احتل الحوثي بلادنا وبعثر بسلاحه وصرخته أحلامنا.. جيل الحرب

متفرقات - Monday 11 February 2019 الساعة 02:09 pm

بقلم/ يمني يخفي اسمه قلقاً على أهله من زبانية الحوثي

كان يحلم أن يكون طياراً، والآخر كان طموحه أن يكون طبيباً نفسياً، وآخر مهندساً.. أما شاب بسيط فقد كان حلمه أن يدخل سينما ويصبح مخرجاً سينمائياً، والكثير من الأمنيات التي احتفظ بها شباب الجيل الذي أنتمي له، لكن الواقع كان بائساً.

الصدمة الحقيقية أن تحلم منذ الصغر في وطنك الذي ترعرعت به وكتبت على وجهه الكثير من الأمنيات، وعندما يحين وقت تحقيقها تُجبر على الرحيل والخروج من بيتك مودعاً وطنك.. أسرتك.. بيتك.. أمنياتك.. وأحلامك التي كتبتها على جدران غرفتك.

قبل كتابتي لهذا المقال كنت على يقين أني سأكتبه باسم مستعار أو بدون اسم حتى.. خوفاً على أسرتي في صنعاء أن يمسهم الضر بسبب ابنهم الذي عشق الكتابة منذ الصغر الذي ناقش الكثير من قضايا الوطن بمقالاته، وانتقد كثيرا حتى وهو يدرك أن ذلك سيتسبب بخروجه من الوطن لكنه لم يستطع السكوت على الظلم وكل ما يواجهه هذا الشعب المظلوم في حياته.

ما يثير غضبك ويملأ روحك بالحزن أن تخرج من وطنك مجبراً.. تاركاً كل حياتك السابقة في الوطن لتبدأ بتأسيس حياة جديدة في مكان لا تعرفه وأرض ليست أرضك، ولكن الأكثر حزناً من ما سبق هو نسبة الشباب اليمنيين الذين فروا من الوطن بسبب التضييق وتحطيم الأمنيات على يد جماعة طائفية لا تعرف ما هي الموهبة ولا تدرك الطموح..

الكثير من المبدعين فقدهم الوطن في الفترة التي حكم بها الحوثيون، الكثير من النوابغ خرجوا للبحث عن فرص ليستعيدوا طموحهم وأمنياتهم محاولين إنعاش مستقبلهم الذي أصبح فجأة في عداد الموتى.

واجهوا الكثير من المتاعب في الهجرة.. منهم من اعتقل في حدود الدول الأوروبية ومنهم من يعيش كلاجئ لديهم تحت قوانين وضوابط محدودة للعيش، ومنهم من توفي وهو يحاول الهروب من شبح الحوثي الذي سطا على بلاده وأحلامه.

قصص العناء التي كانت تصلني وما زالت تصل، بحكم عملي كصحفي، تدمي القلوب وتشعرك بالأسى لماذا يواجه الشباب اليمني كل هذا العناء والتعب ويلجأ للتهريب إلى الخارج بطرق مخيفة للغاية تحت ظروف سيئة مأساوية، ومن جانب آخر تثبت لك هذه القصص أن هذا الجيل "جيل الحرب" يفضل العيش برفقة طموحه وأحلامه أو الموت وهو يحاول تحقيقها.

أنا على يقين أن أسوأ فترة عاشها جيل هو جيلنا في عهد الحوثيين الذين احتلوا بلادنا، في وقت كانت بذرة جهودنا وتعليمنا بدأت بتأسيس جذورها على أرض الوطن ونزعتها هذه الجماعة.

الأمر ليس توجها بالنسبة لي، لكنها حقيقة تقترب منها كلما هاجرت خارج وطنك تدرك أن هذه الجماعة الإرهابية قمعتنا وشردتنا في كل أقطار العالم، والتهمت خمس سنوات من عمرنا..!

أنا شاب يمني في منتصف العشرين، أنتمي لجيل الحرب.. الجيل الأصغر بالسن والأكبر في الهموم، الجيل الأكثر بالطموح والأقل بالفرص.. خرجت من صنعاء كالهارب دون وداع للأسرة ودون اقتناعي حتى بفكرة السفر.

كلنا تائهون الآن، مشردون نبحث عن مكان آمن يحفظ أحلامنا التي خبأناها منذ الصغر.. بين دفاتر المدرسة تحت وسادتنا وفي قلوبنا الصغيرة التي شاخت في عهد الحوثي.

كلنا ضائعون الآن بدون وطن أو ملجأ، نعيش في منفى دون أسرة أو رائحة فطار أم تطرق باب الغرفة في الصباح..

كنا نحلم بوطن يتسع لأحلامنا.. ولكن الأحلام أصبحت ممنوعة في عهد الحوثيين.. لكن يبقى حلم وحيد نتشبث به ومهما ابتعدنا من وطننا إلا أن حلم العودة إلى الوطن وبنائه بالعلم والثقافة لن نتخلى عنه ما حيينا.. ولن نترك الوطن بيد هؤلاء!

اقرأ للكاتب:

صرخة مدرسية! - بورتريه -