مكاتب تخليص بـ«القِوال».. شبكة فساد تحول «جوازات مأرب» لسوق سوداء

السياسية - Tuesday 15 January 2019 الساعة 11:56 pm
مأرب، نيوزيمن، خاص:

فتح بلاغ باعتداء على صحفي في مدينة مأرب، إلى وزير الداخلية وقائد معسكر حرس المنشآت، الباب على مصراعيه لشكاوى المواطنين عن امتهان لكرامة المواطنين واعتداءات يتعرضون لها في مبنى مصلحة الهجرة والجوازات من قبل من يفترض بهم حمايتهم، وكذا عن إثراء غير مشروع، ورشاوى تصل لـ100 ألف ريال عن الجواز الواحد.

وشكا الصحافي جبر صبر، في بلاغ إلى وزير الداخلية، يوم الاحد تاريخ 6 يناير 2019م تعرضه للتهجم ومحاولة الاعتداء من قبل مساعد ضابط حراسة مصلحة الجوازات بمدينة مأرب بشير حجر، أثناء تواجده في المصلحة برفقة ابنته ذات الثالثة عشر عاماً وطفلته الرضيعة ذات السبعة أشهر.

وقال الصحافي صبر في بلاغه "تسبب تهجمه عليّ ومحاولة الاعتداء لولا منع زملائه من ذلك، بحالة فزع وهلع لدى ابنتي ذات الثالثة عشر عاماً التي كانت بجانبي وهي تحمل طفلتي الرضيعة ذات السبعة الأشهر، واستمرت لفترة طويلة بالبكاء جراء هلعها من تهجم المذكور، والذي كان على مرأى ومسمع من المواطنين، دون مراعاة لوجود طفلتي معي".

وعقب بلاغ الصحافي صبر، كشف مواطن في رسالة، أن عناصر الأمن الذين يحرسون المصلحة، يتحول البعض منهم إلى أعقاب بنادق وعصي وأقدام وأكف تعتدي على (المُعاملين) بحجة النظام وتسوية الصفوف أو حتى وجود مخالفين، وهذا أمر لا يقره شرع ولا قانون ولا عرف..".

ولا يعاني المواطن من الاعتداء فقط في مصلحة الجوازات بمأرب، بل أيضاً الفساد المنظم عبر شبكات داخل فرع المصلحة، والازدحام الشديد الذي يجعله يقضي أسابيع في انتظار استخراج جواز السفر، لا سيما بعد قرار الحكومة في ديسمبر الماضي، بمنع تعامل شركات الطيران مع الجوازات الصادرة من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.

وجاء في نص رسالة المواطن عبدالخالق عطشان لمحافظ مأرب سلطان العرادة ومدير الأمن: "الطوابير تطول وتطول معها معاناة سكان محافظات عدة قطعوا مئات الكيلومترات ويتعرضون لشتى أنواع العراقيل والمخاطر في النقاط والطرقات للوصول إلى مأرب لاستخراج جواز سفر".

ويقول مواطن آخر لـ"نيوزيمن": "لم نستطع أن نستلم جوازا منذ أسبوع بعد معاملة على استخراجه استمرت أسبوعين بسبب الزحام".

سوق سوداء للجوازات

وانتشرت إعلانات مكاتب سفريات وسياحة عن "تقديم خدمة تسهيل استخراج جواز من فرع المصلحة بمأرب"، وهي خطوة غير مسبوقة تجني منها شبكات فساد مرتبطة بمسؤولين ونافذين أرباحا طويلة.

وكشف مصدر لـ"نيوزيمن"، أن سوء المعاملة التي يتعرض لها المعاملون في مصلحة الجوازات بمأرب تهدف إلى إجبارهم على التعامل مع مكاتب ومقاولين في كل المحافظات بنسب أرباح خيالية حيث يصل سعر استخراج الجواز الواحد بين 70.000 إلى 100.000 ريال رغم أن المبلغ الرسمي لاستخراج الجواز لن يتجاوز عشرة آلاف ريال.

وأشار إلى أن شبكة مستثمرين مستفيدة من عملية التعطيل الممنهج لإصدار جوازات المواطنين في مأرب، من ضمنها ملاك فنادق في المدينة ومطاعم بالقرب من فرع المصلحة.

وقال المصدر: "يحتاج المواطن خمسين ألف ريال يوميا، فتكاليف إيجار الفندق في اليوم الواحد لا تقل عن عشرة آلاف.. وإذا تأخرت معاملته عشرين يوما فالتكلفة مليون ريال"، لافتا إلى أن غالبية المعاملين يأتون من خارج محافظة مأرب لاسيما صنعاء.

وتقدر إيرادات فرع مصلحة الجوازات في مدينة مأرب بنحو 3 ملايين ريال يوميا، بحسب مصدر مسؤول في مكتب تنفيذي، ومع ذلك لم تتحرك قيادة المصلحة لوضع حلول عملية لمشكلة الزحام وتأخر استخراج معاملات طالبي الجوازات.

وأضاف المصدر أن المصلحة لا تريد حل المشكلة أصلا، مضيفا أن هذا الزحام خلق سوقا سوداء يستفيد منها متنفذون في المصلحة.

وقال إن مسؤولين متنفذين في المصلحة يكلفون أشخاصا من أقاربهم بأخذ "المقاولات في استخراج الجوازات" وقسمة المكاسب غير المشروعة على 2.

لافتاً إلى أن التعاقد مع موظفين إضافيين أو شراء أجهزة كمبيوتر إضافية لإنجاز معاملات المواطنين ستغلق باب الدخل غير المشروع للمتنفذين من جيوب المواطنين المغلوبين على أمرهم، حسب قوله.

وتلقي مصلحة جوازات مأرب، مسؤولية تأخير إنجاز المعاملات على كاهل المراجعين، حيث قالت المصلحة على صفحتها في الفيسبوك، "إن الزحام والتأخير يعود إلى أسباب خارجة عن إرادتنا منها الازدحام الشديد مع موسم العمرة، وكثرة المعاملات، وتأخر الموافقة من المركز الرئيسي وإجراءات أخرى".

وفيما قال الفرع "إنهم يستقبلون أعلى بكثير من طاقة الفرع الاستيعابية ويبذلون جهودا مضاعفة حيث نقوم بعمل 3 فروع أن لم يرق إلى عمل بحجم مركز إصدار آلي بسبب الضغط والزحمة"، لكنه في الوقت نفسه لم يتحدث أيضاً عن حلول لـ"مشكلة الزحام والتأخير".

وفي وقت سابق، كشفت تقارير النقاب عن فساد مهول في فرع مصلحة الجوازات بمدينة مارب لاسيما في مجال التوظيف القائم على المحسوبية وشراء سيارات لمدير الفرع بأكثر من 29 مليون ريال.

لكن الفساد الأكبر والأمرّ صاحب الإعفاء من الغرامات، مقابل تحصيل مبالغ أقل في جيوب المسؤولين في الفرع، فمقابل قرابة ألف إعفاء بين أغسطس 2017م إلى يناير 2018م دُفعت مبالغ من 40.000 إلى 200.000 ألف ريال للإعفاء الواحد عبر سماسرة، ليدخل في حساب أحد المتنفذين من أفراد شبكة الفساد هذه مبلغ 120 مليون ريال تقريباً.

وعقب الكشف عن هذه الجريمة وتصاعد حالة التذمر، تم تكليف لجنة تحقيق خاصة بقضية فساد جوازات محافظة مأرب، لكن إلى الآن لم يصدر تقرير للجنة ولم ينشر ولم يعرف أحد تفاصيلها حتى الآن، ما يعني أنها كانت مجرد لجنة صورية لامتصاص الغضب.