د. محمد حسين حلبوب

د. محمد حسين حلبوب

تابعنى على

لتجنب "المجاعة" باليمن في 2022

Sunday 19 December 2021 الساعة 08:13 am

لتجنب (المجاعة) في اليمن، العام القادم، 2022م، فإنه من الضروري أن يتوفر لليمن، ما يغطي قيمة الواردات الضرورية من السلع والخدمات، وما يغطي حركة رأس المال إلى الخارج.

 ووفقا لتقديراتنا المعتمدة على بيانات البنك المركزي اليمني عدن، في نشرته لشهر سبتمبر 2021م.. فإن اليمن بحاجة في العام القادم 2022م، إلى:

1-- (4.5 مليار دولار) لتغطية قيمة شراء الواردات الضرورية من المواد الغذائية الأساسية. 

2-- (2.7 مليار دولار)، لتغطية قيمة شراء الواردات الضرورية من المشتقات النفطية.

3-- (3.3 مليار دولار)، لتغطية قيمة شراء الواردات الضرورية من السلع والخدمات الأخرى.

4-- (0.7 مليار دولار) لتغطية قيمة تدفق رأس المال إلى الخارج.

أي أن (إجمالي الطلب على العملات الأجنبية)، اللازم لتغطية قيمة (المدفوعات) الضرورية للخارج، في العام القادم 2022م، تقدر ب(11.2 مليار دولار).  

ومن جهة أخرى، فإن من المتوقع أن يتوفر لليمن، في العام القادم، 2022م، ما يلي:

1- (3.5 مليار دولار) تقريبا، من تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج.

2- ما قيمته (2.7 مليار دولار) تقريبا، معونات وهبات دولية متوقعة. 

3- (1.5 مليار دولار) تقريبا، قيمة صادرات متوقعة، من النفط الخام.

4-- (1.1 مليار دولار) تقريبا، قيمة صادرات متوقعة، من السلع الأخرى.

  أي أن (إجمالي العرض من العملات الأجنبية) الذي يمكن أن يتوفر لليمن، في عام 2022م، يقدر بحوالي (8.8 مليار دولار). 

 وهكذا يتضح بأن اليمن سيعاني في العام القادم من (عجز في ميزان المدفوعات)، يقدر بحوالي (2.4 مليار دولار).

ونظرا لانخفاض (الاحتياطي من العملات الأجنبية)، لدى البنك المركزي، في نهاية عام 2021م، إلى أقل من (مليار دولار).. بما لا يغطي سوى أقل من شهر من الواردات. 

لذلك فإن البنك المركزي اليمني عدن -بوضعه الحالي- سيكون عاجزا عن إيقاف تدهور سعر صرف العملة المحلية. 

 وفي حال لم يحصل البنك المركزي اليمني عدن، على (دعم خارجي) خلال فترة قصيرة، فإن (عجز ميزان المدفوعات)، سوف يضغط باتجاه تدهور سعر صرف العملة المحلية، ليتجاوز سعر صرف الدولار في العام القادم حاجز (2000 ريال/ دولار).

 وبالنظر إلى أن (الناتج المحلي الإجمالي) لليمن، في تدهور مستمر منذ انقلاب (الحوثي)، واشتعال الحرب الأهلية، قبل 7 سنوات. لذلك فإن كل المؤشرات تؤكد بأن تدهور سعر صرف العملة المحلية إلى أعلى من (2000 ريال/ دولار)، سوف يؤدي إلى المزيد من الاختلالات الأمنية، والفوضى الاجتماعية، بما سيدفع باليمن إلى الانهيار الاقتصادي الشامل، وانتشار (مجاعة واسعة) لدى الشريحة الأضعف من السكان.   

ولذلك، ومن أجل تجنب الدفع باليمن إلى (مجاعة واسعة)، فإن الأمر يتطلب حصول اليمن على (دعم خارجي) مُلح، وضروري، يؤدي إلى استقرار سعر صرف العملة المحلية. بين (1000: 1200ريال/ للدولار).  

ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال:

1- الحصول على (قرض بدون فوائد)، يتمثل بوضع (وديعة سعودية)، لدى البنك المركزي اليمني، بمبلغ لا تقل قيمته عن (3 مليارات دولار).

2- رفع مستوى (الهبات والمساعدات الدولية)، خلال عام 2022م، لتصل إلى (3.5 مليار دولار) على الأقل.

 ولكن حتى يستجيب المجتمع الدولي لتنفيذ (الدعم الخارجي) المشار إليه في النقطتين أعلاه، فإن على الحكومة اليمنية، تنفيذ، (إصلاحات ملحة، وضرورية)، تتمثل أهمها في التالي: 

أولا: تنفيذ (إصلاح إداري), يؤدي إلى إحالة كافة من بلغ أحد الأجلين إلى التقاعد. 

وهذا الإجراء سوف يؤدي إلى الإحالة إلى التقاعد، لما يقارب من (87 ألف موظف خدمة مدنية)، وما يقارب 252 ألف موظف خدمة عسكرية).

 وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الإنفاق الحكومي في عام 2022م، بحوالي (450 مليار ريال). 

 ولكن تنفيذ هذا (الإصلاح الإداري) الملح والضروري، لا يمكن أن يتحقق إلا بعد إنجاز عملية (تسوية ضرورية)، في هيكل الأجور والمرتبات، تشمل كافة موظفي الخدمة العامة، تتمثل أهم بنودها في التالي:

1-- زيادة بدل غلاء المعيشة، بمبلغ لا يقل عن (65 ألف ريال) لكل موظف ومتقاعد. 

2-- زيادة بدل المواصلات، بمبلغ لا يقل عن (40 ألف ريال يمني) لكل موظف. 

3-- رفع الحد الأدنى للأجور والمرتبات، إلى ما لا يقل عن (72 ألف ريال).

4-- رفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي، إلى ما يساوي الحد الأدنى للأجور والمرتبات على الأقل. 

5-- تسوية أجور ومرتبات، المحالين إلى التقاعد، وفقا لكشف آخر راتب، بعد إضافة الزيادات المشار إليها أعلاه.

ثانيا: تنفيذ (إصلاح مالي) يؤدي إلى تقليص (عجز الميزانية العامة)، بما لا يتجاوز (3% من الناتج المحلي الإجمالي).

 أي بما لا يزيد (عجز الميزانية العامة) في عام 2022م، -بعد تنفيذ الإصلاح الإداري أعلاه- عن (540 مليار ريال). 

وهذا الأمر يمكن تحقيقه، من خلال رفع إيرادات الحكومة إلى (1،750 مليار ريال)، وذلك: 

1-- برفع سعر احتساب (الدولار الجمركي)، بما يساوي سعر السوق. 

أي إلى (1000 : 1200 ريال/ دولار).

 ولهذا الإجراء، فوائد عديدة منها:

أ-- زيادة الإيرادات الحكومية، بحوالي (255 مليار ريال).

ب-- زيادة الضغط الاقتصادي على (الحوثي).. ودفعه إلى اختيار السلام بديلا عن الحرب.   

2-- رفع (التعرفة التجارية) للكهرباء، لتغطي تكلفة إنتاجها، ورفع (التعرفة المنزلية) للكهرباء، لتغطي نصف تكلفة إنتاج الكهرباء على الأقل.

 وهذا الإجراء سوف يؤدي إلى:--

أ-- تقليص (الإنفاق الحكومي)، بما لا يقل عن (230 مليار ريال).

ب-- تشجيع السكان على استخدام (الطاقة الشمسية).

ج-- تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الكهرباء.

 الخلاصة: كل المؤشرات تؤكد بأنه، بدون (دعم خارجي)، فإن (مجاعة واسعة) ستحل على اليمن في العام القادم.

 وبدون إجراء الحكومة للإصلاحات -المشار إليها أعلاه- سيظل اليمن مهددا (بالمجاعة)، إلى أن يتم عمل الإصلاحات.

*أستاذ المالية، والتداول النقدي بجامعة عدن -رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك