عبدالستار سيف الشميري
دعوة السعودية للحوار.. إيقاعات اليأس والأمل
الفرضيات بأن هناك أفقاً سياسياً قريباً لحل سياسي محتمل عن طريق الحوار ربما فيها قدر كبير من التفاؤل المفرط، حيث لا تزال الأمور سائلة جداً وليس هناك من معطيات واقعية لفرص النجاح.
المعطيات العسكرية تقول إن هناك توازنا ضعفا بين الشرعية والحوثي، وهي تُسلّمنا لليأس وعدم اقتراب أي حل سياسي، ذلك أن الحوثي لن يقبل بحل إلا إذا كان هناك تطويقا لصنعاء واستعادة الحديدة، وذلك يبدو بعيدا في المدى القريب.
يبقى كل شيء يمكن حدوثه إذا ما أطلقنا العنان للمتخيَّل الممكن التحقق، لا على الواقع المحقَّق، وعلى قدرات السعودية في التأثير بالشأن اليمني وتجاربها السابقة في كل محطات الصراع.
اليأس أولاً..
إذا ما حاولنا تتبع دواعي اليأس من احتمالات الحل السياسي قبل الذهاب إلى محطات الأمل وايقاعات الفرح، يأتي في طليعة ذلك الفترة الزمنية الطويلة للحرب ونحن في العام الثامن، وهذا الوقت الطويل باعث على اليأس حتما، لا سيما والحرب شكلت فوائد لقيادات في كل الأطراف.
كما أن حجم الخسائر الفادحة التي تجاوزت مليون قتيل وجريح ومعاق ومفقود في كل الأطراف بجعل الأمر أكثر تعقيدا.
إنها تركة باهظة، جدا، بالإضافة إلى عشرة ملايين تشردوا في الداخل والخارج على وجه التقريب.
كل هذه التركة الإنسانية التي خلفتها الحرب من وجهة نظر البعض هي الضاغط الذي سوف يجبر الأطراف في سلق حل سياسي بضغط إقليمي ودولي، لكن ذلك لن يكون، فكل هذه الأرقام وكل هذه الكوارث لا تعني شيئاً للجماعة الحوثية وأيضا لبعض مكونات الشرعية ولا تدفعهم لاتخاذ أي موقف أو تنازلات محتملة.
وهذه أهم النقاط الباعثة على اليأس، لكنها ليست النقطة الوحيدة، إذا ما أخذنا أمرا آخر بالغ الأهمية وهو أن الراعي الرسمي للحوثيين إيران ليس من مصلحتها أن تذهب اليمن الى حل سياسي لأن ذلك باختصار يعني توقف المشروع الإيراني بتصدير الثورة واكتمال ملامحه في اليمن لا سيما والورقة الحوثية بالغة الأهمية لإيران وقليلة الكلفة إذا ما قورنت بأذرعها المكلفة في المنطقة.
وهذا باعث آخر على اليأس من فرص نجاح الحل السياسي الذي تحاول السعودية بعثه من جديد، من البوابة الإيرانية هذه المرة.
هناك اعتبارات أخرى تؤيد فرضيات اليأس وفرص السلام عل منها قدرة الحوثي على إخضاع الناس بالقوة في مناطق سيطرتهم، لا يعني ذلك أن الناس قد تكيفوا على الوضع، لكن الأمر أن فرص المعارضة صفر، فهي تعني الموت في ذات لحظة التفكير بأي فعل معارض مباشرة.
ومن هذا المنظور يمكن توصيف سلطة الحوثي أنها نظام لليأس السياسي المطلق، بقوة السلاح المنفلت والمنظم أيضا. والعيش في مناطق الحوثي تعني سجناً مؤبداً في إطار رقابة صارمة.
الأمل ثانياً..
كل ما سبق من فرضيات اليأس لا تعني بالضرورة أنه لا جدوى من أي محاولات سياسية رغم فرصها الضئيلة، إذا أخذنا بالاعتبار الحوارات التي تدور في العراق بين إيران والمملكة السعودية.
من هذه النافذة يمكن أن نفتح بصيص أمل على حذر، من باب بث روح البهجة وسياسة للأمل، باعتبارها مسألة موضوعية وذاتية معاً، نحتاج إليها في كل الظروف والاحوال.
ذلك أن تراكيب اليأس تفقدنا طاقتنا وقدرتنا كشعب على الصبر والبقاء، وتُخف أعباءنا وتُحرِّرنا مما مات خلال سنوات الحرب، ومحاولة اجتراح بدايات جديدة.
خلاصة الأمر:
نحن بحاجة إلى التشبث بأي قشة أمل. ولعل دعوة المملكة لهكذا حوار في المملكة تحديدا، هو قشة أمل وقد تكون القشة التي سوف تقصم ظهر البعير أيضا.
فمن المحتمل بل المؤكد ربما أن يرفضها الحوثي ويضع شروطا تعجيزية أو يطلب تغيير مكان انعقادها إلى مسقط مثلا أو قطر.
ورغم كل تلك الاحتمالات ليس أمامنا غير السير في إيقاعات اليأس والأمل وليس لنا من خيار آخر.
"وليس اقسى علينا من اليأس إلا الأمل".