مهما طال أمد الحرب سنصل ذات يوم إلى حل سياسي، ولكن بعد أن يكون اليمنيون قد كرهوا كل الأطراف في البلد، على رأسهم مجنزرة الحوثيين التي دكت كل شيء في طريقها وغدت بين الجميع هي الأبشع والأكثر جرماً بحق اليمنيين، ولا أعرف كيف سيكون التعايش معهم مُتاحاً وقد أصبح في ذمتهم شعب مشرد وبلاد كسيرة، وكل شبر فيها يقول آآآح من أنصار الله.
وأما ما يجعل الحل في اليمن صعباً في الوقت الحالي، هو أن جميع الأطراف السياسية الفاعلة في الميدان فقدت ثقتها ببعضها، وفقد الشارع العام ثقته في الجميع صراحة، وأصبحنا أمة تعيش أيامها الصعبة بلا عاقل وبلا كبير، وهذا بدوره سهل للصغير والكبير أن يسخر من أوجاعنا المحلية ويحيل قضيتنا اليمنية إلى ماراثون طويل من المماحكات والمكايدات السياسية، بينما أصبح حالنا بين الأمم أضحوكة ومافيش معانا ضمار غير الاقتتال فيما بيننا لأجل مصالح ضيقة تدور أصلاً خارج الحدود اليمنية.
وعلى الرغم من أن قضية اليمن واضحة كالشمس، والحكاية من أصلها أن هناك مليشيا انقلابية اغتصبت الدولة بقوة السلاح وضربت بالعملية السياسية عرض الجدار، وسخرت موارد البلد وطاقات المجتمع لصالح مشروعها السلالي الضيق، وأضرت بالتعايش، وجعلت الألم والحزن يدخل إلى كل بيت وقرية ومدينة، إلا أن الأمم المتحدة بجلال قدرها لم تجد لدى الأطراف الذين يمثلون الدولة المغتصبة ما يشجعها لاتخاذ موقف جاد وقوي من مسألة الاغتصاب العلني، ويبدو أن الأمم المتحدة تشعر على الدوام أن هناك مرفالة كبيرة في صف الشرعية التي تحارب لاسترداد الدولة بأدوات بالية، وكل شبر يتحرر من اغتصاب الحوثيين يتحول إلى مرفالة أخرى تعيد سيرة الاغتصاب نفسه في الأماكن المحررة، ما يجعل المسألة مجرد قضية عادية بين أطراف تتصارع من أجل عقائد تالفة لاتبني بلداً ولا تساعد الناس في الخلاص من خرافات السلالة والخلافة المزعومة. وأنه لن يكون هناك بأي حال من الأحوال أمل في استعادة الدولة طالما وأن كل طرف يدخل إلى المعركة ضد الحوثيين وهو متسلح بمعتقداته الخاصة وطموحاته الخاصة، حتى يبدو الأمر للعالم بأكمله وكأن عملية الاغتصاب ديمة وخلفنا بابها.