قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (7)

المخا تهامة - Saturday 10 August 2019 الساعة 09:02 pm
نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر

الاتجاهات العامة لاكتشاف القهوة 
قصة الدرويش الصوفي

لمتابعة الحلقات السابقة :

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (1)

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (2)

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (3)

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (4)

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (5)

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (6)

تتعدد الروايات الواقعية في الجانب التاريخي عن بدايات نشأة القهوة واكتشافها ومكتشفها وكيفية اكتشافها، وتتداخل الأسطورة في الرؤية التاريخية الواقعية، لكن بشكل عام تتلخص أبرز الآراء على النحو التالي:

قصة الراعي أو الدرويش الصوفي

تعد قصة الراعي أو الدرويش الصوفي المُعول عليه اكتشاف شجرة البن ومن ثم ابتكار القهوة من القصص التي يستحضرها الكُّتاب –وخاصة الغربيين– في نشأة هذا المشروب، فـتذهب مونرو إلى أنه "كان من الطبيعي أن هذا الشراب، الذي ضاع تاريخ وصوله إلى الجزيرة العربية في ظلام الماضي، كان مثار عدد من القصص حول اكتشافه ونوعياته... ولقد كان أشهر هذه القصص أكثرها إثارة، تلك التي تقول: يحكى أن أحد رعاة الماعز في عدن، واسمه خالدي، لاحظ أن الماعز كلما أكلت براعم وثمار إحدى الشجيرات التي تنمو برياً ازدادت نشاطاً ويقظة بعد تناولها، فأخبر الولد مولاه الذي قرر بأنها إذا كان لها هذا الأثر على الحيوانات فسيكون أثرها أكبر على الإنسان، ومن ثم فهي تساعد على يقظة الدراويش الصوفية لديه فيقضون الليل ساهرين، فجرّبها على نفسه وشربها باردة أول الأمر، فلم تحدث عليه أثراً، ثم جربها ساخنة فلاحظ أن مشروبها جعله يتصبب عرقاً وأحس بالصفاء الذهني، فدعا الناس لتناول هذا الشراب".

وأورد صالح نور الدين في مقال له بعنوان (البن وزراعته) بمجلة المقتطف، الجزء التاسع 13 شوال 1307هـ / حزيران (يونيو) 1890م رواية أخرى في اكتشاف القهوة تحكي الرواية أن "درويشاً فقيراً (صوفياً) لم يكن يملك إلا كوخاً وقطيعاً صغيراً من الماعز... ففي ذات يوم، رجع القطيع من المرعى وهو مضطرب الأعضاء، فبحث الدرويش الصوفي عن سبب ذلك، فرأى أن القطيع رعى ذلك اليوم من أوراق شجرة صغيرة لم يكن نظرها قبلاً، فأخذ من أوراقها، وأثمارها، وصبّ فوقها ماءً ساخناً، وشرب الماء، فشعر بلذة وتخدر غير عادي".

فهكذا كما تقول الباحثة الأمريكية كاثرين ويلي، كان اكتشاف القهوة في دراسة لها بعنوان (القهوة مشروب عالمي) نشر بمجلة الثقافة المصرية (العدد 604 شوال 1369هـ / يوليو 1950م) وتوصلت إلى أن اكتشاف القهوة كان "وليد المصادفة، فقد لاحظ أحد رعاة الماعز أن الماعز التي في رعايته بعد أن أكلت أوراق شجيرات البن وحبوبها بدا عليها المرح، وأخذت تتواثب بهجة وسروراً؛ مما حمل الراعي على تجربة ذلك فتعاطى الحبوب بنفسه... كما تخبرنا الأساطير".

يعتبر البعض –هو ما سيطرق لاحقاً– اكتشاف القهوة قد تمّ على يد مبشر مسيحي عربي فقال عن ذلك: "ومما يُخبر أن رئيس دير في جزيرة العرب خرج يوماً إلى الصحراء، فرأى قطيعاً من الماعز كان يرعى بعضها شجرة فتنشط بأكملها وتمرح، وكانت الشجرة شجرة فاستدل بذلك على ما لحبوبها من القوة" (ميشيل كيك، الدراسة السابقة بالحلقة 5).

ويرى الكاتب أن القصص الغربية عن الراعي المسيحي مردها إلى أن الكاتب المسيحي والمبشر القس مرهج بن نمرون الماروني الذي كان أول من ذكر هذه القصة في كتاب طبعه باللاتينية في روما العظمى سنة 1070هـ /1660م ومنه أخذوا هذه القصة.

وتوصل الكاتب بعد بحث مضنٍ إلى نص في كتاب طبي مخطوط لديه حصل عليه من مدينة زبيد، تحدث صاحبه عن نشأة القهوة واكتشافها وهي تقترب مما سبق إيراده، يقول صاحب هذا الكتاب المخطوط: "إن شيخاً انقطع مع مريديه... في مكان ما... وانقطع عنهم الزاد... فذهب بعض من أتباعه يبحثون عما يقتاتون به... ويسدون رمق جوعهم به، فوجدوا بذور البن فأكلوه، فعرضوا لحضرة الشيخ القصة، فأمر الشيخ بالتفحيص والتجسس في أطراف الجبال لعله يوجد من بعض الحبوب والثمار، فوجدوا هذه الشجرة وجمعوا من ثمرتها، وجاءوا بها إلى حضرة الشيخ، فلما رأى في حبها نوع يبوسة أمرهم بطبخه لعله يلين بالطبخ، فطبخه الخادم وبالغ في طبخه، فلم ينضج، ولما رأى صلابته وعدم قبوله النضج بدا له أن يحمصه لعله يتحلل بالتحميص، ويقبل النضج، فحمصه وطبخه، وجاء به إلى الشيخ فشرب وشربوا وكان أكلهم وشربهم من هذا، وعلى هذا كان دأبهم إلى أن غفل الخادم في وقت من الأوقات عند تحميصه حتى بلغ قريباً من الاحتراق –كما يستعمله الناس الآن– فلما شربه الشيخ استحسن هذا النوع من أنواع طبخه، فكانوا يتغذون ويتعيشون به في تلك العزلة، ولما عرف منه بعض الخواص الممدوحة عند أرباب الرياضة من السهر وانقطاع الشهوتين وغير ذلك، أمر الشيخ بجمعه فجمعوا منه شيئاً، وجاءوا به بعد العزلة إلى البلد واشتهر بين الخلق".