خفض كلفة التأمين وتأهيل الموانئ المحررة.. خيارات حكومية لمواجهة حرب الحوثي الاقتصادية

تقارير - Thursday 17 August 2023 الساعة 10:17 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

تعاني الموانئ المحررة من تراجع ملحوظ في نشاطها خلال الأشهر الماضية، جراء الإجراءات التي تنفذها جماعة الحوثي المدعومة من إيران لإجبار التجار على الاستيراد من موانئ الحديدة الخاضعة لها.

تراجع نشاط الموانئ المحررة لصالح ميناء الحديدة كشفت عنه عدد من التقارير المحلية والدولية، آخرها التقرير الصادر عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لشهر يوليو الماضي، حول الواردات الغذائية الواصلة إلى الموانئ اليمنية خلال النصف الأول من هذا العام.

حيث يقول التقرير إن الواردات الغذائية التي وصلت عبر موانئ الحديدة الخاضعة لجماعة الحوثي خلال النصف الأول من عام 2023 كانت أكثر بأربعة أضعاف من تلك التي وصلت إلى مينائي عدن والمكلا الخاضعين للحكومة الشرعية، التي ترى أن ذلك يأتي ضمن ما أسمته بالحرب الاقتصادية المُعلنة التي تشنها جماعة الحوثي ضدها، وفق تعبير وزير الإعلام معمر الارياني.

ونشر الارياني الثلاثاء، على حسابه في منصة "أكس –تويتر سابقاً" وثيقة صادرة عن مليشيات الحوثي بفرض جبايات مضاعفة على كافة السلع والبضائع في المنافذ الرابطة بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرتها، وقال بأنها تهدف إلى إجبار شركات الاستيراد والتجار على وقف الاستيراد عبر ميناء عدن، والاتجاه لميناء الحديدة الواقع تحت سيطرتها.

وفي حين يرى الوزير أن ذلك يهدف "إلى الإضرار بإيرادات الدولة والحيلولة دون قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها بما في ذلك دفع مرتبات الموظفين في المناطق المحررة"، يحذر من أن الحكومة "ستضطر لإعادة النظر في التسهيلات المتصلة بإعادة تشغيل ميناء الحديدة".

وفي توجه حكومي لمواجهة ذلك، وقع وزير النقل عبدالسلام صالح حُميد، الأحد، بالعاصمة عدن، مذكرة تفاهم أولية مع المدير الإقليمي للمنطقة العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لخفض كلفة التأمين البحري على السفن القادمة إلى الموانئ المحررة.

وتتضمن المذكرة وضع وديعة تأمينية قدرها 15مليون دولار في نادي الحماية التأمينية بلندن بهدف تخفيض تأمين الرسوم التأمينية على السفن والبواخر التي تضاعفت إلى 16 ضعفا عن الوضع العادي، بسبب ظروف الحرب، واعتبار ميناء عدن ذات مخاطر عالية، وفق وزير النقل الذي أكد أن تكاليف التأمين تكلف اليمن 250 مليون دولار سنوياً.

وتعد تكاليف التأمين واحداً من أهم أسباب ارتفاع أسعار السلع وبخاصة الغذائية في اليمن خلال السنوات الماضية وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة أواخر عام 2020م، حول دراسة أجرتها شركة هولندية لـ"تقييم الأضرار والقدرات لمينائي عدن والمكلا"، خلصت إلى تحديد أهم أربعة عوامل أسهمت في ارتفاع أسعار السلع الواردة إلى اليمن.

وإلى جانب تكاليف التأمين يقول التقرير إن العامل الثاني هو تأثر مينائي عدن والمكلا بالنزاع الذي أدى إلى انعدام الصيانة وعدم توفر قطع الغيار وقدِم نظم العمليات في الميناءين، وهو ما جعل قدرتهما محدودة للتعامل مع السفن القادمة، نتج عنه فترات انتظار طويلة للسفن القادمة (المرسى) وأوقات رسو طويلة ومعها رسوم أعلى، ففي ميناء عدن، تنتظر السفن لمدة تصل إلى 16 يوما في المرفأ وتقضي في المتوسط 10 أيام في المرسى.

كما يضيف التقرير عاملاً ثالثاً يتمثل في عدم امتلاك سلطات الجمارك في عدن والمكلا قدرات معالجة كافية عند تفريغ الحاويات وهو ما يؤدي إلى المزيد من التكدس في محطة الحاويات ويزيد من تكاليف نقل البضائع وإيصالها إلى المستهلك، أما العامل الأخير فكان إجراءات التفتيش التي اعتمدها التحالف في مينائي جدة وجيبوتي وقد تم إلغاؤها مؤخراً.

المهم في التقرير هو تأكيده أن هذه العوامل شكلت عام 2020م 50% من السعر النهائي لدقيق القمح، مقابل 33 بالمائة في عام 2017م، ما يشير إلى إمكانية الحكومة في تحسين مزايا الاستيراد عبر الموانئ المحررة وخفض قيمة البضائع المستوردة بشكل كبير، من خلال معالجة هذه العوامل وأولها خفض كلفة التأمين.

وفي ما يخص العاملان الثاني والثالث فإن التقرير يقدم خلاصة للتقييم الذي أجرته الشركة الهولندية لميناء عدن وميناء المكلا وأكدت الحاجة إلى حزمة استثمارية بنحو 50 مليون دولار للحفاظ على استمرارية القدرة التشغيلية الحالية للميناءين والعمل على استعادتهما إلى حالتهما قبل الحرب.