لا ينبغي أن نقيّم صلاح حكامنا وجدوى أنظمة حكمهم من خلال دعاواهم أنهم أصلح من غيرهم، ولا بتَغَنيهم بأمجاد السابقين، ولا بما يزعمون من أن السماء أوكلت الأمر إليهم، ولا بما يطلقون من وعود بما لا يملكون من رفاه الدنيا ونعيم الآخرة.
️ المعيار –أيها الأصدقاء- هو ما يقدمون للناس في واقع حياتهم من أمنٍ ورخاء؛ فحتى رب العزة خالق الكون (جلّ في علاه) ما أمرنا بعبادته إلا وذكَّرنا بأنه أطعمانا من جوع وأمننا من خوف.
فلا معنى لكثرة الخطابات وترديد الشعارات الجوفاء التي يُجيدها كل متسلط في أي زمان وأي مكان، ويسخر مُقدرات الأمة لإسماع صوته وفرض خصوصيته، وتحويل المجتمع إلى سياط تجلد بعضها، على قاعدة:
ولأضربنّ قبيلة بقبيلة * ولأجعلن ديارهن نواحا
فلا تطبلوا للحكام، لا حبا فيهم ولا نكاية بغيرهم، ولكن اشعروهم أنهم تحت رقابتكم، وأنهم يجب أن يخضعوا لمعيار: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾.
* * *
الطّاغية لا يَصنع نفسه، وإنما يصنعه ثُلّة من المنتفعين، الذين ينَصّبوه ثم يقدّسوه ثم يُفَرعنوه.
وبعد ذلك يدمرون حياة الشعوب بأمر من قياديه التي أوهموه بأنها قيادة حكيمة وأنها مستمدة من إرادة السماء!
وقديماً {قالَ المَلَأُ مِن قَومِ فِرعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَومَهُ لِيُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقتِّـلُ أَبنَاءَهُم وَنَستَحيِي نِسَاءَهُم وَإِنَّا فَوقَهم قَاهِرُونَ}.
* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك