فضل الجعدي
"جواس" ابن المؤسسة العسكرية وأسدها الهصور
إن الحديث عن مناضل بحجم القائد العسكري المخضرم الشهيد ثابت مثنى جواس هو أمر معقد بكل تأكيد، فالكلمات والعبارات مهما كانت بلاغتها لن تفي بالتعبير الصادق عن حجم المصاب والخسارة الكبيرة التي مني بها الوطن ومؤسسته العسكرية.
ذلك أن الشهيد كان من الصفوة التي لا تتكرر، ومن الركائز التي أسندت مسارات الدفاع عن القيم والحرية طوال تاريخه الممتد لأكثر من أربعة عقود حتى لحظة ارتقائه شهيداً مجيداً في عملية غادرة وجبانة وهي الطريقة التي تتبع دائماً من قبل قوى الغدر والإرهاب وعلى امتداد المراحل منذ العام 90 لتصفية الرجال الأشداء والكوادر الوطنية.
لقد صال الشهيد جواس وجال في ميادين الشرف وخاض معارك كثيرة وسجل ملاحم بطولية في أشرق صفحات التاريخ وقدم من التضحيات ما تعج به سيرة أي بطل نذر نفسه وحياته دفاعا عن المُثل والمبادئ التي آمن بها.
وعلى امتداد الأحداث الكبرى كان جواس في الطليعة لم يتأخر يوما عن أداء واجبه الوطني في الدفاع عن الشرف العسكري المتمخض عن الدفاع عن الوطن وقضاياه وأمنه واستقراره وناسه وترابه، وفي أحلك الظروف وأشدها عتمة، ولم يوهن يوما أو تفتر قواه أو تضعف إرادته، ولم ينكسر حتى في معارك الانكسار وظل شامخا كأطواد الجنوب الشماء التي صبغت ملامحه وسحنته وشموخه.
لقد كان الشهيد جواس هو القائد العسكري الذي حقق الانتصار الوحيد في حروب صعدة الستة، واستطاع بحنكته وصلابته وتجربته العسكرية الفذة أن يصل إلى عقر دار مليشيات الحوثي الإيرانية وإخراج مؤسس تلك المليشيات من دياجير كهفه الذي كان يختبئ داخله، في عملية عسكرية خلدها التاريخ كونها طالت الرأس المدبر ذاته للخراب الممتد حتى اليوم، وهي حنكة وشجاعة سجلت باسم جواس وحده وفي رصيده الحافل بالإنجازات العسكرية الفارقة والفاصلة.
وحتى في حرب 2015 على الجنوب استمر الشهيد جواس بقهر تلك المليشيات والتصدي لهم وإلحاق الهزائم المذلة بهم بشجاعة وسمعة عسكرية لا غبار عليها، كما كان في مقدمة الصفوف في الحرب على الإرهاب وقواه الظلامية، وعد من أبطال التحرير في معركة الدفاع عن الجنوب وظل القائد العسكري الملهم شرفا وتضحية واقداما حتى لحظة رحيله إلى المجد والخلود.
لقد اختار الشهيد جواس طريق الشرف والمجد، كما كان مصير غيره من الشرفاء المخلصين لأوطانهم، وكما سيفعل من تبقى من الشرفاء الذين تربوا على القيم الوطنية، وصقلتهم الحياة ومضوا على درب الكرامة كما عاهدوا شعبهم حتى نالوا شرف الشهادة، ورحلوا مترفين بقيم الوفاء والتضحية ونحتوا أسماءهم في قلب التاريخ الوطني والكفاحي وكانوا وسيظلون رموزا عظيمة من البطولة والعطاء الخالد..
المجد والخلود لروح الشهيد الصنديد جواس ولأرواح كل الشهداء الذين طالتهم يد الغدر والخيانة والإرهاب، وأن عزاءنا يكمن في السير على ما ساروا عليه شامخي الرؤوس والهامات حتى تحقيق تطلعات شعبنا في الحرية. ولا نامت أعين الجبناء.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك