تحقيق - الكارثة الثانية في صنعاء بعد الحوثيين: التهافت على السلع "المقربة"

إقتصاد - Wednesday 12 December 2018 الساعة 10:38 pm
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

يقال تعددت الأسباب والموت واحد، وفي اليمن التعيس أصبح لسان حال الشعب خصوصاً في صنعاء تعددت النكبات والحوثي واحد، فالنكبات التي يعيشها المواطن تكاد لا تعد أو تحصى، في ظل زمن المليشيات التي لم ولن ترتقي يوماً لفهم معنى الدولة وكيفية إدارتها، لذا تستمر مأساتنا ما استمرت هذه المليشيات بعقليتها الفيدية والسلبية التامة ما دام العائدات تأتي فليفعل الجشع فعلته والغش يبطش والغلاء يفتك، وليلجأ المواطن في صنعاء للموت ليشتريه بيديه.

ومن أبشع نكبات أهالي صنعاء في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها جراء الإفقار المتعمد من خلال رفض صرف المرتبات للناس، أبشع تلك النكبات هي البضائع الفاسدة أو المنتهية الصلاحية، وكما يقول البعض عنها "مقربة الانتهاء" والتي تعتبر إرهابا آخر، وعنفا وإرهابا غذائيا وصحيا يفتك بالمواطن الذي لجأ تلك المواد الغذائية والأدوية المنتهية المفعول بسبب ما يمر به من عوز وحاجة، رغم معرفته برداءة نوعية المواد، ولكن ما حيلته ما دام وهناك سماسرة ونافذون يقومون بإدخال وترويج تلك البضائع بطرق عدة ما دامت تدر مصدرا ماليا من خلال الإتاوات وشراء الذمم، لذا تجد الكثير من أسواقنا ممتلئة بالبضائع الفاسدة "المقربة" والتي تسببت بالكثير من الأمراض والتسممات للناس دون أن يتحرك الحوثي وسلطته إلا لجمع الإتاوات حتى من الباعة المتجولين لتلك الأمراض المعلبة!!

تحدث لمراسل "نيوزيمن" محمد الجرادي أحد أطباء الطوارئ في مسشتفى الثورة بالعاصمة صنعاء، والذي أبلغه بعدد من الحالات التي تعرضت للتسمم خصوصاً من الأطفال بسبب تناول "كيك" مقرب رخيص الثمن ولكن سوء التخزين وربما انتهاؤه قبل أن يتم تغيير تاريخ المنتج الصحيح لتمديده فترة تسويقية. وقال "يسبب تناول هذه المنتجات أمراضاً مختلفة كالتسمم الغذائي بسبب تناول مادة غذائية فاسدة أو منتهية الصلاحية وبسبب انعدام الضمير عند بعض التجار الذين يستغلون غياب الدور الرقابي ويبدأون بالترويج لسلعتهم الفاسدة، مستغلين الحالة الاقتصادية للمواطن، ويستغلون تهافت الناس على "الرخيص" بسبب الأوضاع، ويجهل المواطن البسيط ما سيحدث له مستقبلاً من أضرار صحية.

وحذر الجرادي المواطنين من تناول الأغذية التي يتم بيعها بأسعار رخيصة على أنها "مقربة" أو المعلبات التي تعاني من انتفاخ أو صدأ وإن لم تنته صلاحيتها، فطريقة التخزين تعجّل في تلف المنتج ولوكان ساري الصلاحية.

من جانبها تقول سمر اليمني -ربة بيت- أعاني من حساسية في يدي، وبعد مراجعات من دكتور لآخر اتضح أن ذلك بسبب مسحوق الغسيل الذي نشتريه من البسطات "المقربات".

وتضيف بلهجتها المحلية "بتبسر على حال قد وصلنا له قد العلبة (فيري) الصغير ب 700 ريال، وهي كانت ب 350 ريال، ولا رواتب ما معنا إلا هؤلاء، رخيص وكيف ما كان، والنتيجة مرض وحساسية، لا حكومة تراقب الأسعار ولا تتحمل المسؤولية وتدي رواتب للناس على الاقل نشتري اشياء ما تمرضناش".

يقول عمار الحبابي: المواد الغذائية الفاسدة أغرقت السوق دون أي رقابة، وأصبحنا نجدها بصورة دائمة في الأسواق وهناك من يروج من فوق "باص" مستغلين ضعف القدرة الشرائية عند المواطن بسبب انقطاع المرتبات، وسعياً من التجار وراء الربح الحرام على حساب وسلامة المواطنين الذين يغريهم رخص أسعارها.

وهذا يدل دلالة واضحة على انعدام الرقابة في ظل سيطرة الحوثيين على الدولة، ولا يستبعد ان يكون هم شركاء بل هم أنفسهم التجار لهذه المواد التي أغرقت الأسواق، خصوصاً وأن المؤيد صاحبهم سبق واستورد "ديزل" ملوثا وادخلوه للسوق دون أي إحساس بالمسؤولية أو وازع ديني.

وتعاني العاصمة صنعاء والمدن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من تفشي ظاهرة الغش وانعدام الرقابة، الأمر الذي ضاعف من مآسي المواطن وتعرضه لصنوف الإرهاب والتنكيل اليومي فقراً ومرضاً وغشاً سلعياً.