قرار "بريطاني" آخر لليمن يعفي إيران ويحاصر خصومها وينزع أنياب البعثة الأممية في الحديدة 

السياسية - Thursday 17 January 2019 الساعة 10:00 am
المخا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

تعاقبت القرارات التي يعتمدها مجلس الأمن عن مشاريع صاغتها بريطانيا، بشأن اليمن. وتعاقبت تقارير خبراء الأمم المتحدة على إعطاء إثباتات جديدة ومتزايدة حول تورط إيران في دعم الحوثيين وتزويدهم بالأسلحة والذخائر بما فيها الصواريخ الباليستية. لكنّ البريطانيين والأمريكيين يغطون على الشرعية اليمنية والتحالف العربي ويمنعون أخذ إجراءات في مجلس الأمن تجاه التدخلات الإيرانية.

الماكينة البريطانية

التقارير المرفوعة دورياً إلى مجلس الأمن الدولي، بالإثباتات الموثقة، لا تنعكس في محتوى وصيغ القرارات الجديدة، كما لم يتخذ المجلس والمجتمع الدولي بشأنها أي إجراءات عقابية، لانتهاكها المستمر قرارات دولية نافذة وتدخلاتها التي أدت وتؤدي إلى تغذية الصراع وإطالة أمد الحرب وبالتالي مضاعفة حجم وأمد المعاناة الإنسانية الأكبر في العالم كما تصنفها الأمم المتحدة.

وفي الوقت الذي كان يجب على أعضاء مجلس الأمن الدولي الدفاع عن قراراتهم وحماية الإرادة الدولية تجاه السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة وفي العالم، إلا أن المجلس كان مستعداً، وعبر جولتين متتاليتين (ديسمبر كانون الأول، ويناير كانون الثاني) لمناقشة وإجازة مشروعين بريطانيين واعتمادهما كقرارين، (2451، 2452) حول اليمن، ومن دون أي ذكر أو حتى إشارة إلى إيران.

السياسة الأمريكية

ومنتصف الأسبوع الجاري، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك، بومبيو للصحافيين الذين يرافقونه في جولته في الشرق الأوسط، بعد لقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، "تحدثنا عن حقيقة أن العمل الذي تم تحقيقه في السويد عن اليمن كان جيداً، ولكن نحتاج إلى كلا الطرفين لاحترام تلك الالتزامات". وأضاف "اليوم، اختار الحوثيون المدعومون من إيران عدم القيام بذلك".

وهنا أيضاً لا يفعل الأمريكيون شيئاً أكثر من ترديد الاتهامات لإيران بشأن الحرب اليمنية ولا تثمر هذه السياسة الخطابية أكثر من التداول في الإعلام، بينما الضغوط تمارس أمريكياً وبريطانياً باتجاه الحكومة الشرعية والتحالف العربي.

ويشدد الأمريكيون والأوروبيون في وقت واحد على حتمية التوصل إلى سلام سريع وعاجل في اليمن. لكنهم لا يقولون في الوقت نفسه ما إذا كان هذا السلام سوف يعني تثبيت الوكلاء لإيران ومنح طهران جولة حرب كاسبة تكرس نفوذها وتجيزه دولياً، فيما يبدو أنه مزاج بريطاني يجد له أصداءً في الأروقة الأوروبية والأمريكية؟

وغير بعيد، اتهم المبعوث الأميركي الخاص بإيران براين هوك، طهران بالعمل على إطالة أمد النزاع في اليمن، وتأزيم الوضع الإنساني من خلال دعمها لميليشيا الحوثي.

وقال هوك، في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، إن إيران "أسهمت بشكل كبير في تأزيم الوضع الإنساني في اليمن". وأضاف "لقد قدمت للحوثيين مئات الملايين من الدولارات، وهذا ما منح الحوثيين الفرصة لمواصلة القتال العبثي".

رسائل سلبية

وتصدت بريطانيا، بقوة، لجميع المحاولات الأمريكية وغيرها لإدخال تعديلات تتضمن الإشارة إلى إيران وانتهاكها القرارات الدولية عبر استمرارها في تزويد وكلائها المحليين بالأسلحة وأشكال الدعم الأخرى المغذية للحرب.

ويبعث الموقف البريطاني رسائل سلبية إزاء حقيقة الدوافع وراء التحركات والضغوط التي مارستها وتمارسها باتجاه الملف اليمني، منذ أن ألقت بثقلها لوقف استكمال معركة تحرير مدينة الحديدة وميناء المدينة الاستراتيجي.

ولم تتوقف الرسائل البريطانية السلبية من خلال موقفها المتشدد والمدافع دون تحميل إيران مسئولية سلوكها العدواني وتحويل اليمن إلى جبهة متقدمة للإضرار بمصالح اليمن وجيرانها وتهديد الملاحة الدولية وخطوط نقل شحنات الوقود والتجارة العالمية عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

بعثة أممية منزوعة الفاعلية

ولا يمكن توقع نتائج سريعة وإيجابية على الأرض للقرارات الأخيرة، في ظل فراغات التواطؤ مع التدخلات والأدوار السلبية لإيران التي تواصل تحدي الإرادة الدولية وانتهاك الحظر على الأسلحة وتزود الانقلابيين الحوثيين الموالين لها بالأسلحة المختلفة والتي ثبت أنها تدخل مباشرة في المعارك والقتال وبتاريخ تصنيع يعود إلى ما بعد قرار الحظر، كما أثبت ذلك خبراء أمميون.

> معطيات قرار مجلس الأمن (2452) بإنشاء بعثة أممية لدعم اتفاق الحديدة 

ولعل المواقف المتعنتة التي أخذها ويستمر فيها المتمردون الحوثيون ووكلاء طهران، في رفض التعاون مع الجنرال باتريك كاميرت رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة وما يعانيه باتريك من صعوبات في التعامل مع الطرف الحوثي المتطرف في مواقفه الرافضة تنفيذ إجراءات بناء الثقة، يؤشر إلى حقيقة افتقار الأمم المتحدة لأدوات ضغط فاعلة سلبها إياها الصانعون واللاعبون الدوليون مقدماً.

وانقضت الأطر الزمنية المتوقعة والمحددة لتنفيذ التزامات وبنود المرحلة الأولى من إجراءات بناء الثقة، من دون تحقيق أي تقدم على الأرض بعد رفض الحوثيين التخلي عن الإجراءات من جانب واحد والالتزام بآلية بناء الثقة كما وضعها رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الأممية.

وبانتظار ما ستضيفه بعثة المراقبين الدوليين التي أجاز المجلس نشرها على وجه السرعة لدعم اتفاق الحديدة، وتصل إلى 75 مراقباً، فإن المؤشرات المتجمعة من الميدان لا تفيد أن وكلاء إيران بصدد التراجع عن نوايا وخطط الحرب طالما حصلوا على جوائز ومكافآت غربية لتعنتهم في امتثال وتنفيذ اتفاق الحديدة.