د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

ما هي اللغة التي يفهمها الحوثي؟!

Wednesday 11 May 2022 الساعة 10:36 am

السلام، بالنسبة لأيّ شعب في العالم في حالة حروب وأزمات مماثلة للحالة اليمنية الراهنة، مطلب وحلم وغاية لا يمكن تحقيقها إلا بوسيلتين: الحوار أو الحرب.

أيهما أفضل؟!

لا خلاف. الحوار أفضل وأرقى وأسهل وأقل كلفة.. حتى كثير من أنصار الحرب، يكتشفون أخيراً في ظل الكوارث التي صنعتها الحرب، أفضلية هذا الخيار الذي كان متاحاً بشكل مجاني منذ البداية.

لكن الحرب قد تكون ضرورة. شراً لا بد منه، عندما يغلق باب الحوار ينفتح باب الحرب.

لم يترك هتلر أمام أوروبا وروسيا في مواجهة التسونامي النازي التوسعي من خيار آخر غير المواجهة والمقاومة المسلحة.

عندما اجتاح الحوثي صنعاء كان اليمنيون حول طاولة الحوار، ورغم ما يمكن قوله عن ملابسات وإشكالات تلك المرحلة، إلا أن الحوار كان قد وصل إلى مرحلة متقدمة بصياغة مسودة دستور توافقي.

قلب الحوثي تلك الطاولة على الجميع، وحدث ما حدث خلال السنوات الثماني الماضية، بما فيه عدة مؤتمرات حوار، لم تؤدِّ إلى حل، ولا يبدو أنها ستؤدي إلى حل. إلا إذا كان السلاح حاضراً خلف الطاولة.

الحوثي قوي بسلاحه: اجتاح صنعاء بسلاحه، انقلب على الإجماع الوطني بسلاحه، استولى على الدولة بسلاحه.. ومن حينه حتى اليوم وهو مسيطر على كل شيء بسلاحه. بسلاحه فقط.

هذه هي نقطة قوته الوحيدة، أما الأيديولوجية والفكر، والرؤى والتصورات والخطابات الحوثية.. فأشياء هشة ضعيفة متهالكة.. لم تكن لتمكنه من مد نفوذه إلى أبعد من قريته في مران.

قد يعني هذا أن الظواهر الصوتية للمقاومة: تفكيك الخطابات، وتفنيد المزاعم، وتعرية التاريخ، وفضح العقائد.. معارك زائفة أو مبالغ بأهميتها.!

لكن المقصود هنا أن المعركة مع الحوثي هي معركة سلاح، بالدرجة الأولى:

إذا كان هناك سلاح وطني قوي موحد منظم ملتزم جاد.. قادر على إسقاط هذا السلاح.. واستعادة الأرض والدولة.. فبها ونعمت، ففي الأخير لا يسقط السلاح إلا السلاح.

هذه هي اللغة التي يفهمها الحوثي، لغة السلاح والقوة والغلبة، وإذا لم تتوفر لدى الأطراف المعنية، فهناك أمامها عدة بدائل سيئة، أسهلها وأقلها كلفة: الاستسلام للحوثي، وتسليمه كل شيء "وكفى الله المؤمنين شر القتال".

وهذه أصلاً هي النتيجة المعروفة سلفاً لـ"الحوار" مع هذه الجماعة الدينية الشمولية المسلحة:

لن يسلم الحوثي قطعة سلاح واحدة من ترسانة الأسلحة التي في يده، ولن يتنازل عن شبر واحد من المناطق الخاضعة لسلاحه والمحكومة بسلطة الأمر الواقع.

الحوثي يريد فقط من الحوار تمكينه من سلطة جديدة وأراض جديدة ومكاسب جديدة، أو على الأقل، المحافظة على المكاسب التي باتت في يده.

لكنه قد يقبل بالحوار الجاد، في حال شعر بجدية الحرب من الطرف الآخر، كما فعل في حوار استكهولم، هدف الحرب في النهاية، هو إجبار الحوثي على حوار حقيقي يفضي إلى تسويات مناسبة وسلام دائم.

الخيار الثالث، أمام المجلس الرئاسي، هو الاستمرار في مواجهة الحوثي بنفس أدوات "المقاومة" السابقة: بنفس القيادات والأسلحة والأساليب الهزلية التي تضرر منها الشعب اليمني أكثر مما تضرر منها الحوثي.

تعب الشعب اليمني من هذه المهزلة المتوحشة، ويشعر باليأس والسأم والقرف من هذا السلاح المنفلت متعدد العقائد متشرذم الولاء، انتهازي الرؤية، بلطجي الممارسة، والذي في الأغلب يخدم الحوثي، ومشاريع ومصالح أجنبية لا علاقة لها بالقضية اليمنية.