نازحو الحرب.. العيش من شرار الجمر
تقارير - Saturday 28 January 2023 الساعة 09:25 amقضت الحرب العبثية التي تقودها ميليشيا الحوثي -ذراع إيران في اليمن، على كل شيء في حياتنا، هكذا تنهد النازح عمر زيد -في الثمانينات من عمره- ونطق بهذه الكلمات البسيطة التي لخصت الكثير من المعاناة التي يتجرعها أبناء الشعب اليمني من ويلات هذه الميليشيات الإرهابية التي أهلكت الحرث والنسل.
النازح زيد وصل إلى مخيم للنزوح غرب مديرية موزع بمحافظة تعز، قبل نحو أربع سنوات، ويعيش داخل منزل مبني من القش لا يقيه هو وأسرته من لهيب الصيف ولا صقيع الشتاء.
قبل نزوحه يتحدث الحاج عمر زيد لـ"نيوزيمن": أنه كان يعتمد على قطيع من الأغنام من أجل توفير لقمة العيش لأسرته، كان يمتلك 150 رأسا وتعد هي ثروته الثمينة والغالية، كونها مصدر العيش الوحيد، لم يتبقَ منها سوى 10، فجميعها قضت بسبب الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية وضياع القطيع خلال سنوات النزوح. وبات اليوم الحاج عمر زيد في وضع لا يحسد عليه.
في يوليو من العام 2017، يقول عمر، إنه برفقة العشرات من أقاربه تركوا قريتهم بعد أن باتت منطقة أعمال عسكرية بين المقاومة والحوثيين فكانوا يتعرضون بشكل يومي للاستهداف ووجدوا أنفسهم أمام خيار الهروب ليصلوا إلى المخيم الحالي الواقع في قرية الغلة السفلى بموزع، أو الموت تحت قذائف القصف العشوائية وألغام الموت الأرضية.
فكلا الخيارين أمرُّ من الآخر، فتم اختيار النزوح ليلتحفوا العراء والأشجار في ظل نقص الدعم والمساندة من قبل المنظمات الإنسانية.
يقع في مديرية موزع 14 مخيما للنازحين بها 3000 نسمة، يتوزعون بين 11 مخيما في عزلة العوشقي ومخيمين في عزلة الأهمول ومخيم واحد في مركز المديرية، وفق صالح محمد الروضي رئيس الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين في مديرية موزع لـ"نيوزيمن".
وأضاف إن النازحين يعيشون أوضاعا مأساوية مزرية من حيث قلة الغذاء والدواء والإيواء في ظل شتاء قارص، وتنعدم حبة البندول في المخيم.
وقال الروضي: يعتمد النازحون في توفير مصدر العيش على ما يجود به جبينهم من خلال حرق الفحم وبيعه وصناعة الجبن لتوفير بعض المتطلبات في ظل الغلاء الفاحش. موضحا أن انعدام الدعم المقدم للنازحين يكاد يكون شحيحا مقارنة بحجم مكانة ووضع السكان في مخيمات النزوح.
وأشار إلى أن أطفال المخيم بعيدون عن التعليم والمحاولات التي يبذلها بعض النازحين بمبادرات ذاتية لفتح فصول من القش لا يكتب لها النجاح بسبب شحة الإمكانيات، لذا اضطر البعض لإرسال أطفالهم للعمل لمساعدتهم في توفير بعض الاحتياجات وهو ما ينشر الجهل وانعدام حق الطفولة المسلوب في الحصول على العلم.
تمثل مهنة الاحتطاب وحرق الفحم المهن الأساسية للمئات من النازحين في مخيمات النزوح بموزع، بيد أن تراجع قيمة بيع الفحم في الأسواق عرَّض النازحين لمعاناة كبيرة، إذ تمثل هاتان المهنتان مصدر العيش الرئيس للنازحين هنا.
يقول أحمد سيف _نازح في مخيم المجش بموزع لـ"نيوزيمن": إن العمل في صناعة الفحم لم يعد مجديا للنازحين فأسعاره تراجعت بشكل كبير، حيث بات سعر الكيس الواحد 2500 ريال، وأربعة أكياس تستطيع الحصول عليها بعد جهد مضنٍ خلال أسبوع لا توفر لك قيمة نص كيس بر، ولذا توقف الآن البعض لصعوبة المهنة وشحة المردود.
وأشار سيف أن الجبن منعدم خلال هذه الأيام بسبب انعدام الأمطار وقلة المراعي، حيث يفضل النازحون إبقاء حليب الغنم الذي يستخدم في صناعة الجبن لأطفالهم في هذا الشتاء القارس بخلاف الصيف والخريف الذي تكثر فيه الأمطار والمراعي ومنها يتم صناعة الجبن واستثمارها وبيعها والبعض يجعله كمصدر للعيش.
وفق الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين في اليمن: تجاوز عدد النازحين في المحافظات اليمنية الـ4 ملايين نازح، يتوزعون بين محافظات: مأرب، التي تتصدر مناطق النزوح في اليمن ويتجاوز فيها عدد النازحين مليونين ومائة وسبعين ألفا. فيما تأتي تعز بعدها بواقع ثلاثمائة ألف نازح ثم الحديدة بمائة وعشرين ألف نازح ولحج 90 ألف نازح والضالع 65 ألف نازح وعدن 60 ألف نازح.
ويواجه النازحون في تلك المحافظات أوضاعا معيشية صعبة في ظل النقص الحاد في المساعدات الغذائية والإيوائية، أو في تقديم الخدمات الطبية والتعليم وتوفير سبل العيش الكريم.