صالح علي الدويل
إعادة تحديث أدوات التحالف.. الشرعية وأدواتها
لا يمكن أن ينجح تحديث استراتيجية التحالف العربي دون تحديث أدواتها، والشرعية أهم أدوات التحالف، وبما أن إعادة تحرير بيحان الذي قادته قوات العمالقة الجنوبية أعطى أول مؤشر حقيقي بأن التحالف العربي قام بتحديث استراتيجيته للحرب في اليمن ضد المشروع الإيراني وذراعه الحوثية تلك الاستراتيجية التي اعتمدت طيلة سبع سنوات على فلول فساد حزبي سياسي وعسكري وأمني... الخ، فظلت الهزائم العسكرية سمتها وإن كان بمسمى انسحاب تكتيكي، ولذا فإن الشرعية منطقيا تحتاج تحديثا يتوازى وتحديث استراتيجية الحرب، والتحديث لا يقتصر على دخول العمالقة الجنوبية فهي ليست للشرعية، ومن التحديث أنه لا يمكن أن تنجح أي استراتيجية تتجه إلى عدن وليست إلى صنعاء، فالتحديث يكون باحترام خيارات الجنوبيين، فالجنوبيون مع التحالف ومع كل الأحزاب اليمنية ضد الانقلاب وضد المشروع الإيراني وليس بإعادة إنتاج مشاريع اليمننة فيه، وتشكيل طابور خامس تحت أي مسمى، فتجربة المنطقة العسكرية الأولى أكبر دليل إذ إن الحرب لا تعنيها بل البقاء في الجنوب، وفي ذات المسار يجب تحديث العصبوية الزيدية وقواها، فالعمق الزيدي إذا لم يتم تحديث عصبويته سيكون فخاً لأي عملية عسكرية تستهدف الحوثي.
إن أولى أوليات تحديث الشرعية تكون بتنقية وإعادة هيكلة الالوية التي ظلت تعتلف دعم التحالف ولم تحقق نصرا عسكريا، إذ ظل النصر العسكري ثانويا مقابل المكاسب السياسية والحزبية لتلك القوى التي شكّلت تلك الالوية "وفرمتتها" بما يحقق مكاسبها وطموحاتها وليس بما يحقق نصرا يكسر المشروع الإيراني وبعد هيكلتها يتم الدفع بها إلى جبهات القتال مع الحوثي إلا بعد تقييمها وإعادة هيكلتها وتحديث الإدارات والمؤسسات السياسية والمالية بدءاً بمكتب الرئيس التي صار أغلبها أوراما سرطانية وُجِدت لحماية مصالح فئوية وحزبية وليست لهزيمة الحوثي.
إن تحديث الشرعية ليس عسكريا فبنيتها كاملة ليست أحسن حالا فإدارتها للمناطق المحررة ذروة الفشل الإداري والعسكري والاقتصادي والأمني... الخ، ولو بُحِثَ عن السبب فإن الشرعية أرادت إنتاج مصالح أحزابها وفلولها بجهد قوى قاومت ليست من بنيتها ولم تحترم خياراتها بل تريد القضاء عليها قبل الحوثي إن كان لها أمل في القضاء عليه.
إن تصحيح الحالة العسكرية والسياسية في مارب، إن كان من نية لتحديث أدائها، يجب أن يكون من اولويات تحديث الشرعية، فمارب ظلت نقطة ارتكاز مشروع إخواني أعطى لهم التحالف مدى سياسيا وعسكريا واسعا لم يستطيعوا أن يحققوا ما يوازيه عسكريا اما وسياسيا استخداموا الوظيفة العامة والمال العام للسيطرة والنفوذ وكسب الأنصار وتصفية المخالف والمختلف معهم.
إن انخراط قوات العمالقة الجنوبية في معركة استعادة مأرب، التي تعد آخر معاقل الحكومة في الشمال دون تحديث الشرعية، لا تخلو من نوايا مبيتة، حيث تريد الدفع بالعمالقة لخوض حرب استنزاف في مأرب نيابة عنها وهذا يدل على أن الشرعية ما زالت لم ترتقِ إلى مسؤوليتها في هذه الحرب.