قانون الربا الحوثي.. فضيحة تشطيرية وحيلة لنهب أموال اليمنيين
تقارير - Wednesday 05 April 2023 الساعة 11:49 amشرعت مليشيات الحوثي، الذارع الإيرانية في اليمن، بتطبيق ما سمته بقانون منع المعاملات الربوية الذي مررته بشكل مخالف للدستور مثل بقية مشاريع وتعديلات القوانين التي تصدرها.
ويعد هذا القانون الذي تم تمريره عبر مجلس النواب الخاضع لسيطرتها بشكل فاضح إحدى مظاهر الترتيبات الانفصالية الخارجة عن دستور الجمهورية اليمنية والتي تؤسس لكيان انفصالي عن اليمن ويسهم في تحقيق أجندات المليشيات.
ويمثل القانون امتدادا للإجراءات التي تنفذها المليشيات والتي تسهم في بناء كيان انفصالي لا يكتفي بتقسيم اليمن جغرافيا، بل يمتد لتقسيمها اقتصاديا وتنمويا من خلال بناء منظومة اقتصادية لا علاقة لها بالعمل الاقتصادي الخاص بالدولة اليمنية وعلاقاتها بالعالم في هذا المجال، ناهيك عن كونه سيمثل أحد أبرز وأهم وأخطر التحديات التي ستعترض عملية توحيد مؤسسات الدولة في حال التسوية السياسية وهي المؤسسة المصرفية.
نواب صنعاء.. شاهد ما شفش حاجة
وكشفت مصادر في البرلمان الخاضع لسيطرة الحوثيين في صنعاء لنيوزيمن عن إصرار المليشيات على موافقة المجلس على مشروع القانون كما هو دون أي تعديلات ومنع النواب من مناقشته أو إبداء ملاحظاتهم أو مقترحاتهم عليه، مشيرة إلى أنه مرر دون حضور أي مسؤول حكومي كما تنص على ذلك اللوائح البرلمانية، حيث أرغم رئيس وأعضاء المجلس على الموافقة على القانون بطريقة فيها تهديد بأنه في حال رفضهم له سيكون لذلك عواقب.
وحسب المصادر فقد اضطر مجلس نواب صنعاء إلى الموافقة الشكلية على القانون كما هو في آخر يوم من شهر شعبان، فيما سارع رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي للمليشيات الحوثية إلى إصدار القانون بقرار من قبله بعد يوم واحد فقط، أي يوم الخميس الموافق الأول من رمضان، وهو ما يؤكد على أن عملية إصدار هذا القانون كانت ناتجة عن توجه مرتبط بالجانب الديني المذهبي للمليشيات أكثر من ارتباطها بأي تفكير اقتصادي.
وكانت المليشيات سبقت عملية إصدار القانون بترتيب حلقة نقاش حوله بين زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي وعدد من القيادات الدينية التابعة لهم تحت مسمى العلماء، حيث خلصت الحلقة إلى وجوب إصدار القانون بمزاعم أهمية محاربة الربا كون ذلك فريضة دينية نص عليها القران الكريم.
وكشف صحفيون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن القانون بصيغته التي أقرت هي نسخة مسروقة من نصوص قانون مشابه أقرته حكومة الإخوان المسلمين التي كانت تحكم العاصمة الليبية طرابلس في العام 2013م.
فضيحة اقتصادية ونتائج مدمرة
ووصف محللون اقتصاديون لنيوزيمن، القانون الحوثي الجديد بالفضيحة الاقتصادية التي لم يسبق أن وقعت فيها أي سلطة حكمت اليمن، سواء أثناء التشطير أو بعد إعادة الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية، مؤكدين أن هذا القانون ينسف البنية التشريعية والإدارية والتنفيذية للقطاع المصرفي في اليمن الذي تأسس منذ قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر، ويؤسس لحقبة جديدة عنوانها النهب من جهة، وتدمير الاقتصاد واستبداله بهياكل جديدة مثل: شركات الصرافة، فضلا عن آثاره الاقتصادية المدمرة على الاستثمارات والنمو الاقتصادي والتنمية بشكل عام.
ويقول المحللون الاقتصاديون: إن صدور القانون تم بدون أي رؤية تشريعية أو قانونية، أو أي آليات تنفيذية واضحة وهو ما يؤكده ارتباك المليشيات ومسارعتها لتلافي النتائج الآنية المترتبة عليه عبر اجتماع عقده رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي مع قيادات مصرفية تضم ممثلين عن البنوك وشركات الصرافة في مقر البنك المركزي للحديث معهم حول القانون.
وأضافوا: إن ذلك الاجتماع كشف جهلا واضحا وفاضحا للمليشيات بأسس ومعايير ومتطلبات العمل المصرفي وعلاقته بالاقتصاد العالمي وهو ما يؤكده حديث المشاط في ذلك الاجتماع عن إنشاء سوق للأوراق المالية الذي يفترض أن يكون أول معاييرها تشابه وتماثل القوانين المصرفية الخاصة بعمل البنوك والقطاعات المصرفية في البلد مع مثيلاتها في العالم، فيما هذا القانون الخاص بهم والذي يحرم الفوائد تحت مسمى منع المعاملات الربوية هو أول مسمار في نعش أي تطور اقتصادي وفي مقدمة ذلك قضية إنشاء سوق للأوراق المالية.
وأشار المحللون إلى أن نتائج هذا القانون ستنعكس سلبا على القطاع المصرفي من خلال إنهاء أي دور للبنوك التي تمثل مدماك العمل المصرفي في أي بلد في العالم، كما أن تأثيراته السلبية ستشمل جميع القطاعات الاقتصادية في مناطق سيطرة المليشيات دون استثناء، ناهيك عن تأثيراته السلبية التي ستنعكس حتى على مستوى المواطنين بحكم أن حياتهم مرتبطة بحركة الاقتصاد والاستثمارات والنمو الاقتصادي والتنمية التي تضمن توفير الوظائف والأعمال للناس.
وحسب المحللين فإن المستثمرين والتجار وكبار رؤوس الأموال والبيوت التجارية ستضطر لسحب أموالها وإغلاق حساباتها البنكية في مناطق سيطرة المليشيات بعد صدور هذا القانون الذي يمنعها تماما من تحريك وتشغيل واستثمار رؤوس أموالها، كما كانت قبل صدور القانون الذي وبالإضافة إلى منعه تحقيقها للفوائد سيمثل تهديدا لها بإمكانية مصادرة رؤوس أموالها وودائعها من قبل المليشيات في أي وقت.
وكشف المحللون أن معظم -إن لم يكن كبار المستثمرين والتجار- سحبوا أرصدتهم وودائعهم المصرفية من صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات منذ فترة طويلة، سواء إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية أو إلى بنوك خارجية، ولم يتبق سوى بعض حسابات وودائع بنكية بروؤس أموال ذات حجم بسيط وبما يسمح لها إدارة أعمال شركاتها وتجارتها فقط.
باب آخر لنهب اليمنيين وأموالهم
إلى ذلك أكدت مصادر مصرفية لنيوزيمن، أن قانون منع المعاملات الربوية يمثل واحدة من الوسائل التي استخدمتها المليشيات الحوثية للقيام بأكبر عملية نهب وسرقة لأموال اليمنيين تحت غطاء تحريم الربا.
وأشاروا إلى أن القانون الذي أصدرته المليشيات سيسمح لها بسرقة ونهب الفوائد والعوائد التي كانت للناس في البنوك وخاصة في البنك المركزي والبنوك الحكومية تحت مبرر أنها معاملات ربوية، وذلك على غرار سرقتها لأموال الناس في قضية الحوالات المنسية التي كان يتم مصادرتها من قبل المليشيات بعد مرور شهرين على عدم تسلمها قبل أن تنكشف تلك القضية على الرأي العام.
وأضافوا إن أي مستثمر أو تاجر كان له وديعة في أي بنك بمبلغ مليار ريال منذ عشرة أو خمسة عشر عاما فإنه سيجد نفسه مضطرا للحصول على هذا المبلغ فقط بعد صدور القانون الحوثي تحت مبرر منع الربا المدعم بدليل قرآني تردده القيادات الحوثية التي أصدرت هذا القانون وهي آية {ولكم رؤوس أموالكم} دون مراعاة لأي اعتبارات متعلقة بما كانت عليه أسعار صرف الريال مقابل العملات الأجنبية منذ إيداع الناس لأموالهم.
وتابعوا: إن المليشيات ستتمكن من مصادرة الأرصدة الخاصة بالفوائد والعوائد التي كانت للمودعين قبل صدور القانون تحت مبرر تنفيذه وسريانه، كما أنها قد تعمد إلى نهب رؤوس الأموال كلها بحجة عدم قدرتها على توفير هذه الأموال نتيجة انعدام السيولة، مشيرين إلى أن المشاط حاول التهرب من وضع أي ضمانات قانونية للمودعين للحصول على رؤوس أموالهم حين أخبر قيادات القطاع المصرفي في لقائه معهم بأنه سيعمل شخصيا مع محافظ البنك على متابعة معالجة الودائع الخاصة بالبنوك التجارية والمودعين في أذون الخزانة، أي بدون أي سند أو ضمان قانون وهو ما يعطي مؤشرا على أن المليشيات ستقوم بسرقة هذه الودائع.
واختتمت المصادر بأن المليشيات وبالإضافة إلى أنها ستستخدم القانون لنهب أموال الناس فإنها ستستغله من ناحية أخرى في تمديد وتوسيع سيطرتها على الاقتصاد والاستثمارات وعمليات التوظيف والتعيين لقياداتها وعناصرها في مناصب ومؤسسات جديدة وهو ما بشر به القيادي الحوثي المشاط حين أعلن أنه سيتم تشكيل لجنة بقرار رئاسي تكون بعضوية السلطة القضائية والبنك المركزي لمتابعة معالجة مشاكل البنوك لدى المحاكم والنيابات، الأمر الذي سيؤدي إلى تعيين قيادات حوثية تكون مهمتها تولي مسؤولية شرعنة النهب والاستيلاء على أموال الناس والودائع، وذلك من خلال التفسيرات التي ستقدمها للقانون كما تفعل الهيئة العامة للأوقاف الحوثية التي أصبحت تنهب أراضي الناس بحجة أنها أراضي وقف.