الإضعاف والإرهاق.. سياسة حوثية لإرضاخ تجار اليمن

تقارير - Thursday 08 June 2023 الساعة 08:19 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

"الإضعاف والإرهاق قبل الاستحواذ والمصادرة"، تنتهج ميليشيا الحوثي -ذراع إيران، سياسة مدروسة وبطيئة من أجل إرضاخ التجار ورجال الأعمال اليمنيين في مناطق سيطرتهم.

المئات من الشاحنات المحملة بمادة الدقيق، تقف أمام منافذ جمركية استحدثتها الميليشيات الحوثية في محافظات: تعز وإب والبيضاء، في ظل فرض رسوم مرتفعة على التجار من أجل السماح لهم بالعبور وإيصال هذه المادة الأساسية والهامة إلى المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

 لم تقتصر عملية المنع لمادة الدقيق فقط، بل تشمل مواد أساسية أخرى من سلع واحتياجات متنوعة، ضمن القيود والتضييق المتواصل لإجبار التجار بهدف الاستيراد عبر ميناء الحديدة غربي البلاد، وإنهاء التعامل مع الموانئ والمنافذ البحرية والبرية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.

منع تدفق البضائع

وأفاد أحد التجار اليمنيين لـ"نيوزيمن": جمارك الحوثيين في منطقة الراهدة بمحافظة تعز، يحتجز نحو 300 شاحنة تحمل على متنها كمية كبيرة من الدقيق المحلي القادم من المصانع في العاصمة عدن، مواد غذائية مختلفة. موضحا أن الحوثيين يفرضون رسوماً تحت مسمى جمارك بمبالغ هائلة وطائلة، وكل هذه العراقيل يتم وضعها عبر وزارة التجارة والصناعة في صنعاء من أجل عرقلة استمرار تدفق المواد من المناطق المحررة وإجبار التجار على الاستيراد من ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم.

وأشار التجار: يتم احتجاز الشاحنات دون المبالاة بما سيخلفه هذا الأمر من أضرار معيشية على المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين. ناهيك عن تعريض المواد المحتجزة للتلف والضرر جراء حرارة الشمس وتساقط الأمطار. مضيفين: يتم استغلال رفض التجار لعملية الابتزاز من أجل مصادرة كميات المواد المحتجزة وبيعها في السوق لصالح قيادات حوثية.

التصعيد الحوثي دفع بقيادة الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية إلى الخروج ببيان صريح وواضح كشفت حقيقة الوضع المعيشي والاقتصادي الهش الذي تعيشه المناطق غير المحررة. وأكد البيان عمليات الحجز للبضائع في المنافذ الحوثية كلف التجار خسائر مادية كبيرة، مشيرا إلى أن ممارسات مليشيا الحوثي تهدد بتداعيات اقتصادية كارثية على الشركات الوطنية، والقطاع التجاري في البلاد.

ووفق البيان، فإن وزارة التجارة والصناعة التابعة لمليشيا الحوثي "أصبحت سيفًا مسلطًا على شركات القطاع الخاص، وتستهدف خرابها وإفلاسها".

صراخ التجار 

خلال الأيام القليلة الماضية بدأت فرق حوثية مسلحة النزول إلى الأسواق والمراكز التجارية في صنعاء وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي من أجل تطبيق قرارات أصدرتها قيادات الميليشيات المعينة على رأس وزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً.

وأقدمت الفرق الحوثية على إغلاق عدد من المحال التجارية في صنعاء واقتادت أصحابها إلى السجن، بحجة عدم التزامهم بالتسعيرة التي حددتها.

وقالت مصادر محلية: إن ما تسمى وزارة الصناعة والتجارة التابعة لميليشيا الحوثي، شنت حملة مكونة من عشرات الأطقم أغلقت خلالها عددا من المحال التجارية ومنافذ البيع في العاصمة، بدعوى عدم التزامها بتخفيض الأسعار وفق القائمة السعرية التي حددتها الميليشيا.

وبحسب تجار في صنعاء لـ"نيوزيمن": إنهم تلقوا تعميمات من وزارة الصناعة الحوثية قبل أيام تطالبهم بإبراز التسعيرة على المواد الغذائية والاستهلاكية التي أقرتها الوزارة خلال الأيام الماضية. متوعدة بفرض غرامات وإجراءات قانونية صارمة على التجار المخالفين أو الرافضين.

وأضافوا: الحوثيون يريدون فرض تسعيرة غير منطقية ومعقولة على الأسعار في حين يتم احتجاز شاحنات البضائع في المنافذ الجمركية التابعة لهم، وإجبارنا على دفع رسوم باهظة، ناهيك عن قيمة الجمارك في الموانئ المحررة التي وصلت إليها البضائع.

وأشاروا إلى أن مزاعم عصابة الحوثي في عدم التزام التجار بالقائمة السعرية التي حددتها هي مجرد غطاء لممارسة المزيد من الابتزازات ضد التجار الذين أصبحوا قاب قوسين من إشهار إفلاسهم نتيجة الجبايات الباهظة التي تمارس ضدهم.

صمت دولي عن كارثة خطيرة

القيود الحوثية المفروضة على وصول السلع الأساسية الواصلة من المحافظات المحررة، تندرج ضمن مخطط السيطرة على القطاع الخاص بدرجة أساسية.

وأكدت وزارة الصناعة في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، أن العبث الحوثي بمنظومة التشريعات القانونية الخاصة بالقطاع الاقتصادي وموارد الدولة المختلفة يهدد بكارثة اقتصادية.

وأشار بيان صادر عن الوزارة في العاصمة عدن إلى أن توجه الميليشيا لإقرار قوانين وتعديلات جديدة على قوانين ضرائب الدخل والجمارك والبنوك التجارية، وغيرها من القوانين من شأنها فرض مزيد من القيود على حركة التجارة والاستثمار وتدفق السلع والبضائع، وإثقال كاهل المواطنين بمزيد من الجبايات الجائرة وغير القانونية وتعميق حالة الانقسام السياسي والاقتصادي بين أبناء ومناطق الوطن الواحد.

وطالب وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، بضرورة تحرك المجتمع الدولي والمبعوثين الأممي والأميركي لإيقاف عبث الحوثيين وإلزامهم برفع القيود التي فرضوها على تدفق السلع وحركة البضائع بين المحافظات اليمنية.

وأوضح الوزير أن المئات من الشاحنات القادمة من الموانئ المحررة، خصوصا المحملة بالدقيق، محتجزة بصورة تعسفية، في محاولة لحصر الاستيراد عبر ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين. مشيرا إلى أن الميليشيات تسعى إلى تحقيق مكاسب مادية من خلال هذه الإجراءات، وفرض مزيد من القيود على التجار، واحتكار استيراد السلع الأساسية عبر شركات استيراد وتجار تابعين لها، والاستمرار في سياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها بحق المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتأكيد مسؤوليتها عن تردي الأوضاع الإنسانية.

وأكد وزير الإعلام الإرياني، إن الميليشيات الحوثية تهدف إلى السيطرة الكلية على القطاع التجاري، والتحكم بالاقتصاد الوطني دون أي اكتراث بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة، والإمعان في إجراءاتها التعسفية تجاه القطاع الخاص والشركات التجارية دون مسوغ قانوني أو أحكام قضائية.

وخاطب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص بعدم الوقوف موقف المتفرج إزاء ما وصفها بالحرب المفتوحة التي دشنتها ميليشيات الحوثي على البيوت التجارية ورؤوس الأموال التي صمدت واستمرت في نشاطها التجاري رغم الظروف الصعبة، واتخاذ خطوات عملية لوقف التدمير الممنهج الذي تمارسه بحق القطاع الخاص، مما يهدد بانهيار الأوضاع الاقتصادية ويفاقم المعاناة الإنسانية.