الموت يحاصر أماً و4 أبناء معاقين نزحوا من البيضاء إلی أبين ولا معيل لهم

المخا تهامة - Sunday 23 September 2018 الساعة 06:27 pm
أبين، نيوزيمن، تقرير خاص:

تعيش أسرة نازحة من البيضاء إلى مدينة جعار بمحافظة أبين -تضم أماً وأربعة أبناء وبنات معاقين- في معاناة مريرة ووضع مأساوي صعب جراء افتقارها لأبسط مقومات الحياة.

وتقطن الأم، حورية علي أحمد الجنيدي، وأولادها المعاقون في غرفة صغيرة بمدينة جعار في ظروف قاهرة ومؤلمة، بعد أن دفعتهم الحرب الدائرة بين الجيش وميليشيا الانقلاب الحوثية إلى ترك منزلهم، الكائن في منطقة "الحيكل" بمحافظة البيضاء.

وتكالبت ظروف الحياة القاهرة؛ على الأم "حورية"، بعد وفاة زوجها في حادث سير بالمملكة العربية السعودية قبل 5 سنوات، وتضاعفت مأساتها بعد مقتل ولدها السوي الوحيد في أسرتها "علوي" على يد شقيقه المختل عقليًا قبل 3 سنوات.

وأصبح الموت البطيء يحاصر هذه الأم وأطفالها المعاقين الأربعة، ولدان وبنتان: أفراح (32 عامًا)، وعلي (20 عامًا)، وعبد الله (18 عامًا)، وأميرة صالح أحمد (13 عامًا)، سيما بعد اضطرارها للنزوح جراء الحرب الدائرة في منطقتهم دون أن تلتفت إليها الجهات الحكومية ومنظمات الإغاثة المحلية والإقليمية والدولية.

وفي هذا الصدد تقول النازحة حورية، وهي تسرد تفاصيل معاناتها لموقع (نيوزيمن): "أعيش وأولادي الأربعة المعاقين ظروفًا قاهرة، ووضعًا مأساويًا ليس له مثيل، حيث فقدت زوجي وقُتل ابني السوي الوحيد، وغادرت منزلي في منطقتي النائية في محافظة البيضاء بسبب الحرب، مع قلة ذات يدي ومرض أولادي وعجزي عن علاجهم".

وأضافت: "أولادي كما ترى طريحو الفراش، أجسادًا ساكنة دون حراك، ونظرات زائغة لا تعبر عن شيء، يفتقدون المأكل والمشرب والملبس والدواء، وليس بيدي ما أستطيع تقديمه لهم، سوى البكاء وانتظار ما يجود به الناس علينا".

وتابعت: "أبحث يوميًا عما أستطيع به تغطية حاجياتهم الضرورية من حفاضات، وطعام.. خصوصًا أنهم لا يستطيعون الحركة ولا الكلام، أمسح (الغائط) من تحت أقدامهم وأغسلهم وأعتني بهم قدر استطاعتي، فليس لهم في الحياة بعد الله الكريم غيري".

تفترش "حورية"، وأولادها المعاقون الأرض كلما خلدوا إلى النوم، لكنها لا تهتم بذلك كثيرًا، بقدر اهتمامها بمأكلهم ومشربهم.

وتواصل رواية مأساتها بمرارة قائلة: "لا يوجد معنا فرش ولا ملاءات ولا حتى وسادة نضع رؤوسنا عليها، لكن الأمرّ من ذلك كله والأكثر إيلاماً، أنه لا يوجد معنا أي نوع من أنواع الأطعمة والمياه".

وأردفت: "أشعر أن الأرض ضاقت عليّ وأولادي بما رحبت، بعد أن أصبحت عاجزة عن توفير أبسط متطلبات الحياة لهم".

من جهة أخرى يقول رئيس لجنة استقبال وإيواء النازحين في مديرية خنفر بمحافظة أبين، أحمد سيود، ل(نيوزيمن) "إن عدد النازحين من جحيم المعارك في محافظات صنعاء وتعز والبيضاء والحديدة إلى مديرية خنفر بمحافظة أبين وحدها بلغ أكثر من ثلاثة آلاف وثلاثمائة أسرة والعدد مازال في تزايد مستمر".

وأشار إلى أن حكاية حورية الجنيدي وأولادها ربما تكون الأبرز، لكن هناك أيضًا الكثير من القصص المؤلمة لعدد من الأسر النازحة التي أجبرتها الحرب على مغادرة أراضيها والاكتواء بنار النزوح والتشرد.

وأوضح أن النازحين يعيشون ظروفاً مأساوية قاهرة، وعاجزون عن سبل كسب الرزق ويفتقدون لأبسط مقومات الحياة، فضلاً عن كونهم أكثر عرضة للإصابة بالأوبئة وسوء التغذية الحاد جراء انعدام الأمن الغذائي.

ولفت إلى أن "دور المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، يبدو غائبًا، إلا من بعض التحركات الضئيلة التي لا تكفي ولو بنسبة 10%".

وأفاد سيود، أن استمرار الحرب زاد من "أعباء سكان المديرية بشكل عام، والنازحين بشكل خاص لأنهم تركوا مناطقهم ومنازلهم للنجاة بأنفسهم وأطفالهم".

وأردف: "لا تتوقف معاناة هؤلاء النازحين عند انعدام الأمن الغذائي والخدمات الصحية فحسب بل يعانون من عدم وجود المأوى المناسب لغالبية الأسر النازحة الی المديرية من محافظات صنعاء (شمال)، والحديدة (غرب)، والبيضاء (وسط)، وتعز (جنوب غرب)".

وزاد بالقول: "لجأت غالبية الأسر إلى افتراش العراء والمبيت تحت الأشجار، وهم عرضة للأجواء المناخية المتقلبة".

ولفت إلى أن مأساة الأم النازحة حورية وأولادها المعاقين لم تلتفت إليها أي من الجهات الحكومية ولا المنظمات الإنسانية، وإنما بادر بعض فاعلي الخير بالمديرية لتقديم ما أمكن من مساعدات منقذة للحياة وسلمت لها تلك المساعدات في شهر مارس الماضي.

وقد تبدو قصص النزوح وأخبار التشرد "اعتيادية" في بلد غادرته الطمأنينة منذ زمن، لكن حالة الأم "حورية" وأولادها، تشكل واقعة مؤلمة لكل من شاهدها، واطلع على تفاصيلها، وهي تعبير حقيقي، عن سوء الحال الذي وصلت إليه الأوضاع في البلد الذي كان يسمى إلى وقت قريب "اليمن السعيد".

ومع دخول الحرب عامها الخامس، يأمل اليمنيون أن يلتفت أطراف الصراع لمعاناتهم ووضع حدٍ للنزاع؛ تفاديًا لمزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية، والمعيشية والاقتصادية وذلك بالجلوس على طاولة مفاوضات الحل السلمي لبلورة حل سياسي توافقي يعيد السلام إلى أرض الإيمان والحكمة وينهي الحرب وكل تداعياتها ومآسيها..