21 سبتمبر: السيطرة على الحكم بقوة السلاح وتغيير عقيدة اليمنيين واستخدامهم رهائن بيد إيران

السياسية - Tuesday 10 September 2019 الساعة 11:16 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

لا تُذكر مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، إلا ويذكر يوم 21 سبتمبر كيوم ارتبط في التاريخ اليمني المعاصر بأنه يوم الانقلاب الذي نفذته مليشيات الحوثي وسيطرت فيه على مؤسسات الدولة بالقوة المسلحة، وبحيث بات في الوعي الشعبي وفي الذاكرة الجماعية اليمنية يوماً أسودَ، وبداية لمآسٍ كثيرة تلاحقت على اليمن أرضاً ودولة وإنساناً.

وخلال خمس سنوات مرت منذ يوم 21 سبتمبر 2014م، سعت مليشيات الحوثي جاهدة لتحويله إلى يوم زعمت أنه يوم ثورة تصحيحية، لكنها ورغم كل ما فعلته فشلت في إقناع الناس الذين باتوا يرون في هذا اليوم عنواناً لكارثة حلت على البلاد ودمرت الدولة والمجتمع على حد سواء.

21 سبتمبر.. الانقلاب الذي أدى للحرب

في 21 سبتمبر 2014م قامت مليشيات الحوثي المسلحة بعملية عسكرية استطاعت من خلالها إسقاط العاصمة صنعاء واحتلال مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية ونهبها، وسط صمت وسكوت وحياد قيادة البلاد السياسية والعسكرية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي اتخذ قرارات بإلزام الجيش بالحياد وترك المليشيات الحوثية تكمل عملية السيطرة على مختلف مؤسسات الدولة.

وعلى الرغم من أن مليشيات الحوثي استغلت انقلابها ذاك لفرض ما سُمي باتفاق السلم والشراكة الذي وقع تحت رعاية رئيس الجمهورية وممثلين عن الأحزاب السياسية، والذي تشكل عقب توقيعه ما سميت بحكومة الشراكة الوطنية أو حكومة الكفاءات برئاسة خالد بحاح وبمشاركة الحوثيين فيها في نوفمبر 2014م، إلا أن المليشيات سعت منذ اليوم الثاني لتوقيع الاتفاق وحتى بعد تشكيل الحكومة لاستكمال عملية انقلابها من خلال محاصرة واقتحام الوزارات وفرض مشرفين تابعين لها على المسؤولين في مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي أدى إلى استقالة الرئيس ثم الحكومة في يناير 2015م، قبل أن تستكمل عملية الانقلاب بالإعلان الذي صدر عنها في فبراير 2015م والذي حلت بموجبه سلطات الدولة المنتخبة وشكلت بموجبه لجنة أسمتها اللجنة الثورية العليا تولت على عاتقها مهمة إدارة شؤون الدولة.

إجراءات المليشيات الحوثية قوبلت برفض كل الأطراف السياسية المحلية والإقليمية والدولية، ولكن إصرارها على المضي في مشروعها أدى، كما يرى المحللون، إلى تهيئة الأسباب لاندلاع الحرب بعد أن تمكن الرئيس هادي من الفرار إلى عدن ثم تقدم بطلب تدخل عسكري من قبل دول التحالف العربي بقيادة السعودية التي شنت عاصفة الحزم في 26 مارس 2015م.

21 سبتمبر.. مشروع التبعية لإيران في اليمن

ومثلما يرى المراقبون أن 21 سبتمبر كانت البداية الحقيقية التي ساهمت في اندلاع الحرب التي تعيشها البلاد والتدخل الخارجي الإقليمي والدولي، فإنهم يؤكدون أن كل الإجراءات والممارسات التي نفذتها المليشيات الحوثية تحت مسمى تنفيذ مشروع 21 سبتمبر الثوري، كما تزعم، عكست الوجه الحقيقي والمضمون الخفي لمشروع المليشيات الحوثية وارتباطها المذهبي والفكري والعسكري والسياسي بإيران ومشروعها في المنطقة.

وعلى مدى السنوات الماضية تكشفت الكثير من الأدلة عن الارتباط والتبعية والعمالة الحوثية لإيران ومشروعها سواءً من خلال الدعم العسكري الذي قدمته إيران للمليشيا الحوثية، أو من خلال الخبراء الإيرانيين وخبراء حزب الله اللبناني الذين يساندون الحوثي في العمليات العسكرية، أو عبر الدعم السياسي والإعلامي الإيراني للمليشيات الحوثية وصولاً إلى التماهي والتعاون اللامحدود بين مواقف المليشيات الحوثية ومواقف إيران وأذرعها في المنطقة تجاه القضايا المتعلقة بالخلافات والأزمات بين إيران ودول الإقليم من جهة أو بين إيران والمجتمع الدولي من جهة أخرى.

ومنذ إعلان مسؤولين إيرانيين أن صنعاء باتت العاصمة الرابعة التي وصلت إليهم سيطرتها بعد سقطوها بيد المليشيات الحوثية ظلت تتكشف العلاقة الخفية والتبعية التي تدين بها مليشيات الحوثي لإيران، وإن حاول الحوثيون نفيها حتى جاءت زيارة الناطق الرسمي للمليشيات الحوثية محمد عبدالسلام والوفد المرافق له إلى طهران واستقبال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لهم، ثم تعيين سفير للمليشيات الحوثية لدى طهران لتعكس قمة التبعية الحوثية والعمالة لإيران خصوصاً وأن الزيارة انطوت على تقديم مبايعة دينية من قبل الحوثيين للمرشد الإيراني وربط ذلك بمشروع ولاية الفقيه وولاية الإمام علي التي يدعونها.

21 سبتمبر.. مشروع كهنوت وعنصرية مقيتة

عمدت مليشيات الحوثي إلى السعي لتكريس فكر يهدف إلى الانتقام من الثورة اليمنية 26 سبتمبر والتي قضت على نظام الإمامة الكهنوتي وأقامت النظام الجمهوري، وذلك من خلال الممارسات الهادفة إلى إلغاء كل مظاهر الاحتفال والتذكير بالثورة اليمنية ورموزها ومنجزاتها والسعي لتحويل يوم انقلابهم كبديل لأعياد ثورة 26 سبتمبر.

وعلى الرغم من ادعاءات المليشيات الحوثية المتكررة أنهم يؤمنون بالنظام الجمهوري إلا أن ممارساتهم السياسية والفكرية والثقافية وحتى إجراءاتهم تجاه رموز وقادة الثورة اليمنية ومناضليها وشهدائها ومصادرة حقوقهم وتغيير المسميات التي تحمل أسماءهم كلها كشفت عن حقيقة المشروع الكهنوتي الإمامي الذي تسعى المليشيات لاستعادته وإن بصورة مقنعة.

وإلى جانب ذلك عمدت المليشيات الحوثية إلى بسط نفوذها على مختلف مؤسسات الدولة ومفاصلها من خلال عملية تعيينات لعناصرها بشكل كبير في مختلف المناصب والمؤسسات وعلى حساب قانون الوظيفة العامة والإجراءات الدستورية واللوائح المنظمة لذلك.

واتضحت مظاهر المشروع الكهنوتي لمليشيات الحوثي في عمليات السطو على مؤسسات الدولة ونهبها، ثم التغلغل في مفاصلها وتعيين العناصر المحسوبة عليهم وبالذات المنتمين أسرياً إلى الهاشميين وأسرة زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.

السيطرة الإدارية تزامنت معها إجراءات ثقافية وفكرية تمثلت في عملية تعديل المناهج الدراسية بمفاهيم ترسخ فكرها المذهبي والعنصري الذي يقوم على مبدأ الحق الإلهي ويزعم أحقية من يدعون انتسابهم لأبناء علي بن أبي طالب بالحكم، وترسيخ مفاهيم الولاية ويوم الغدير وبث أفكار وفتاوى دينية تدعم هذه المزاعم.

ووصل الأمر حد تكفير كل المعارضين والمخالفين والمنتقدين لما يطرحه قادة المليشيات من أفكار مذهبية وعنصرية، حيث تطلق المليشيات عليهم وصف المنافقين وأعداء الله والموالين للغرب.

واستغلت المليشيات الحوثية سطوتها وسيطرتها في إرغام موظفي الدولة وطلاب المدارس، وصغار السن، لحضور دورات ثقافية خاصة بها تتضمن الترويج لمشروعها المذهبي والفكري والثقافي ومزاعم أحقيتهم بالسلطة وتكفير الآخرين، والدعاية لشعاراتها القائمة على الموت والقتل والتدمير.