قالت الحديدة غالية فردوا و"حيس" داعشية.. "بشارة" عائلة شردها الحوثي وقنص ابنتها

المخا تهامة - Monday 22 October 2018 الساعة 10:03 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

"بنت سالم سعيد بشارة قنصها الحويثة وهي ترعى الأغنام".
بهذه المفردات العامية، استهلت "نعمة"، وهي عجوز تهامية مسنة، تصوير مشهد سقوط ابنتها اليافعة، مضرجة بدمائها برصاصة قاتل حوثي مسكون بكميات هائلة من الوحشية، حد أن استهداف فتاة بسيطة أمام والدها وأمها المسنين أمر اعتيادي.

تقول الأم، في حديث مصور لـ"نيوزيمن"، ساردة فظاعات ميليشيا الحوثي بحق الأسرة في منطقة بني بشارة بمديرية حيس جنوبي الحديدة: "نحن كل يوم نرعى دوابنا أما نحن متنا جوعاً.. أصبح أملنا أن نسلم من الحوثة.. لا حول ولا قوة، أين نروح؟ (أين نذهب)".

أسعفت "فاطمة" إلى المستشفى الميداني في الخوخة عقب إصابتها برصاصة قناصة ميليشيا الحوثي، ومنه إلى مشفى بمدينة المخا، غير أن حالتها الحرجة استدعت نقلها إلى مدينة عدن جنوبي اليمن، وهو ما حدث.

لكن.. وما أقسى "لكن"، كانت فاطمة قد أصبحت مصابة بشلل كلي في أطرافها، وفاقدة الحركة تماماً.. "لا حية ولا ميتة"، حسب تعبير الأم.

لم تكتف ميليشيا الخراب بإحالة فتاة تهامية حالمة إلى مشلولة كلياً، وإيغار قلب والديها المسنين، حزناً وكمداً، بل ذهبت إلى ما هو أبعد وأخطر، وتلك جريمة أخرى.

تقول الأم: "أتى إلينا اثنين مسلحين من الحوثيين وهددونا إن لم ننزح سيكون مصيرنا القنص أو الموت بالمقذوفات"، وتضيف: "نزحنا لمدينة حيس لنصبح ونمسي على المقذوفات، مصبحين وومسين"، كما قالت بلهجتها التهامية.

هجرت الأسرة منطقتها جنوبي الحديدة، قسراً، ونزحت تحت ضغط الإجرام الحوثي، إلى مدينة حيس تاركة خلفها منزلاً بسيطاً هو كل ما تملك، وهناك التجأت إلى بيت يأويها من شتات النزوح والفقر والخوف والألم.

تقول "نعمة" بلهجتها التهامية "أخرجوني من بلادي بالصميل يان أروح ذحين، لا معانا منجا ولا مستلجأ"، أما المعنى فـ"اجبروني على النزوح بالقوة، أين أتوجه أنا واسرتي، لا يوجد لدينا ملجأ نلوذ به".

تضيف: "بدينا (وصلنا) هاربين فحول الله بذا البيت لنلجأ إليه –أجبرنا على النزوح القسري فعثرنا على هذا المنزل فاتخذناه ملجأً يأوينا.. أين نذهب.. لا حول ولا قوة إلا بالله". وتكمل: "تركنا منازلنا وأثاث منازلنا وفررنا بالثياب التي نرتديها".

أصيبت الفتاة بشلل نصفي، وهُجرت الأسرة من منزلها قسراً، لكن هذا ليس كل شيء، فثمة فصل آخر من المأساة بدأ بمقتل ابنها إثر انفجار لغم حوثي.

تقول الأم: "بنتي أصابوها بطلقة قناص، وابني قتلوه بلغم، إلى أين نشتكي، لا يوجد لدينا غير الله نبث شكوانا إليه".

وتكمل: "بني كان ينوي زيارتنا قتلوه باللغم أثناء عودته إلى القرية.. هؤلاء (أي الحوثيين) لا يخافون الله، من يخاف الله لا يجبرك على ترك منزلك والبحث عن مأوى".

وعند هذه النقطة تبكي الأم بحرقة وتردد "حتى القاضي لا يجبرك على ترك منزل.. أين نذهب؟ إلى أين نلجأ؟ من يجيرنا من أولئك (ميليشيا الحوثي).. الله يشردهم كما شردونا وأذاقونا ألم النزوح والبحث عن مأوى".

وتواصل "نعمة" سرد مأساة الأسرة وفداحة الجرم الذي مارسته ميليشيا الحوثي بحقها، وفي صوتها ألف غصة تخنقها: "كانوا يمارسون إرهابهم علينا.. كل يوم يقفون ببنادقهم أما منزلنا.. يطلقون الرصاص دون سبب إلا لتخويفنا".

ولا تفوت "نعمة" رغم تقدم سنها وبساطة فهمها، الإشارة إلى حدث بسيط -وقع أمام منزلها قبل نزوحها منه- لكنه لا يخلو من رسائل الإرهاب: "ذات مرة نبح الكلب فأطلقوا (الحوثيون) عليه الرصاص وقتلوه". تتابع قائلة: "قلت له (أي للحوثي الذي قتل الكلب) خاف الله، تقتل الكلب لأنه نبح.. قال لي: "يا حجة (يا عجوز) اخرجي من منزلك". وتستنتج: "وكأنه يقول لي إن مصيركم سيكون ذات مصير الكلب".