جيوش تنام جوار المليشيات ودوائر نفوذ الرئاسة تعبث بالشرعية والحرب والتحالف

السياسية - Wednesday 21 August 2019 الساعة 12:39 pm
تعز، نيوزيمن، عماد طربوش:

كرر الجنوبيون، سواءً الانتقالي أو المكونات الاجتماعية والنخب، حديثهم أنهم لا ينازعون الرئيس هادي السلطة أو المنصب، وليس لديهم مشكلة في تزعمه لمكون الشرعية رئيساً، لكن مشكلتهم تكمن في تخليص هادي من دوائر النفوذ التي أحكمت السيطرة على القرار وعبثت بمسارات الحرب ضد المليشيات التي يعد المقاتل الجنوبي عمودها الفقري.

وفي كل محاولة لإصلاح مسار الشرعية وحربها ضد العدو الرئيسي، مليشيات الحوثي، كان الإخوان وحلفاء علي محسن من بقايا تحالف الفرقة الأولى مدرع يتمترسون ضد أي إصلاح، ويستخدمون أدوات الشرعية لإفساد ما تريده الشرعية والتحالف العربي المساند لها معاً، ويتحركون لبناء مشروعهم الخاص عسكرياً وسياسياً على حساب باقي كل المكونات والأذرع داخل الشرعية.

حوصر هادي بعبد الله العليمي ومجموعة من العناصر المخلصة للجماعة، وساندهم علي محسن الأحمر الذي جاء به هادي لتعزيز نفوذ الإخوان مقابل أن يأمن من بحاح الذي كان الإخوان يصورونه لهادي أنه هادي بالنسبة لعلي عبد الله صالح، وأنه -أي هادي- سيسلم السلطة لبحاح مرغماً إن بقي بحاح نائباً للرئيس.

عبث هادي بالشرعية وبالحرب وبالملف الاقتصادي والدبلوماسية والنسيج الاجتماعي، وهو يلاحق أوهاماً توضع على مائدته كل صباح ومساء من قبل كهنة الإخوان، وتصور له المشهد وفق ما تراه يخدمها.

عين هادي محافظين لتعز، وتولى عبدالله العليمي، مدير مكتبه، ترتيب الانقلاب على قراراته هذه، وأهان سلطته ورمزية القرار الرئاسي حين تحول مدير أمن تعز منصور الأكحلي أكبر سلطة من المحافظ الذي أقسم للرئيس بأن يكون مخلصاً، ووصل الحال إلى أن يعلن مدير الأمن التمرد على محافظين اثنين، أمين محمود ونبيل شمسان.. وللعلم من عين الأكحلي هو العليمي ووقع قراره هادي دون أن يدري أنه ليس مرشحاً من المحافظ، كما قال هادي لأحد مستشاريه.

عين هادي حافظ معياد لإصلاح فساد الملف المالي وإيقاف تدهور العملة الوطنية، وأطلق العيسي نائب العليمي يده لوضع العثرات والعراقيل أمام معياد خصوصاً في ملف استيراد النفط وما زال العيسي يعتبر سيطرته على قطاع النفط أهم من استقرار الريال حتى وإن كان ذاك يسمح لمليشيات الحوثي باستثمار هذا العبث لجلب النفط الإيراني واستخدام قيمته مجهوداً لمحاربة قوات هادي.

عين هادي محافظين لعدن وأثقلهم بتدخلات مكتبه وسياسات شرعيته المتصارعة على المصالح، وخسرت عدن محافظاً كعيدروس الزبيدي وبعده المفلحي يعدان من أكفأ القيادات.. هذا العبث أرهق الشرعية والتحالف والناس، وأعطب الجبهات، وشتت الجهد المقاوم للحوثي، ونكل بجرحى الحرب، وعبث بالمال العام.

أسس الإصلاح جيشاً له في تعز وآخر في مأرب وأسرف في دعمهما، في حين يقف في وجه كل قوة عسكرية تتحرك في الميدان بإخلاص ضد المليشيات، فسمح بتهجير كتائب أبي العباس، القوة التي ساهمت في تطهير 90 % من المساحة المحررة داخل المدينة، واستبدلها بمليشيات مؤدلجة تعمل لصالح الدوحة وتركيا خصوم التحالف الذي يدعم كل تحركات واحتياجات هادي والشرعية.

وفي مأرب يربي الإصلاح جيشاً آخر، ويستخدم شعار الحرب على الحوثي ضد كل من يعارض إمارته الشرقية، ويتواجد الحوثي على مرمى كاتيوشا من مدينة مأرب رغم وجود أكثر من 200 ألف جندي وقوات أمنية مجهزة بسلاح ثقيل لقمع الناس وليس الحوثي.

تُؤمِّن قوات الحزام والإسناد أبين وطريقها من حدود عدن إلى حدود شبوة، وتتحمل عبئاً ثقيلاً، وقدمت تضحيات كبيرة في مواجهة القاعدة، ووفرت الأمان للعابرين في الخط الدولي، بينما تتواجد قوات داخل عاصمة المحافظة تبني مخزوناً من القوة استعداداً لتنفيذ حروب تخدم الإخوان وعلي محسن الأحمر، وحين يتحرك أصحاب الشرعية الحقيقية الذين يخدمون التحالف ويحاربون الإرهاب إلى صفه ترتفع أصوات هادي ومساعديه، متحدثين عن انقلابات أبناء الأرض على أنفسهم.

أزاح هادي، المخلافي من وزارة الخارجية، وعين بديلاً عنه، لأن المخلافي صاحب صوت وموقف حاد وثابت من المليشيات ومن كل ارتباطاتها، وضد عبث موظفي الأمم المتحدة بملف اليمن، وضد الفوضى داخل مؤسسات الخارجية، وبقيت الشرعية بدون وزارة خارجية ولا حتى وزير للشئون الخارجية رغم حاجة البلاد والحرب لوزير.

أربك هادي الجميع في الجنوب والشمال ومنح المليشيات مساحة كافية لترتيب صفوفها والتفرغ لاستهداف التحالف وخصوصاً المملكة العربية السعودية التي ينالها قسط كبير من هجمات المليشيات واعتداءاتها.

أوقف هادي تحرير الحديدة، لأن العليمي وعلي محسن يعتبران إخراج الحوثيين من الحديدة وإحلال قوات طارق صالح هزيمة للحوثيين والإخوان معاً، ولغّم شبوة بوحدات موالية للجنرال العجوز ومافيا النفط بمبرر أن قوات النخبة الشبوانية أبناء قبائل شبوة محسوبون على محمد بن زايد وليس على بيئتهم ومجتمعهم الأصيل، في توجه سافر للإساءة للتضحيات والناس وخياراتهم الأصيلة.

اليوم يبقى أي تحرك لتحرير هادي من الاعتماد على مكونات وجماعات وقوات مخدرة انتصاراً للشرعية ولتضحيات الناس، ومشروع مواجهة المليشيات، ورد الجميل لموقف التحالف المساند لليمن في وجه مشروع طهران الذي يستهدف المنطقة وليس اليمن فقط.