محطة عدن.. ثاني إذاعة في الوطن العربي وسيدة الأثير والقدرة الخطابية
الجنوب - Thursday 16 February 2023 الساعة 08:15 amبدأ ظهور الإذاعات في وقت كان الناس في مسيس الحاجة لمن يسمع همومهم ويوصل صوتهم. من عدن صدح الصوت معلناً وصول من سيتكفل بهذه المهمة وتحديداً في 7 أغسطس 1954 دوت “هنا عدن" بصوت المذيعة "صفية لقمان" عبر إذاعة عدن، ثاني إذاعة على مستوى الوطن العربي.
وبمناسبة اليوم العالمي للإذاعة 13 فبراير، لا بد من تذكر "إذاعة عدن" التي ما زالت محفورة في ذاكرة مستمعيها، تحت اسم (محطة عدن للإذاعة) كانت أول إذاعة تقدم خدمات مستقرة في المنطقة على فترتين صباحية ومسائية بإجمالي ست ساعات يومياً في الأيام العادية، ولمدة اثنتي عشرة ساعة في أيام العطل الأسبوعية من التاسعة صباحا وحتى التاسعة مساء.
"هنا عدن"
وبهذه المناسبة، ذكّر عدنيون بدور المرأة اليمنية عامة والعدنية خاصة التي لعبت دوراً مهماً منذ بداية دخول "إذاعة عدن" التي وصفوها بسيدة الأثير والقدرة الخطابية.
فقد ذكر اسم الإعلامية المذيعة صفية لقمان كأول مذيعة وأول صوت نسائي صدح في شبه الجزيرة العربية بعبارة (هنا عدن) عام 1954م.
نشأت صفية لقمان في مدينة كريتر بعدن في أسرة على قدر كبير من الثقافة والعلم، كانت صاحبة أول صوت نسائي إذاعي على مستوى الجزيرة العربية، فمع افتتاح إذاعة عدن في 7 أغسطس عام 1954، كانت صفية لقمان أول صوت يصدح بعبارة «هنا عدن» التي ما زال صداها يتردد في أذهان الكثيرين، كما كان لصوتها أثر كبير في بلوغ الرسالة الإعلامية في مراحل حرجة من تاريخ اليمن.
ساهمت لقمان في العديد من الأعمال الإذاعية، أبرزها «شمسان يتحدث»، وقدمت العديد من البرامج المتنوعة في المجالات الثقافية وبرامج المرأة والطفل وكانت من أوائل من عمل في هذه البرامج.
وعقب تدشين بث تلفزيون عدن عام 1964، انتقلت صفية لقمان للعمل فيه، وقدمت برنامجاً موجهاً للصغار بعنوان «ركن الأطفال»، لذا نالت لقب «ماما صفية»، وواصلت عملها في التلفزيون.. وافتها المنية في مارس 2016.
بداية إذاعة عدن
وحسب معلومات كتاب "الإذاعة اليمنية"، للأستاذ جميل محمد أحمد، أحد المديرين السابقين للإذاعة، فقد انطلقت الإذاعة بإشراف مكتب العلاقات العامة والنشر التابع للإدارة البريطانية في عدن، كانت بداية متواضعة بثها لا يزيد عن ساعة و45 دقيقة، ثم زاد البث إلى 7 ساعات في اليوم. "قبل الافتتاح الرسمي عام 1954.
وعمل فيها 3 مذيعين مساهمين وهم: الشيخ عبدالله حاتم والأستاذ لطفي أمان والأستاذ محمد سعيد جرادة، وعين الأستاذ حسين الصافي أول مذيع رسمياً، فيما عُين توفيق إيراني مديراً للإذاعة.
واقتصر مكون الإذاعة في بدايتها على استوديوهين صغيرين وثلاث مسجلات عادية ومجموعة من الأشرطة، ولم يزد عدد الموظفين عن 25 موظفاً، واعتمدت الإذاعة على شركة البرق واللاسلكي البريطانية لتشغيل أجهزة الإرسال بموجة متوسطة 5 كيلووات وموجة قصيرة 7,5 كيلووات واقتصرت تغطيتها على المناطق القريبة من مستعمرة عدن.
وفي عام 1957 زودت الإذاعة ببعض الأجهزة الحديثة نسبياً، وفي عام 1960م افتتح فيها أول قسم هندسي واستحدث أستوديو ثالث وتولى أحمد زوقري عام 1958م إدارة الإذاعة وخلفه حسين الصافي إلى مايو 1967م حينها تولى الإدارة علوي السقاف.
وأسهمت الإذاعة في تنمية الوعي الثقافي وتطوير الدراما والموسيقى اليمنية من خلال إشراك عدد كبير من المثقفين اليمنيين في الإعداد والتقديم.
من الذاكرة
ولجت الإذاعة المنازل، وأتاحت للجميع وخاصة للنساء فضاءً لتبليغ أصواتهن، بالمفهومين المادي والمجازي... وأنشأت روابط بين المجتمع وقلصت الحدود بين المجالين العام والخاص، مُتوجّهة إلى ربات البيوت وإلى العاملات والمستهلكات والمواطنات كافة.
الستينية مربية الأجيال الفاضلة ثريا عبدالرحيم، قالت لـ"نيوزيمن"، إنها اقتنت الإذاعة منذ صغرها وظلت مصاحبة لها حتى اللحظة، ومثلت إذاعة عدن بالنسبة مرجعية لها درجة عالية من المصداقية، وشغلت وقت فراغهم في الاستماع إليها في وقت لم يكن الإعلام المرئي المتلفز منتشراً، كنتيجة تتفق مع قدرة هذه الإذاعة الخطابية في التأثير على مستمعيها.