في الطريق إلى 21 سبتمبر.. الإقصاء والفساد والجبايات

السياسية - Tuesday 17 September 2019 الساعة 11:18 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

مشروع عنف وقتل لا يستثني أحداً

كشفت كل الإجراءات والممارسات التي نفذتها المليشيات خلال السنوات الماضية عن مشروع موت عنوانه القتل وإقصاء واجتثاث الآخر، من خلال ممارسة العنف ضد خصومهم والمختلفين معهم عبر أعمال قتل وتفجير منازل، ومصادرتها، واعتقالات واختطافات وإخفاءات قسرية، واستخدام خصومهم المعتقلين كدروع بشرية كما حدث مع الكثير من الأسرى والمختطفين لديهم.

21 سبتمبر: السيطرة على الحكم بقوة السلاح وتغيير عقيدة اليمنيين واستخدامهم رهائن بيد إيران

وتكشف مشروع الإقصاء والرفض للآخر في أبهى صوره لدى مليشيات الحوثي في إعلانها الحرب على المؤتمر الشعبي العام وقيادته ممثلة بالزعيم علي عبدالله صالح الذي دخل معهم في تحالف لإدارة شؤون الدولة، إذ سعت المليشيات لاستخدام كل ما بيدها من قوة وسطوة في إقصاء واجتثاث المؤتمريين والموالين لصالح من مؤسسات الدولة، وصولاً إلى تنفيذ مشروعها في شن الحرب ضد المؤتمر وقيادته في ديسمبر 2017م والتي انتهت باستشهاد الزعيم صالح ورفيقه عارف الزوكا وعدد من قيادات المؤتمر واعتقال عدد آخر من بينهم أبناء وأقارب الشهيد صالح وقيادات وكوادر مؤتمرية بعضهم لا يزال معتقلاً لدى المليشيات الحوثية حتى اليوم دون أن توجه إليهم أية تهمة.

ومنذ استشهاد صالح، الذي وقف بقوة في وجه المشروع الحوثي الرافض للآخر، وجد الحوثيون الفرصة مواتية لاستكمال مشروعها الإقصائي من خلال عملية التجريف لكل المخالفين والمعارضين لهم في مؤسسات الدولة واستبدالهم بعناصر موالية لهم بعيداً عن أي اعتبارات تتعلق بالوظيفة العامة أو القوانين المنظمة لها، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الإجراءات التي اتخذتها المليشيات الحوثية في عمليات مصادرة ممتلكات وأموال المعارضين لهم عبر ما سمي بالحارس القضائي واستخدام سلطة القضاء الخاضع لسيطرتهم لمحاكمة وإصدار أحكام إعدام وأحكام مصادرة لأملاك الآخرين، وصولاً إلى رفع الحصانة عن 35 نائباً برلمانياً من معارضيهم تمهيداً لمحاكمتهم ومصادرة ممتلكاتهم.

الفساد الإداري والمالي في أبهى صوره

منذ سيطرة مليشيات الحوثي على مؤسسات الدولة شهدت البلاد أوسع عملية فساد إداري ومالي لم يتوقف عن تجريف مؤسسات الدولة وتحويلها إلى مجرد أماكن ومناصب يعين فيها محسوبون وموالون للمليشيات الحوثية بعيداً عن المعايير الوظيفية فحسب، بل وتم إنشاء كيانات ومؤسسات خارج نصوص الدستور والقوانين، ومنحها صلاحيات غير محدودة خصوصاً لجهة تحصيل الإيرادات العامة وصرفها لصالح المليشيات كما هو الحال مع مؤسسة الإغاثة، وهيئة الزكاة، ومؤسسة الشهداء والأسرى.

ومع أن مليشيات الحوثي تمارس سلطتها عبر هياكل الدولة كالمجلس السياسي والحكومة، إلا أن تلك المؤسسات باتت مجرد أشكال ديكورية تشرعن ما تريده المليشيات، وهو ما يتضح من خلال مصادرة المليشيات لمرتبات الموظفين رغم قيامها بجمع الإيرادات العامة بصورة يومية وتحصيلها باسم مؤسسات الدولة والأنظمة والقوانين.

وعمدت مليشيات الحوثي إلى تحرير قطاع الطاقة كبداية لتحويله إلى قطاع دخلت فيه بشركات استثمارية تابعة لقياداتها قبل أن تمد عملية الاستثمارات تلك إلى الجامعات والمدارس والمستشفيات وغيرها من الشركات التجارية التي استثمرت فيها الأموال التي نهبتها من مؤسسات الدولة.

ووصل الأمر إلى ممارسة مضايقات وجبايات غير مسبوقة وخارج إطار القوانين بحق القطاع الخاص والتجار ما أدى إلى رحيل بعضهم، وهو ما هيأ المجال أمام إحلال المليشيات لشركات وتجار موالين لها محل التجار الفارين من العاصمة ومناطق سيطرتها، بالإضافة إلى تعمد المليشيات فرض غرامات وإتاوات خارج إطار القوانين على التجار والقطاع الخاص وكل المنشآت الاستثمارية لصالح ما تسميه المجهود الحربي، ودعم فعالياتها ومناشطها الثقافية المذهبية ومنها فعالية الاحتفاء بيوم 21 سبتمبر الذي يعد يوم انقلابها على السلطة في البلاد.

وكدليل على مستوى الفساد الذي تمارسه مليشيات الحوثي كشفت تقارير خاصة بمنظمات دولية ومحلية عن ممارسة المليشيات فساداً غير مسبوق تمثل في تحويل المعتقلين والمختطفين لديها إلى أدوات تمارس بها عملية ابتزاز وحصول على مبالغ مالية ضخمة من أسرهم وذويهم لقاء الإفراج عنهم، وهو ما حصل مع تجار وملاك شركات ومسؤولين في البنوك وبعض مسؤولي الدولة، فضلاً عن ناشطين وصحفيين وسياسيين وكتاب ومشايخ قبائل وشخصيات اجتماعية.

ويجمع المراقبون على أن كل ممارسات المليشيات الحوثية منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة وحتى اليوم عززت القناعة لدى الناس أن يوم 21 سبتمبر الحوثي هو يوم نكبة وكارثة وعنوان لمشروع التبعية والعمالة لإيران، وتجسيد لفكر مذهبي عنصري إمامي كهنوتي وصورة للفساد الإداري والمالي الذي لم يسبق أن شهدته اليمن.