لم يتحمل الصهاينة صوت الحقيقة الذي كانت تصدح به الصحافية الفلسطينية المناضلة شيرين أبو عاقلة، فواجهوها بسلاح الموت ليواروا سوءاتهم عن أنظار العالم.
وهم يعلمون أن بلهاء العرب «يساريين ويمينيين» سينشغلون عن إدانتهم ومحاسبتهم بالجدل في جواز الترحم عليها من عدمه، وكأنهم من يهب رحمة الله أو يمنعها.
أيها الأصدقاء أفضل عزاء لها ولمحبيها هو إدانة من قتلها والسعي لمحاسبتهم.
وما قدمت من عمل مشكور هو الذي سيرفعها ويحدد منزلتها عند الله أيًا كانت ملتها ودينها.
والترحم منا عليها أو على غيرها ما هو إلا مجرد تعبير عن مشاعرنا نحن، أما رحمة الله فهي له ومنه، لا يمنعها تطرفُ يميني، ولا يهبها تهورُ يساري.
* * *
تدخل الذبابة إلى حديقةٍ غَنّاء، فلا يروق لها شيء من الزهور والورود والأغصان التي تُبهر العقل وتُبهج النفس، فتظل تبحث عن قذارة هنا أو جيفة هناك؛ لتقع عليها وتمتصها بنَهَم، ثم تنقلها بلًاء للناس!
كذلك نفعل حينما يكون هنالك عشرات النصوص الدينية التي تؤسس لحياة كريمة، وترشد المجتمع إلى مكارم الأخلاق، فلا نلتفت إليها، ولا نلقي لها بالًا.. ونظل نبحث عن شُبهة بلهاء، نرفع بها صوتنا، لنُنَفّر البسطاء عن دينهم؛ هذا إن كنّا من متهوري اليسار.
وإن كنّا من متطرفي اليمين فإننا نبحث عن قصّة سخيفة تروق لنا، لكي نقدمها للجمهور برهبة، وكأنها دليل التوحيد ومحور دين الله!
يا صديقي ليس من العدل ولا من الإنصاف ولا من الثقافة والأخلاق: أن نجعل الحُكم للنَّادر على الوَافِر، أو للفرع على الأصل، أو للمضطرب على الثابت؛ ولكن العدل أن نعرض الأشياء بصورتها الكاملة، لكي يراها الجمهور كما هي، لا كما تهوى أنفسنا.
فليس أحد مسؤولًا عن هداية أحد ولا محاسبًا على ضلالته.
*جمعه "نيوزيمن" من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك