جلال محمد
دبلوماسية الإمارات تنجح فيما فشلت الشرعية اليمنية في تحقيقه
استطاعت السياسة الخارجية والدبلوماسية الإماراتية أن تتعامل بذكاء وفقاً للمصلحة الوطنية الإماراتية، وتحركت بشكل قوي في مختلف المحافل الدولية حاملة عددا من الملفات العربية والدولية وفقاً لما تؤمن به من قيم ومبادئ وما ينسجم مع مصلحتها، ولذلك حققت نجاحا مشهودا، جعل منها مثالاً يحتذى به في كيفية تسخير العلاقات الدولية بما يضمن أمنها واستقرارها، وتعاملت ببرغماتية ذكية تنتقل فيها من النقيض إلى النقيض، وهذا ما رأيناه في التقارب التركي الإماراتي.
فالاقتصاد عنصر فعال من عناصر القوة، والمصالح التي تجمع أنقرة وتحتاجها بشدة من أبوظبي جعلها تحيد كثيراً من نقاط الخلاف السياسي، خصوصا في التوجهات التي تبديها تركيا في دعم جماعة الإخوان المسلمين، واستعداد أنقرة لتحجيم الجماعة وأنشطتها على الأراضي التركية، وهذا بلا شك نجاح إماراتي بامتياز وتفهمها للأمن القومي العربي عموماً وما تشكله جماعة الإخوان من خطر على استقرار المنطقة، وكان لا بد على تركيا أن توزن مصالحها عامة وتنفتح على مخاوف دول المنطقة وتحترم إرادة الدول.
إن نشاط الدبلوماسية الإماراتية جدير بالاحترام، وما حققته من نجاحات يستحق الإشادة به، ومن بين تلك النجاحات التي حققتها تمكنها من إقناع العالم عبر مجلس الأمن بضرورة تفهم الخطر الإرهابي الذي تشكله جماعة الحوثي، ليس فقط على اليمن، بل على الأمن والسلم الدوليين، وأن استمرار التساهل مع هذه الجماعة وغض الطرف عن جرائمها وتبعيتها العمياء لمخططات الحرس الثوري الإيراني المصنف إرهابياً، سيكون خطأ جسيما يرتكبه المجتمع الدولي، ويتبنى من حيث يعلم أو لا يعلم، تقوية جماعة إرهابية لم ولن تتورع عن مهاجمة خطوط الملاحة الدولية، واستهداف الدول المجاورة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
بالأمس القريب رأينا النشوة الحوثية ومعها المليشيات الإيرانية في المنطقة باستهداف الإمارات، فتحركت أبوظبي عسكرياً لإخماد بؤر الاعتداءات، وسياسياً لتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، ونجحت سريعاً وفي زمن قياسي، حيث اعتمد مجلس الأمن الدولي، قرارا يوسّع الحظر على إيصال الأسلحة إلى اليمن ليشمل جميع الحوثيين، بعدما كان مقتصرا على أفراد وشركات محدّدة، وصنف القرار الذي صوّتت لصالحه 11 دولة، من بينها روسيا، أنّ الحوثيين "جماعة إرهابية"، وذلك للمرة الأولى، نتيجة للحراك الدبلوماسي الإماراتي، والذي عجزت عنه الشرعية ودبلوماسيوها ووزراء خارجيتها وهم ذوو الشأن، على مدى سبع سنوات من الصراع الدامي الذي تسببت فيه قوى الإسلام السياسي في اليمن وعلى رأسها جماعة الحوثي.