دراسة عن الحرب والصحة النفسية: 14 صراعاً مسلحاً عاشها اليمني في الـ25 من عمره

المخا تهامة - Saturday 01 December 2018 الساعة 10:13 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

عانى توفيق علي، موظف حكومي، من الاكتئاب، وأصبح منطوياً وتدهورت صحته العقلية بشكل مخيف بعد أشهر فقط من توقف راتبه في سبتمبر 2016. طرده المؤجر بعد عجزه عن دفع إيجار السكن، أصبحت ثيابه رثة ومرت أشهر لم يغتسل خلالها، وأصيب بالهلوسة ويوماً عن آخر كانت حالته تسوء أكثر.

وتوفيق واحد من آلاف الضحايا غير المرئيين للحرب في اليمن، والذين يعانون صدمات نفسية بسبب تأثيرات القصف والمعارك من ناحية، والتدهور الاقتصادي وسوء الوضع المعيشي من ناحية أخرى، ملايين من موظفي الدولة بدون رواتب وآخرون فقدوا مصادر دخلهم ومعدلات بطالة مرتفعة.

بدأت الحرب في اليمن في نهاية عام 2014، بعد أن استولى المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس 2015، عندما قادت السعودية تحالفاً عسكرياً، لدعم الحكومة الشرعية.

وقد خلفت الحرب نحو 10 آلاف قتيل، بحسب منظمة الأمم المتحدة، لكن أضعاف هذا الرقم انتقلت الحرب إلى رؤوسهم وأصابتهم بأمراض عقلية منها الاكتئاب والقلق وانفصام الشخصية واضطراب ما بعد الصدمة والصداع اليومي والخوف، لم تصبهم الرصاص ويتم تصنيفهم كناجين من الحرب، وحالتهم تقول إنه لا أحد ينجو من الحرب.

وأكد محفوظ الخليدي، رئيس جمعية أصدقاء الأمراض العقلية والنفسية، أن الحرب أصابت مئات الآلاف من الناس بالصدمة. وتشير الإحصاءات الصادرة عن المنظمة إلى أن حوالي 5٪ من سكان اليمن يعانون من الفصام، في حين يعاني 10 ملايين شخص من الأمراض العقلية المرتبطة بالحرب.

قال الخليدي ، وهو طبيب نفسي ومدير مستشفى للأمراض النفسية، لـ"نيوزيمن"، "إن عدد الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية ازداد بشكل كبير طوال فترة الحرب، ومعظمهم من النساء والأطفال.

وتختلف الأسباب وراء الصدمات التي يتعرضون لها، بما في ذلك القرب من الانفجارات وفقدان قريب أو شخص قريب، بالإضافة إلى تأثير الوضع الاقتصادي وانعدام فرص العمل ووسائل كسب العيش".

وأشار الخليدي، إنهم أسسوا المنظمة بغرض توفير الأدوية المجانية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية. وأوضح أن الأدوية النفسية غير متوفرة في الغالب في السوق اليمني وهي باهظة الثمن. وإن العديد من العائلات والمرضى يمتنعون عن طلب المساعدة بسبب تكلفة العلاج.

هناك نقص في الوعي بقضايا الصحة العقلية في اليمن بحسب الخليدي: "يعتقد الناس أن المرضى العقليين هم مجانين أو يتلبسهم الشياطين. يبحث العديد عن الطب التقليدي والبعض الآخر يذهب إلى المستشفيات العامة عندما تظهر على المريض أعراض جسدية، مثل الألم".

وفقاً لعلماء النفس العاملين في اليمن، يمثل الأطفال 50 ٪ من المرضى العقليين، وهذا يعني أن جيلاً بأكمله تعرض لصدمة من الحرب.

ويعاني آلاف الأطفال من الخوف والقلق والاكتئاب الشديد، بالإضافة إلى الصداع والغثيان وصعوبة التنفس والتقيؤ وفقدان الشهية والأرق والكوابيس وغيرها.

وأظهرت دراسة قام بها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع عيادة حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا وكلية ميلمان للصحة العامة، أن الصحة النفسية في اليمن مهملة بشدة من قبل السلطات المحلية والمجتمع الدولي وأن الصراع المسلح في اليمن زاد بشكل كبير عدد حالات الأمراض العقلية.

وذكرت الدراسة أن المواطن اليمني البالغ من العمر 25 عاماً قد شهد بالفعل 14 صراعاً مسلحاً في حياته.