هجمات الحوثي بالبحر الأحمر تخنق الهند بأزمة "إمدادات النفط"
إقتصاد - Saturday 20 January 2024 الساعة 04:23 pmتعد الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط الخام في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين، وباتت هذه الإمدادات في خطر جراء تصاعد الهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي على السفن المارة في البحر الأحمر.
ومنذ مطلع يناير الجاري، بدأت الكثير من شركات تكرير النفط الهندية بالبحث عن إمدادات بديلة من دول في الشرق الأوسط والدول المجاورة الأخرى، بعدما رفعت الهجمات الأخيرة على السفن في البحر الأحمر مخاطر إطالة زمن الشحن، وارتفاع التكاليف.
وتستورد الهند نحو 85 بالمائة من حاجاتها من النفط الخام من الخارج. معظم هذه الإمدادات تأتي من روسيا، حيث تعد الهند الثاني عالمياً بعد الصين من حيث استيراد الخام الروسي. حيث ارتفعت الكميات التي تشتريها لتبلغ ذروتها عند أكثر من مليوني برميل يوميا في مايو 2023.
وعقب الحرب الروسية الأوكرانية ارتفعت حركة النفط عبر البحر الأحمر، شمالا وجنوبا بنسبة 140%، إلى 3.8 مليون برميل يوميا، وفق موقع بلومبيرج. إلا أن هذا التدفق الكبير أصبح مهدداً بالتوقف الكلي بسبب الهجمات الحوثية الأخيرة.
تراجع الإمدادات
وتراجعت إمدادات الهند من النفط الخام بعد توخي شركات الشحن الحذر بشأن عبور البحر الأحمر في الأسابيع الأخيرة بسبب تصاعد الهجمات التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن. وأدى ذلك إلى إجراء تحويلات واسعة النطاق في مسارات السفن، حيث سلكت العديد منها طريقاً أطول حول رأس الرجاء الصالح، مما زاد زمن الرحلة بما يصل إلى ثلاثة أسابيع.
وبحسب مراقبين اقتصاديين فإن شركات الشحن تطلب من الشركات الهندية العاملة في تكرير النفط، تحمّل علاوات المخاطر لعمليات التسليم عبر مسار البحر الأحمر أو تحمل تكاليف إضافية للعبور من مسار رأس الرجاء الصالح جنوب إفريقيا. وكلا الخيارين تم رفضه من قبل الشركات الهندية وأكد القائمون عليها أنهم ليسوا مستعدين لتحمل التزامات إضافية، الأمر الذي دفعهم إلى البحث عن موردين بديلين وتحديداً في دول الخليج العربي والدول المجاورة.
تراجع إمدادات النفط المستورد، يضع الهند تحت ضغوطات كبيرة، حيث تخشى المصافي الهندية من تعرض هوامش أرباحها لضغوط بسبب الارتفاع الحاد في تكاليف التأمين والشحن. إلى جانب احتياجها للإمدادات من أجل مواكبة الطلب المحلي، الذي يرتفع بسبب النمو الاقتصادي السريع في الدولة الواقعة في جنوب آسيا.
حلول بديلة
ووفقاً لتصريحات مسؤولين من وزارة التجارة الهندية، فإن الحكومة تنصح التجار باتخاذ مسارات أطول، مع تنويع واردات الطاقة، والتركيز بشكل أكبر على الشراء من الخليج العربي وآسيا الوسطى. موضحين أن الحكومة الهندية بدأت بإجراء مباحثات مع دولة منتجة للنفط بينها السعودية لإمكانية تأمين إمدادات بديلة للنفط الروسي.
قالت مادهافي أرورا، كبيرة الاقتصاديين لدى "إمكاي غلوبال فاينانشال سيرفسز" (Emkay Global Financial Services)، إن تدفق النفط الروسي من منطقة البحر الأسود قد يتأثر ويُعاد توجيهه، مما يؤدي إلى ارتفاع علاوة الخام من الشرق الأوسط. ورجحت أيضاً أن تتأثر صادرات منتجات الوقود المكرر الهندية إلى الاتحاد الأوروبي.
ضرر الهند مزدوج
لا تقتصر أضرار الهند على إمدادات النفط الخام المستورد فقط؛ بل أن التهديدات والمخاطر في البحر الأحمر تشكل تهديداً على عملية تصدير "النفط الهندي المكررة" صوب عدد من الدول الأوروبية.
تملك الهند 23 مصنع تكرير للنفط يقع أكثر من نصفها على طول سواحلها. وتعالج تلك المصانع 249 مليون طن من النفط في السنة، ما يجعل منها رابع مركز لتكرير النفط في العالم. ويخصص قسم كبير من النفط المكرر في الهند للسوق المحلية لكن النفط الروسي المتدني الكلفة سمح للعملاق الآسيوي أن يصبح مزودا مهما للدول الغربية وفي طليعتها الدول الأوروبية بالبنزين والديزل، معظم هذه الإمدادات تمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
وزادت صادرات الهند من المنتجات النفطية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 20.4% خلال 4 أشهر في العام 2023، لتصل إلى 11.6 مليون طن، بحسب صحيفة "إنديان إكسبرس" التي أوضحت أن مصانع التكرير الهندية تحقق "هوامش متينة" من الأرباح.
وتمثل الهجمات الحوثية في البحر الأحمر خطراً على الأرباح الهندية من النفط المكرر. ومن المتوقع أن تتأثر نشاطات مصانع التكرير مع تدني الكميات المستوردة من النفط الخام الروسي. كما أن تراجع تصدير النفط المكرر سيكون له تأثير على السوق في الدول الأوروبية التي باتت تعتمد على هذا النوع من النفط كإمداد رئيسي بعد حضر استيراد النفط الروسي بسبب الحرب على أوكرانيا.