تضحية الحوثي بتنازلات السلام.. عواقب "وخيمة" لخدمة إيران
تقارير - Wednesday 17 April 2024 الساعة 05:09 pmكشفت خلاصة المداولات التي شهدتها جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة حول اليمن، عن انسداد تام في مسار السلام وفشل المحاولات الأممية في إعادة إحياء هذا المسار وسط تحذيرات من مخاطر عودة مشهد الحرب في البلد.
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قال في إحاطته للمجلس بأن الزخم الذي شهده مسار السلام العام الماضي والتوصل إلى الالتزامات المعروفة بخارطة الطريق، قد تعثر في التوصل إلى اتفاق بسبب الأحداث الإقليمية، مؤكداً بأنها أدت إلى تعقيد مساحة الوساطة بشكل كبير.
وتحدث المبعوث الأممي إلى التصعيد المستمر في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ودخوله شهره السادس، باستمرار جماعة الحوثي بمهاجمة السفن التجارية والعسكرية، والرد على ذلك من قبل أمريكا وبريطانيا بتنفيذ هجمات على أهداف عسكرية تابعة للحوثي.
وفي حين اقر غروندبرغ بأن النزاعات في اليمن والمنطقة المحيطة به باتت متشابكة بشكل لا يمكن تجاهله، إلا أنه قال بأنه يتوجب ضمان ألا يتم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى، مشدداً على عدم المجازفة بفرصة اليمن في تحقيق السلام، وأضاف محذراً: إذا أهملنا العملية السياسية في اليمن وواصلنا السير على مسار التصعيد، فقد تكون العواقب وخيمة، ليس على اليمن فحسب، بل وعلى المنطقة بأكملها.
حديث المبعوث الأممي عن "إهمال العالم" لمسار السلام في اليمن والتحذير من خطورته، أكدته كلمات ممثلي الدول الغربية في مجلس الأمن وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي ركزت على هجمات جماعة الحوثي ضد الملاحة الدولية، وكان لافتاً الموقف المتشدد وغير المسبوق الصادر عن اليابان في الجلسة بالمطالبة بموقف دولي موحد في التصدي لتهديدات الحوثيين للأمن البحري.
وبدا واضحاً الموقف الضمني الذي عبرت عنه كلمات ممثلي أمريكا وبريطانيا بربط إحياء مسار السلام في اليمن بوقف هجمات جماعة الحوثي المدعومة من إيران ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما يفسر مطالبة المبعوث الأممي بعدم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى.
هذه المطالبة تعكس ايضاً مخاوف المبعوث الأممي والوسطاء في الملف اليمني، فجلسة مجلس الأمن عُقدت عقب ساعات فقط من الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل فجر الأحد، بعشرات المُسيرات والصواريخ في حدث استهل به المبعوث كلمته بالإشارة إلى أن عقد الجلسة يأتي "في لحظة خطيرة بشكل خاص في الشرق الأوسط".
حيث يُعبر حديث المبعوث الأممي عن مخاوف حقيقية من وجود تداعيات محتملة على مسار السلام في اليمن جراء الهجوم الإيراني ومشاركة جماعة الحوثي بالهجوم بانطلاق عدد من المُسيرات والصواريخ من مناطق سيطرتها في اليمن نحو إسرائيل.
وهو ما يكشف مدى انخراط جماعة الحوثي في المشروع الإيراني وتحولها إلى واحدة من أهم أذرع طهران بالمنطقة، ما يضيف –بنظر المبعوث الأممي- تعقيدات إضافية إلى مشهد الوساطة في اليمن بتعزيز "إهمال العالم" لمسار السلام بالحديث عن التهديد الذي باتت تمثله جماعة الحوثي.
إلا أن "العواقب الوخيمة" التي يحذر منها المبعوث الأممي، يبدو أن الجماعة الحوثية هي اكبر الأطراف التي ستدفع ثمنها، بخسارة المكاسب التي ستحصل عليها الجماعة عبر خارطة الطريق، بعد أن تمكنت من انتزاعها تنازلات مهمة بهذه الخارطة على حساب الحكومة الشرعية، وعلى رأسها ملف المرتبات وتقاسم عائدات تصدير النفط.
تنازلات مثلت ما يشبه "طوق نجاة" للجماعة الحوثية في وجه خطر انفجار الوضع داخل مناطق سيطرتها جراء تصاعد المطالبات الشعبية بصرف المرتبات والكشف عن مصير العائدات والجبايات التي تتحصلها الجماعة بعد توقف الحرب في الجبهات جراء اتفاق الهدنة الأممية في أبريل من عام 2022م.
خسارة "مكاسب" السلام وإدراك جماعة الحوثي بصعوبة العودة إلى مسار الحرب، دفع بها مؤخراً بمطالبة السعودية إلى العودة إلى مسار السلام والتوقيع على خارطة الطريق ورفض الضغوط الأمريكية والغربية التي تشترط وقف هجمات الجماعة المدعومة من إيران ضد الملاحة الدولية مقابل المضي نحو اتفاق السلام في اليمن.
مشهد يعكس حجم المأزق الذي تعيشه جماعة الحوثي بين محاولاتها الحفاظ على مكاسبها في مسار السلام في اليمن والهروب من مواجهة ضغوط الشارع بمناطق سيطرتها، وبين عجزها بوقف انخراطها في المشروع الإيراني وتقديم مصالحها ومصالح اليمنيين على مصالح نظام طهران وخدمة صراعه مع الغرب على النفوذ بالمنطقة العربية.