معركة الشرعية والتحالف في اليمن: "قادمون يا عدن"!!

السياسية - Friday 09 August 2019 الساعة 10:33 pm
عدن، نيوزيمن، أمجد قرشي:

>> بعد أزيد من أربعة أعوام، وفي أغسطس 2019، تجد الشرعية ويجد التحالف (..) نفسيهما أبعد ما يكونان عن الهدف والشعار الذي رفعه كل منهما براً وجواً مع انطلاق عاصفة الحزم في 25 مارس 2015، ولخَّصه الشعار "قادمون يا صنعاء"، وأمسى الشعار، للمفارقة والمفاجأة: "قادمون يا عدن"!!

من وقت مبكر تبنت جهود ضخمة، سياسية وإعلامية متوازية ومتزامنة، الاشتغال المكثف على خط تصعيدي وتحريضي باتجاه الجنوب ومركزة الصراع حول محورية عدن بعيداً عن جبهات المعركة الكبيرة مع المليشيات الانقلابية الحوثية، والتي أصيبت بحالة مزمنة من التوقف أو الإيقاف عن سبق إصرار.

لكن الإعداد المبكر لحدث كبير وأحداث عاصفة في عدن جاء على وقع إرضاخ قسري لمعركة تحرير الحديدة ومنعها عن استكمال أهدافها وفرض خيارات قهرية على القوات المشتركة التي كانت تكتسح المتمردين الحوثيين وتلحق بذراع إيران وأدواتها هزائم كبيرة بصدد الإنجاز العسكري الأهم والأكبر للشرعية والتحالف منذ تحرير عدن.

كانت معظم وأهم الجبهات في مناطق شمال اليمن قيد التهدئة الفعلية منذ أكثر من عامين. وألحقت بها، عنوة وضد جميع المنطلقات والحسابات العسكرية والاستراتيجية، جبهة الحديدة والساحل الغربي.

لقد مثل هذا التطور السلبي والانعطافة الارتدادية ما يشبه تقديم خدمات مجانية كبيرة للانقلابيين الحوثيين الذين راحوا يعيدون تجميع قواتهم وترتيب صفوفهم واستقدام التعزيزات وبناء القوات والتحصينات لاستئناف الهجمات والعمليات الاستنزافية اليومية ضد مكونات القوات والمقاومة المشتركة في الحديدة والساحل الغربي كما بات مكرساً منذ تسعة أشهر فعلياً، وهو ما حذرت منه تحليلات ومقاربات نشرها نيوزيمن خلال هذه الفترة الطويلة وواكب تفاصيلها ويومياتها.

وخلال ذلك فتحت عبر جدار الأحداث والأشهر ثغرات مثيرة لإحداث اختراقات خطيرة حصدتها مكاسب كبيرة وسهلة المليشيات الحوثية وفي جهة وجبهة الجنوب غالباً كما في هجومي العند ومعسكر الجلاء تزامنا مع حملة تحريض غير مسبوقة وتصعيد في معسكر وإعلام وناشطي الشرعية ومسئوليها ضد الجهد والمشاركة الإماراتية في التحالف وضد حلفائها على الأرض الذين منحوا الشرعية والتحالف أهم مكاسب حربهم على الحوثيين منذ أربع سنوات.

يعني هذا أن جهود وتركيز جزء كبير ومهم ومؤثر من مجهودات الشرعية ومعسكرها الحليف والمساند صرفت عملياً لمصلحة تكبيل جبهات الشرعية وحلفائها الفاعلين وأهم جبهاتها الكاسبة والمتقدمة في الوقت الذي تم توطين وتكريس التهدئة الأشبه بهدنة فعلية، وإن غير معلنة في معظم الشمال، مع المليشيات الحوثية الانقلابية.

وإذ حدث ويحدث ذلك كان يستعاض بصرف الأنظار والاهتمامات والجهود باتجاه عدن والجنوب بصورة متزايدة بالتوازي مع جبهة الساحل الغربي ومن خلفهما معاً الإمارات وجهودها في التحالف بقيادة السعودية.

لقد نجح ما بات يعرف بالتيار أو التحالف القطري العامل من داخل التحالف وبالاستفادة من إمكاناته وتمويلاته في خلخلة الجبهة الواحدة وزراعة الفرقة والخلافات وتعميم أجواء ملبدة بالتوترات والاتهامات اليومية وانعدام الثقة ونزيف اليقين والمعنويات على حساب الهدف الأكبر والمعركة الواحدة والجامعة.

باتت الحرب ضد الحوثيين وإنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية إلى صنعاء تأخذ شكل الأهداف التالية والثانوية قياساً إلى تصعيد أهداف جديدة وصلت أخيراً إلى ما وصلت إليه الأمور في عدن، وما هو حاصل ويحدث الآن وهو ليس معزولاً أبداً أو يحدث بمعزل عن سياقات تكاملية وتصاعدية كمقدمات أفضت إلى نتائج مرئية ومشهودة ومؤسفة بكل تأكيد.

اليوم لا يتحدث شماليو الشرعية وجنوبيوها معاً عن تحرير صنعاء واستكمال تحرير مأرب والبيضاء وتعز وعمران وحجة كجبهات مباشرة مع الحوثيين في الطريق لإنهاء الانقلاب وعودة أو إعادة الشرعية، وهذا العنوان بات مدعاة للتشكيك حتى لا نقول للسخرية ليس لدى أحد، بل لدى أنصار وناشطي الشرعية أنفسهم الذين وجدوا أنفسهم يحشدون ويحتشدون لمعركة خاطئة نقلت الهدف عنوة من صنعاء إلى عدن.

إن شماعة الوحدة والانفصال في هذه الأثناء ليست إلا محض إلهاء وتعمية متعمدة وممولة كثيراً ومدفوعة عنوة وبقوة إلى كسر مسارات المعركة ومنح الحوثيين موقع الأفضلية وربما الشراكة الضمنية في تموضع طارئ وانتهازي يسعِّر ضد عدن ويشيطن الحلفاء الذين قاتلوا ويقاتلون في جبهات الشرعية والتحالف وحققوا معظم وأهم الإنجازات والمكاسب الميدانية.

إن حرف مسار المعركة بهذه الطريقة التي تحدث وتتفاقم يتهدد بدرجة رئيسية وأولى أهداف وغاية التحالف بقيادة السعودية، وينبغي له بالتالي أن يستدعي تدخلاً وتحركاً ينتصر للقضية الأساس ويوقف مهزلة النزيف المكلف والانحدار الشاهق والاقتتال جنوباً لمصلحة إعفاء وإرضاء الحوثيين في الشمال.