.

وعلى الرغم من تقديم أكثر من 20 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لليمن، لا يزال الصراع والحرمان مستمرين، ولا يزال أكثر من نصف اليمنيين يعانون من الجوع، ومن بين خمسة ملايين نازح داخلي، يشكل النساء والأطفال نسبة 80% منهم. 

الأوضاع الاجتماعية محفوفة بالمخاطر، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 24 مليون شخص، حوالى 80% من السكان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

وبحسب مركز صنعاء للدراسات، لم تول الاستجابة الإنسانية الدولية اهتماما كافياً للجوانب الاقتصادية للأزمة التي أطالت أمد الصراع، وبدلاً من ذلك، روجت للرواية القائلة بأن اليمن على حافة المجاعة بدون المعونات الغذائية المستمرة، وقامت بالدفع بالمساعدات الغذائية قصيرة الأجل باعتبارها الطريقة الافتراضية للاستجابة.  

وبالرغم من عدم توفر معلومات موثوقة عن الاقتصاد، إذ لم تعد الإحصاءات الرسمية تصدر، لكن البنك الدولي يؤكد أن الاقتصاد اليمني غير رسمي على حد كبير ويعتمد على التحويلات وتدفقات المعونة لتمويل الاستهلاك.

ركزت المساعي السياسية المطروحة لحل الأزمة اليمنية على منهجيات فوقية تأتي من القمة إلى القاعدة مثل محادثات السلام على المستوى الوطني، وإعادة توحيد البنوك المركزية، ومفاوضات لحل القيود المفروضة على التجارة والواردات. 

ويوكد خبراء الاقتصاد أنه بالرغم من أهمية هذه الجهود، إلا أنها إذا نجحت، ستحتاج إلى سنوات طويلة قبل أن تصل فوائدها المرجوة إلى المواطنين اليمنيين.