نازحو الحديدة.. "صنعاء مدينة لا ترحم"

المخا تهامة - Friday 05 October 2018 الساعة 09:46 pm
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

"النزوح"، هذه المفردة اللعينة التي جرعت الكثير من اليمنيين الذل والهوان، وعرضتهم لصنوف الحاجة والعوز.. فالأحداث الدامية والحرب الضروس التي تعاني منها مختلف المناطق اليمنية، فرضت على آلاف الأسر اليمنية ترك منازلهم ومغادرة مدنهم ومناطقهم إلى محافظات أخرى، لتبدأ فصول معاناة جديدة ومزرية، ومن أكثر الناس تضرراً هم نازحو الحديدة المعروفون بحالتهم المعيشية المتدنية وهم في مناطقهم، فكيف ستكون حالتهم وهم نازحون.. مراسل "نيوزيمن" التقى بعض النازحين من أبناء الحديدة في صنعاء وأطلعوه على جزء مما يعانونه وعملية الابتزاز التي يتعرضون لها.

صنعاء مدينة لا ترحم

يقول "محمد سعيد": كان لدي منزل مكون من ثلاثة طوابق في "الدريهمي" وكنت أعيش وأهلي وأقاربي مستوري الحال، لكنه تم استهداف منزلنا بالمدفعية والهاونات مع دخول القوات المشتركة واحتدام المعارك بينهم والحوثة، توفي ثمانية من أهلي وأقاربي، اضطررت للنزوح إلى صنعاء، وبالكاد حصلنا شقه نستأجرها.

ويشكو محمد من التعامل الانتهازي الذي يقوم به المؤجرون في صنعاء. ويقول "يا أخي، نحن نازحين ما معنا شيء، ولسنا قادمين من الخليج، أنا الآن مستأجر هذه الشقة بسبعين ألف ريال، رغم أن صاحب المنزل كان مؤجرها بأربعين ألفا، وعندما نقول لهم اتقوا الله، يقولون المنظمات تعطيكم.. أنتم أحسن حالاً منا".

أما فؤاد علي فيقول "معي هذا الباص الصغير أعيل به أسرتي وأسرة أخي، ولكن أصحاب الفرزة والتابعين لهم في الشوارع يمنعوننا من تحميل الركاب، لأن باصي خصوصي".

ويؤكد فؤاد أنه يتعرض للابتزاز اليومي والبلطجة وذلك بإنزال الركاب من على متن باصه بحجج واهية، رغم أنه يخبرهم أنه نازح ويعيل أكثر من عشرة أشخاص.

عبدالرزاق فتيني، يخبرنا من جانبه بما يعانيه قائلاً "أصحاب الباصات في صنعاء يدفع مائة ريال في اليوم، ونحن ندفع مائتين على كل حملة". ويضيف "عذبوا نحنا وأهانونا، بس ربك هو العدل وبينتقم من صنعاء وأهلها، بايجي لهم يوم".

من منزل إلى دكان

تقول أم "عبدالرحمن قادري"، أنا موظفة تربوية، اضطررت للنزوح إلى صنعاء التي كنا نسمع عن تعاون أهلها وتعدد الفرص فيها، ولكن آلت بنا المالآت إلى دكان أسكن فيه وأولادي، لا نرى الشمس من خلاله فهو أشبه بالسجن خصوصاً مع إغلاقنا للباب بشكل دائم. وتواصل حديثها "هذا الدكان كان ايجاره سبعة آلاف ريال ولكن ببركة أصحاب الحديدة صار بعشرين ألفا".

وتخبرنا أم عبدالرحمن، بمرارة الابتزاز، قائلة: لم نحصل على مساعدات من المنظمات إلا مرة واحدة، وفي كل مرة نحاول التسجيل نصطدم بطلبات ووثائق وينتهي الأمر بطلب مبلغ مالي من أجل تسجيلنا، هكذا يفعل مشرف الحوثي في الحي بنا دون رحمة أو خجل".

أما أحمد سليمان - مدرس رياضيات، فيقول أسكن أنا وأسرتي في أحد الدكاكين وأعمل الآن في مدرسة خاصة براتب زهيد لا يتجاوز الثلاثين ألف ريال، مقابل تدريسي سادس وسابع بواقع ست حصص يومياً على مدار الأسبوع. ويضيف "يستغلونا استغلالا بشعا في كل شيء، لا رحمة ولا احترام".

البرد آفة

مع دخول فصل الشتاء تزداد معاناة نازحي الحديدة غير المعتادين على برد صنعاء، ولذا تراهم ومنذ فصل الصيف يرتدون الملابس الثقيلة، فكيف سيكون حالهم مع اشتداد البرد.

تمتلئ المراكز الصحية في صنعاء بمرضى من الكبار والصغار بسبب تغير الأجواء، وكأن الفقر والنزوح والبرد قد اجتمعوا جميعاً ضد ابن الحديدة في صنعاء، ولا يتحصل على شيء سوى أن الحوثيين يرون فيهم عملاء ومندسين، أو جبناء فارين من الموت، كما يردد الحوثيون هذا الكلام دوماً على مسامع الرجال وخاصة الشبان، وكأنه لابد من الموت في سبيل مشروع الإمامة لا الوطن.

وكم هو محزن أن ترى المنظمات جميعها ترفع شعار مساعدة النازجين ولكن الواقع مغاير.. فالحوثيون يتقرصنون على المنظمات الإغاثية، وهم من يزود المنظمات بالكشوف التي لا تخلو من خمسمائة إلى ألف حالة وهمية في كل مركز توزيع، يتم نهبها لصالح الجماعة، وما زالت جماعة الحوثي تكذب وتمارس التضليل وتدعي الشفافية، فكثير من أبناء الحديدة النازحين محرومون ويتم إدراج نازحي صعدة وأسماء وهمية عوضاً عنهم..