رحلة 7 أيام في نصف عام من تعز للحديدة.. إحـاطـة "الـوداع الأخـيـر"!

المخا تهامة - Wednesday 19 June 2019 الساعة 12:13 am
المخا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

بعد أكثر من 6 أشهر على انتهاء مشاورات السويد (ديسمبر/كانون الأول 2018) تذكّر المبعوث الأممي مارتن غريفيث "إعلان التفاهمات حول تعز" كواحدة من وثائق ومخرجات ستوكهولم، على أن يتم البت وأخذ خطوات التنفيذ خلال أسبوع أول من انتهاء حفلة السويد.

وقال غريفيث لمجلس الأمن، الاثنين 18 يونيو/حزيران 2019، في الإحاطة الأخيرة "إن الأمل كان معقوداً على أن يفتح إعلان التفاهمات الباب أمام الطرفين للعمل معاً لتخفيف معاناة المدنيين في مدينة تعز."

لكن الأمل لوحده لم يكن ليفعل شيئاً أو ينجز وعداً أو يغير واقعاً، طالما وجهود المبعوث والبعثة وأجندة العمل كلها انصبت وكرست في ملف الحديدة وأن يتجاوز بالمليشيات المتمردة والانقلابيين عقبة وخطر التحرير والاقتلاع، ولم يسجل أي جهد أو تدون فعالية واحدة باسم تعز وإعلان التفاهمات للتخفيف من معاناة المدنيين والسكان تحت الحصار والخنق المشدد.

>> هكذا ذَكره غريفيث: "خطوات ذات مغزى، خطوات صغيرة، خطوات كبيرة"
      سؤال في التاريخ: من يتذكّر "إعلان التفاهمات" حول تعز؟

في إطار اتفاق ستوكهولم، توصل الطرفان إلى إعلان تفاهمات تعز الذي اتفقا فيه على تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين من المجتمع المدني، وبمشاركة الأمم المتحدة.

وتضمن الإعلان أن يسمي الطرفان ممثليهما في اللجنة المشتركة وأن يسلما الأسماء إلى مكتب المبعوث الأممي في موعد لا يتعدى الأسبوع من تاريخ الانتهاء من مشاورات السويد.

وبعد ستة أشهر يعبر مارتن غريفيث "عن خيبة الأمل" ليصف الوضع العسكري والسياسي في تعز "بالمعقد والهش للغاية."

ولا تحتفظ سجلات بعثة ومكتب غريفيث بفعالية واحدة لبلورة تفاهمات تعز، مقابل فعاليات وسفريات ورحلات مكوكية وتحشيدات من الداخل ومن الخارج في عواصم عربية وأوروبية باسم المشاركة النسوية وسواها من الورش والعناوين الشكلية والبعيدة تماماً عن جدول أعمال مخرجات واضحة ومزمنة.

ومجلس الأمن الذي يمارس الرقابة ويتلقى التقارير والإحاطات الدورية حول مستوى التنفيذ والتقدم في جدول الأعمال، أهمل وتجاهل الأطر الزمنية لكافة الاتفاقيات من الحديدة إلى تعز والأسرى.

ولم يسأل أو يستمع أحد إلى النداءات والأصوات التي بحت في التنبيه والتحذير من الانخطاف الأممي الكامل لثقب الحوثيين الأسود وترفيههم وتدليلهم في الحديدة كأولوية مطلقة.

والنتيجة كانت نسف كل الأطر والاتفاقيات والتفاهمات ولم يتحقق شيء سوى إطالة عمر معاناة المدنيين والحديدة ومنح الحوثيين فرصة نصف عام بكاملها ليعيدوا ترتيب أنفسهم وتشكيل وبناء قواهم وتلغيم وتعبئة وعسكرة الميناء والمدينة وإغراقها بالخنادق والأنفاق والصهاريج المفخخة والألغام والمتفجرات.

> غريفيث في "هبوط اضطراري".. لا يعرف ما الذي سيحدث في الحديدة؟

حيال الفشل المركب بشأن تفاهمات تعز، قال غريفيث في إحاطته، الاثنين، إنه يواصل العمل مع الطرفين لعقد اجتماع اللجنة المشتركة لتحديد سبيل الخروج من الوضع الحالي.

الاجتماع الذي كان يجب أن ينعقد من ستة أشهر. وسيواصل العمل ستة أشهر أخرى ربما أو أكثر مع الطرفين لعقد اجتماع أول لتحديد سبيل الخروج من الوضع الحالي، وهذه ستحتاج لها سنوات إذا تطلب الاجتماع بحد ذاته سنة لينعقد.

ثم قال إن فوائد تهدئة التوترات وتحسين الوصول الإنساني ستكون ملموسة وفورية.

قيل هذا كثيراً ولم يتحقق أقل القليل. غريفيث بدأ وانتهى مع الحوثيين في الحديدة ولا يبدو أنه قابل أو قادر للاستمرار بعد هذا الوقت والفشل المريع، من دون الخوض الآن في اتفاقية تبادل الأسرى. وهي الاتفاقية التي لم تطلق أسيراً واحداً حتى الآن، وكان غريفيث يحدد أسبوعين من انتهاء المشاورات في السويد لتبادل الأسرى بموجب اتفاقية ناجزة ومنتهية أقام لها احتفالاً صاخباً في ستوكهولم كإنجاز وحيد وحقيقي للمشاورات.

وهنا، أيضاً، أعرب "عن خيبة الأمل بشأن عدم إحراز تقدم في تطبيق ما اُتفق عليه في ستوكهولم حول تبادل الأسرى والمعتقلين."

وبعد كل هذا القدر من خيبات الأمل بشأن الفشل في الحديدة وتعز والأسرى، فأين نجح مارتن غريفيث وهو نفسه من يقيم الحجة على نفسه؟!

إلا في كونه قد نجح في التمكين للحوثيين خصماً من سيادة وشرعية الدولة والشرعية.

إحاطة غريفيث الأخيرة كافية للقول بأنه انتهى من عمله هنا ولم يعد لديه ما يفعله بعد الآن.

وأنه يسعنا، أيضاً، أن نعبِّر عن "خيبة الأمل" بلا توقف.