هل قام الحوثيون بتصفية إبراهيم بدرالدين الحوثي؟

السياسية - Saturday 10 August 2019 الساعة 01:57 pm
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

بطريقة مرتبكة، وسرد ركيك وغير مترابط، تم الإعلان عن (اغتيال) إبراهيم بدرالدين الحوثي، شقيق زعيم جماعة الحوثيين في منطقة حدة، وصفوا مقتله بأنه اغتيال وليس قتلاً ولا (استشهاداً)، وبينما قالت بعض المواقع التابعة للجماعة إنه اغتيال من التحالف (العدوان)، تحدثت أخرى بلغة مختلفة وسردت رواية لم تتطرق بأي شكل للتحالف.

قالت (شبكة المجاهدين الإعلامية) إنه تم استدعاؤه للوساطة في قضية كبيرة، ولم تحدد نوع القضية، ولا من قام باستدعائه والتواصل معه، ولا ذكرت اسم صاحب المنزل الذي قيل إنه ذهب إليه استجابة لنداء التدخل كوسيط.

لماذا لم تصدر وزارة الداخلية بياناً يوضح ملابسات الحادث، بينما قال تسريب (شبكة المجاهدين) إن الوزارة ستعقد مؤتمراً صحفياً في وقت لاحق، لم تحدد له زماناً ولا مكاناً؟

قالت الرواية إنه عند وصوله إلى منزل فلان (هكذا تمت الإشارة إليه دون اسم)، طلب منه ترك سلاحه، ولأنه متواضع، حسب الرواية، فقد استجاب وترك سلاحه، ودخل إلى المنزل مع مرافقه محمد البدر الذي تم قتلهما معًا عند دخولهم، فهل هناك من يتجرأ في صنعاء ومناطق الجماعة على طلب شقيق زعيم الجماعة بترك سلاحه؟

ولماذا استجاب الرجل ببراءة وترك سلاحه دون أن يساوره شك؟

وإذا كان صاحب المنزل معروفاً وثقة مثلاً، ليطمئن إليه الرجل، فمن غير المنطقي أن يطلب منه وضع سلاحه بما يحمله ذلك من شك واستعلاء، إلا إذا كان قيادياً حوثياً كبيراً مثلاً؟

هل عدم تسمية صاحب المنزل، إن صحت الرواية، يعود لمخاوف من كشف خلافات داخلية مثلاً، كونه من قيادات الجماعة، أم أن عدم التسمية تأجلت حتى يتم فبركة رواية أكثر تماسكاً، أو توريط شخصيات غير مرغوب فيها من قيادة الجماعة؟

التساؤل البارز أيضاً، لماذا لم يظهر اسم إبراهيم من قبل كسائر أسرة بدرالدين الذين تولوا مهامَ ومناصب كبيرة ورسمية، بينما إبراهيم لم يحمل أية صفة قيادية، باستثناء كونه شقيق عبدالملك؟

هل رفض الرجل المشاركة في العمل مع الجماعة رسمياً، لموقف معين أو اعتراضاً على سياسات الجماعة ومسلحيها، أم أنه غير مرضي عنه لدى شقيقه زعيم الجماعة؟

هناك من يقول إن الرجل كان محبوباً ومعروفاً بالتواضع في إطار جماعته، على عكس استعلاء وترفع أخيه يحيى أو عمه عبدالكريم أو حتى شقيقه عبدالخالق الذين يتعالون على أتباعهم بشدة، وقد يشكل خطراً على مستقبل تلك القيادات، وربما شكل وجوده حاجز صد أمام وراثة جبريل لوالده في قيادة الجماعة.

في كل الأحوال، ورغم ركة الرواية وعدم ترابطها منطقياً، قيل إنه تم مداهمة المنزل ونقل جثة إبراهيم من قبل عناصر تابعة للداخلية، وتم القبض على عناصر ما وصف بـ(الخلية) وكان لديها قوائم بقيادات أمنية وعسكرية وسياسية وشعبية، ولم يتم الإشارة لسبب وجود هذه القائمة، وما إذا كانت مستهدفة بالاغتيال.

هل من المنطقي أن تقوم خلية أو شخص بمفرده بقتل شخصية بأهمية إبراهيم الحوثي، شقيق زعيم جماعة تتحكم في مناطق واسعة، وتخوض حرباً منذ سنوات، ثم يظل في مكانه بانتظار عناصر الداخلية للقبض عليها؟

ولماذا وصفت العناصر الأمنية بأنها (الداخلية)، مباشرة مع أن المنطق أن تكون عناصر تابعة لأجهزة الأمن والبحث الجنائي بأمانة العاصمة، هل كان الهدف التعتيم على القضية لهذه الدرجة، ليقوم عبدالكريم الحوثي عم القتيل بتكليف عناصر تتبعه دون سواه للتعامل مع القضية، أم أن الدافع هو الخوف من اكتشاف خيوط لا يراد معرفتها، فقد تؤدي إلى كشف حقيقة مختلفة عما ورد في الروية المسربة؟

من قتل إبراهيم، ومن تولى وضع رواية ركيكة لمقتله؟

لماذا تضمنت الرواية مفردة الاغتيال ذات الدلالة بأن قتله كان اغتيالاً داخلياً؟ فلو كان التحالف أو سواه من خصوم الحوثيين وراء الحادث لسمي شهيداً، وسميت العملية باسم آخر وليس اغتيالاً.

لماذا قام المشاط والمجلس السياسي بتعزية عبدالملك الحوثي في أخيه وكأن الأمر ذو طابع أسري عائلي لا أكثر؟

لو كان ضمن قيادات الجماعة المرضي عنها لكان له منصب كبير، ولتلقى المجلس السياسي التعازي بمقتله منطقياً، وكما جرى مع غيره.

أيضاً لم يتم الإعلان عن موعد أو مكان تشييع الرجل، وهذا يعني أنه لم يكن يتمتع بالرضا من قبل أخيه زعيم الجماعة، وبالتالي ليس له أية حصانة ولا مكانة عند القيادات الأخرى، وإذا كان هذا هو الوضع فعلاً، فلماذا يتم اغتياله من قبل خصوم الحوثي، وما أهميته ليتم استهدافه وترك القيادات الأهم وذات الدور الأبرز؟

تتآكل الجماعة من داخلها وهذا مؤشر من المؤشرات، فلا يمكن لأحد من خارج الجماعة أن يتجرأ على القيام بفعل كهذا وكل شيء مرصود من قبل الجماعة، وفي كل حارة لها عيون وأتباع، وقبضتها الأمنية مرسخة بالعنف والقمع والقوة والإرهاب.