وللبرلمان سوق سوداء بصنعاء

السياسية - Wednesday 17 April 2019 الساعة 11:01 am
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل

أعلن الحوثيون بدء حملة لمحاربة السوق السوداء للوقود، بعد أكثر من أسبوع على أزمة خانقة في البنزين، نتجت عن إيقاف الحوثيين قاطرات النفط في المنفذ الغربي للعاصمة، ورفض تفريغ سفينة نفط تتبع أحد التجار غير المنتمين للجماعة، بهدف الضغط على الأمم المتحدة للسماح بإدخال سفن النفط الحوثية إلى الميناء.

كانت أول نتائج هذه الحملة، ظهور طوابير السيارات والشاحنات الكبيرة في محطات الأمانة، بعد أن اقتصرت الأزمة على البنزين خلال الفترة السابقة.

الأهم من عملية التضليل التي مارستها الجماعة لاتهام التحالف بأنه يقف وراء هذه الأزمة في المشتقات النفطية، أن الحوثيين كانوا بالتزامن يفتحون سوقاً سوداء لأعضاء البرلمان.

يوم السبت الماضي حدثت واحدة من أكبر عمليات التزوير في تاريخ اليمن، حيث إنها تعلقت بتزوير جماعي لعدد 24 دائرة انتخابية، أعلن الحوثيون إجراء انتخابات فيها لملء المقاعد البرلمانية الشاغرة، في محاولة لإضافة عدد من البرلمانيين القادمين بعملية التلقيح الحوثية إلى نصاب البرلمان الواقع تحت قبضة الجماعة بصنعاء.

لم يعر الناس تلك الانتخابات أية أهمية، ولم يذهب إلى صناديق الاقتراع المحسومة مسبقاً سوى القلة من أصدقاء المرشحين، أو ممن أرادوا إثبات تبعيتهم لمشرفي الجماعة، وفاز أغلب المرشحين بعدد أصوات لا يتجاوز المئات، أو كمرشحين دون منافسة.

مع هذا قال الحوثيون إن هناك 45 منظمة قامت بالرقابة على الانتخابات المزعومة، لكن في الواقع لم تصدر أية منظمة تقريراً واحداً يتعلق بالانتخابات الزائفة.

بغض النظر عن قانونية تلك الانتخابات، فكل ما تمارسه الجماعة لا ينتمي إلى أي قانون أو دستور، فما جرى قد كشف عورة الحوثيين اجتماعياً، رغم كل محاولاتهم توجيه الرأي العام لخدمة أهداف وممارسات الجماعة ومشرفيها.

الضعف غير المسبوق للإقبال على صناديق اقتراع البرلمان الأسود، أثبت للجماعة أن حجمها لم يزل كما كان منذ أن كانت عصابة مشردة في جبال وكهوف صعدة.

لن تخاطر الجماعة بعد الآن بالمراهنة على الجمهور، لأنه أثبت بُعده عنها بسنوات ضوئية، وآلية الحشد إلى السبعين بالترغيب والترهيب، لم تجد نفعاً مع الناخبين، الذين أدركوا أنها مهزلة يصعب الاشتراك فيها.

ومن الوقاحة غير المسبوقة كعادة الجماعة أن ناطقها اتهم برلمان سيئون بعدم الشرعية ومخالفة القانون ولائحة المجلس، وكأن حمورابي يقبع تحت قبة برلمان قاع اليهود بصنعاء.

سوق سوداء جديدة فتحها الحوثيون لإنتاج مشرعين جدد يليقون بعهدها، وممارساتها، بعد أن قامت سلطاتهم بتعيين عشرات الأسماء في مجلس الشورى خلال العامين الأخيرين، لكن لا الشورى ولا النواب يمكنهم فعل شيء تحت قبضة أبوعلي الحاكم وشركاه.

إن سياسة السوق السوداء التي راكمت ثروات مشرفي الجماعة بمليارات الريالات من قوت الفقراء، لا يمكنها أن تمتد لمؤسسة كالبرلمان، ولا حتى إلى الناخب البسيط الذي أدرك غباء اللعبة دون أي توجيه أو تدخل من خارج دائرة جغرافيا عبدالملك والحاكم بأمره في صنعاء وأخواتها.

إن اللجنة العليا للانتخابات لا يمكن أن تتحول إلى شركة نفط أخرى ترعى السوق السوداء وتدعي محاربتها.

من المهم الإشارة إلى شعارات الجماعة في أغسطس 2018 حين رفعت شعار "المرحلة مرحلة اقتحامات وليست مرحلة انتخابات"، رداً على دعوة الرئيس السابق للجوء إلى الصناديق، فقد كانوا يومها يعرفون حجمهم، واليوم يبدو أنهم مخدوعون بأنفسهم وقوتهم وقبضتهم على المواطن المغلوب والمقهور، حتى بعد رحيل صالح، ما زالت الجماعة عارية من أي غطاء شعبي يمكن الرهان عليه.

أين يباع الحياء، الخجل، احترام الذات، أو أية مفردة تعيد لهؤلاء ماء وجه لا يعرفون عنه شيئا؟!!!