تنامي السخط الشعبي من تغوّل الحوثيين وتراخي الشرعية وتراجع دور التحالف

تقارير - Wednesday 14 June 2023 الساعة 03:37 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

:رغم فرحة اليمنيين بالهدوء النسبي الذي عم البلاد منذ توقيع هدنة أبريل 2022، إلا أن سخطاً شعبياً بدأ يتصاعد خلال الشهور الماضية على خلفية الحرب الاقتصادية التي تشنها مليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية والأطراف المنضوية تحت رايتها.

تعج وسائل التواصل الاجتماعي بالمنشورات الساخطة على اختلال معادلة الحرب وتعثر مساعي السلام خلال هذه الهدنة التي يظهر جلياً أنها قوّت مليشيا الحوثي إلى درجة التغول وأضعفت موقف الحكومة الشرعية، في ظل تراجع دور التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.

وتراجع دور التحالف العربي في محاربة مليشيا الحوثيين لعدة عوامل، أولها توقيع الهدنة في أبريل 2022 وتجديداتها الثلاثة، ثم التزامه مع الحكومة الشرعية بمساعي جهود إنهاء الحرب والتوصل إلى صيغة تسوية سياسية بين الأطراف المتحاربة. وعزز التقارب بين السعودية وإيران في مارس الماضي برعاية الصين، من رغبة التحالف العربي في إحلال السلام والتوجه إلى تعزيز البنية الاقتصادية والاستثمارات طويلة الأجل لدولتي التحالف، وهو ما يظهر جلياً من خلال اللقاءات السعودية الصينية والسعودية الأمريكية على مدى الشهرين الماضيين.

ويتركز السخط الشعبي في اليمن جنوباً على تردي الخدمات العامة وانهيار العملة الوطنية، وشمالاً على إتاحة الفرصة لتغول مليشيا الحوثي ضد رجال الأعمال والقطاع الخاص واستحداث مسميات جديدة للجبايات حتى على مستوى المحلات التجارية الصغيرة.

وترقى الإجراءات التي اتخذتها مليشيا الحوثي مؤخراً إلى درجة إعلان الحرب الاقتصادية التي تصر على شنها بالتوازي مع الهجمات العسكرية التي تواصل شنها على عدة جبهات في الحديدة وتعز والضالع ومأرب، إضافة إلى هجمات الطائرات المسيرة على المناطق المحررة.

وبينما تمارس مليشيا الحوثي هذه الإجراءات، يبدو الوضع وقد انعكس تماماً، فبعد أن كانت الحكومة الشرعية مدعومة بالتحالف العربي تضيق الخناق اقتصادياً على المليشيا الحوثية، أصبحت الأخيرة هي التي تخنق الحكومة اقتصادياً، تارة باستهداف موانئ تصدير النفط وتارة بإجبار التجار على استقبال بضائعهم المستوردة عبر ميناء الحديدة بدلاً من ميناء عدن، وتارة ثالثة باستبدال الغاز المنزلي المنتج محلياً بغاز مستورد تزودها به إيران، والتهديد في الوقت نفسه، بضرب منشآت إنتاج الغاز في مأرب وشبوة.

وبرغم إقدام مليشيا الحوثي على هذه الأفعال المتناقضة مع تصريحات قياداتها برغبتهم بالسلام، اكتفى المجتمع الدولي والإقليمي بإدانة هذه الأفعال دون اتخاذ خطوات حاسمة تجبر المليشيا على وقف حربها الاقتصادية على الحكومة الشرعية وعلى المواطنين والقطاع الخاص في مناطق سيطرتها.

وكان رئيس الحكومة الشرعية معين عبد الملك قال، الأحد، في لقاء مرئي عن بعد مع سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في اليمن، إن الدولة والحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الحرب الاقتصادية التي تشنها ميليشيا الحوثي الإرهابية على الحكومة والشعب اليمني وتمس حياة ومعيشة المواطنين اليومية، لافتاً إلى أن كل الخيارات مطروحة للتعامل مع ذلك.

وفي السياق ذاته، ذكر إعلام السلطة المحلية في محافظة مأرب، أن محافظ المحافظة وعضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة، التقى رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانية، وبحث معهم تداعيات تهديدات الحوثي باستهداف مصادر النفط والغاز في منطقة صافر في مأرب. ودعا الاجتماع، إلى وحدة الصف اليمني في مواجهة تهديدات الحوثي والعمل على استعادة الدولة بالطرق التي تتناسب وطبيعة الميليشيا المسلحة، بينما دعا العرادة القوى السياسية والمكونات الوطنية للعمل مع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة كمنظومة سياسية متكاملة لاستعادة مؤسسات الدولة.

وليس من الواضح أن المجتمع الإقليمي والدولي يمارس أي ضغوط على مليشيا الحوثي للتوقف عن السلوك المناقض لمساعي السلام، بينما يتعرض مجلس القيادة الرئاسي لضغوط إقليمية ودولية كبيرة ومستمرة للاستمرار في التزامه بشروط الهدنة وضبط النفس. ومن ناحية أخرى، لا تظهر أي مؤشرات لمواقف حاسمة من قبل الدول الفاعلة في الملف اليمني يمكن أن توقف التعنت والصلف الحوثي، الأمر الذي يضع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة ودولتي التحالف في مواجهة السلوك المستهتر للمليشيا الحوثية بمساعي السلام، وفي مواجهة سخط شعبي آخذ بالتصاعد.