من خصرها إلى طريقة جلوسها.. الحوثي يخنق نساء اليمن
تقارير - Monday 30 January 2023 الساعة 10:07 amصدمة كبيرة وغير متوقعة تعيشها "ف. ن"، إحدى نزلاء السجن المركزي في صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي ذراع إيران في اليمن، بعد قرار منع خروجها من السجن بعد انتهاء مدة عقوباتها خلال السنوات الماضية.
"ف. ن" -اسم مستعار للسجينة خشية تعرضها للأذى والمضايقة من قبل الحوثيين- تم القبض عليها على خلفية قضية جنائية وحكم عليها بالسجن لعدة سنوات، خلال الأسابيع الماضية انتهت فترة الحكم ومدة العقوبة. فرحة كبيرة ارتسمت على وجه السجينة "ف. ن" التي انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر، بعد أن كانت تعد الأيام والليالي منذ اللحظة الأولى لصدور الحكم القضائي بحقها.
بحسب المعلومات، أبلغت إدارة السجن المفرج عنها بأنه لن يسمح لها بالخروج ما دام لا يوجد أي شخص "محرم" يستقبلها في البوابة، وطالبت الإدارة بأحد من أقاربها للحضور واستلامها، ما لم سيتم الاستمرار في احتجازها.
الخبر وقع على السجينة "ف. ن"، كالصاعقة في ظل إصرار القيادات الحوثية المسيطرة على السجن تنفيذ قرارها بعدم السماح لها بالخروج من غير محرم، بالرغم من علم إدارة السجن بعدم وجود أقارب لها من ممن يدخلون ضمن قائمة محارمها، فهي وحيدة منذ اللحظة الأولى لدخولها السجن.
تنديد حقوقي
ما تعرضت له "ف. ن" كشف عن كثير من الحالات الأخرى لسجينات ومعتقلات أكملن مدة عقوبتهن في سجون صنعاء وترفض الميليشيات الحوثية إطلاق سراحهن تحت مبرر لا يوجد محرم "ولي أمر ذكر" ليفرج عنهن إلى عهدته.
منظمة العفو الدولية، نشرت بياناً نددت فيه بممارسة مليشيات الحوثي ضد النساء المحتجزات داخل السجون دون مبرر قانوني بعد انتهاء مدة العقوبة المقرة لهن، داعية إلى الإفراج الفوري دون قيد أو شرط.
وأضاف البيان، إن “سلطات السجون تحتجز النساء اللواتي أنهين عقوبتهن في السجن، إذا لم يكن هناك محرم ليرافقهن عند الإفراج عنهن، أو يُفرج عنهن ويرسلن إلى عهدة ملاجئ النساء حصراً".
وقالت غراتسيا كاريتشا، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في منظمة العفو الدولية: “من غير المقبول أن تستمر السلطات في اليمن النظر إلى النساء ومعاملتهن على أنهن ناقصات ولا يملكن قدرة التصرّف باستقلالية، ويحتجزن إلى أن يرافقهن أولياء أمرهن الذكور في حياتهن اليومية”.
وشددت كاريتشا على أنه “يجب أن تتطور التقاليد العرفية، كما تتطور المجتمعات، لتكفل احترام حقوق الإنسان وكرامته”.
وبحسب فريق الخبراء الدوليين البارزين المكلفين بملف اليمن في سبتمبر الماضي، فإن هناك ما يزيد على 300 امرأة وفتاة تعرضن للعنف والترهيب من قبل الحوثيين، فضلاً عن تفاقم التهديدات بالاغتصاب والاعتداء الجنسي والاتهامات بالدعارة، كمحاولة لإضفاء شرعية على ممارساتهم عبر تلك الاتهامات.
وكانت الرابطة الإنسانية للحقوق في اليمن كشفت عما تتعرض له النساء المعتقلات من أنواع التعذيب في سجون الحوثيين، مشيرة إلى أن الميليشيات الحوثية اختطفت 1700 امرأة يمنية أغلبهن في العاصمة صنعاء، خلال الفترة من أغسطس 2015 وحتى الشهر ذاته في العام 2022.
التضييق على النساء هدف حوثي
خلال السنوات الماضية، صعدت الميليشيات الحوثية من قراراتها التعسفية والقمعية ضد النساء في مناطق سيطرتها، كان آخرها فرض تصاميم معينة على محلات خياطة العبايات النسائية وتوجيهات بمنع جلوس النساء على جانبي سائلة صنعاء القديمة، وكذا منعهن من التحرك والتنقل بين المحافظات اليمنية إلا بوجود محرم "ولي أمر ذكر".
وما تشهده صنعاء من كتابات على الجدران بفرض الحجاب على النساء يؤكد أن الجماعة مقبلة على إجراءات أكثر قمعية بحق النساء في مناطق سيطرتها.
الناشطة الحقوقية هند الارياني ردت على الحملات الجدارية الحوثية بفرض الحجاب، بأنها حملات هدفها تغطية فساد الجماعة في الفساد وسرقة الأراضي وغيرها من الانتهاكات والجرائم.
وقالت في تعليقها بصفحتها على تويتر "لأن جماعة الحوثي فشلوا في الحكم، وانتشر الفساد وسرقة أراضي الناس، يقولك طيب كيف اغطي فضايحي اه اتكلم عن حجاب النساء - رغم أن جميعهن محجبات ومنقبات ولا يتنفسن أصلا".
وتؤكد الدكتورة مريم الدوغاني مدير الإغاثة والتعاون الدولي بمكتب رئاسة الجمهورية أن دور المرأة تراجع بسبب ما فرضته الميليشيات الحوثية من قيود همشت دورها في كل مناحي الحياة، مضيفة: إن المرأة اليمنية تراجعت حقوقها الطبيعية التي كانت تحصل عليها ولو نسبيا في السابق في ظل سيطرة المليشيات الانقلابية السلالية.
وأوضحت الدوغاني أن الميليشيات الحوثية وضعت المرأة اليمنية في رأس قائمة الاعتداء وهمشت واعتقلت وحرمت المرأة من القيام بأي دور لها وحرمت النساء من أبسط الحقوق الإنسانية.
اتهامات حوثية.. النساء أداة فساد
في خطابه الأخير ركز زعيم الميليشيات، عبدالملك الحوثي، على الحديث عن المرأة اليمنية، وتوجيه لها الاتهامات بأنها أصبحت أداة فساد للمجتمع وأنها تقود حربا شيطانية. على حد تعبيره.
وزعم الحوثي أن ميليشياته تقود حربا مضادة ضد الإفساد وفرض الهوية الايمانية، وهو ما اعتبره مراقبون توجيها واضحا ورسميا من زعيم الحوثيين لأتباعه بفرض مزيد من القيود التي تستهدف النساء في صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
ما تشهده المرأة من قيود حوثية مشددة على التنقل والملابس وخروجها للعمل الميداني والتنقل بحرية، يؤكد أن الحوثيين مستمرون في تضييق الخناق على النساء تحت غطاء مواجهة الحرب الناعمة الشيطانية المفسدة للمجتمع اليمني.
وترى ناشطات حقوقيات في صنعاء أن مليشيات الحوثي تسعى من خلال إجراءاتها التعسفية بحق النساء إلى "طلبنة المجتمع". في إشارة إلى ممارسات حركة طالبان في أفغانستان، وفرض عقيدتها وأفكارها الطائفية المتطرفة.
الحوثي يحول المرأة إلى أداة للقمع
تحديات كثير تواجهها النساء في اليمن وتحديدا بمناطق سيطرة الحوثيين لم تكن تواجهها من قبل، وأصبحت الميليشيات المدعومة من إيران تستغل المرأة في تحقيق مصالحها وأجندتها.
أشارت الصحفية الفرنسية كوينتين مولر -المتخصصة في شؤون شبه الجزيرة العربية والتي تعمل بشكل خاص في كل من اليمن وعُمان والعراق- أنّه على مدى 8 سنوات من الحرب في اليمن، استغلت المرأة من قبل الحوثيين في تنفيذ إجراءاتهم القمعية وبما يخدم مصالحهم وأجندتهم.
ونشرت مولر تحقيقاً لها في صحيفة "لا كروا" الفرنسية تحت عنوان "اليمن: نساء يخدمن المجهود الحربي"، كشفت فيه عن كيفية استغلال الحوثي لنساء انخرطن في جماعته الإرهابية التي أسندت لهنّ مهام قمع المظاهرات النسائية، والتجسس على الناشطات والناشطين، واقتحام المنازل لاعتقال النساء، والعمل على تعذيبهن بمُشاركة مسلحين حوثيين. وأشارت الصحفية الفرنسية في هذا الصدد إلى نحو 5000 امرأة تمّ تجنيدهن ضمن ميليشيا حوثية أطلق عليها مُسمّى "الزينبيات".
وأوضحت أن الكثير من النساء اليمنيات في مناطق سيطرة الحوثيين يرفضن ما يمارس عليهن. ما تسبب بدفعهنّ ثمناً باهظاً عبر تعرّضهنّ للاعتقالات التعسّفية وعمليات الخطف والتعذيب والاغتصاب في سابقة لم تشهدها النساء اليمنيات من قبل على مر العقود.
أكثر التنظيمات بشاعة في العالم
الحكومة اليمنية نددت بالإجراءات القمعية المتواصلة ضد المرأة اليمنية من قبل جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، مؤكدة على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني أن مليشيا الحوثي تعد من أكثر التنظيمات بشاعة في العالم من ناحية التضييق على النساء، وانتزاع حريتهن، وحرمانهن من أبسط حقوقهن.
واعتبر الوزير هذه الإجراءات القمعية غير المسبوقة بحق اليمنيات تتصاعد في ظل سمع وبصر المجتمع الدولي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان والدفاع عن المرأة، لتشكل تهديدا حقيقيا لنسف كل ما حققته المرأة خلال ستة عقود من عمر الثورة اليمنية، من مكتسبات لتصبح شريكة فاعلة إلى جانب أخيها الرجل في مسيرة البناء والتنمية.
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة بإدانة السلوك الحوثي حيال النساء، ووضع حد لمساعي المليشيا تكريس طقوسها وأفكارها المتطرفة والدخيلة على المجتمع بقوة السلاح، وتحويل العاصمة صنعاء إلى كابول ثانية.