تهافت الناشطون والكُتّاب والمثقفون من مختلف التوجهات السياسية والحزبية والمناطق في اليمن للمطالبة بفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الإنسانية ولتخفيف الأعباء عن المواطن، وهذا شيء جميل دون أدنى شك، رغم أن البعض وأتباع التوجهات السياسية والمصلحية لم تكن مطالبتهم تلك تنم عن يقظة ضمير أو رغبة صادقة لإنهاء المعاناة والتعامل بإنسانية بقدر ما كان مزايدة سياسية واستغلالا لا يختلف أبدا عن الحب المفاجئ الذي أبدوه تجاه سقطرى وغيرها من الملفات التي استغلت للكذب والمناكفات لا أقل ولا أكثر.
اليوم خفت صوت الكثير من مدعيّ الحرية والإنسانية تجاه ما يرتكبه الحوثيون من جرائم وتعنت في ملف فتح الطرقات بين المحافظات وعلى رأسها طرقات تعز والواصلة إلى عدن والحديدة وغيرها، وتغافلوا عن طريق صنعاء -مارب، وعقبة ثرة وكل ممر أغلقه الحوثي وزرعه بالألغام والعبوات الناسفة.
يستغل الحوثي زيف مدعي الوطنية ويركن على الشقاق الحاصل في صفوف مناهضيه، كما يتكئ على تفاهماته السرية مع فصيل من (الإخوان) والذي يبدو أنه -أي الفصيل الإخواني- يمتلك القدرة الكبيرة في التأثير والتأجيج وحرف الأنظار والإلهاء بأمور تسمح للحوثي بالاستمرارية. فصيل ترعاه دول كما الحوثي وتجمعهم مهمة إبقاء الوضع كما هو عليه من ملشنة وتمزق ومعاناة.
منذ شهرين اتفقت الشرعية اليمنية مع الحوثيين على هدنة يتم من خلالها تنفيذ عدد من المطالب للطرفين ومنها فتح الطرقات وتوريد مبالغ الإيرادات النفطية في الحديدة لصالح دفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الانقلاب، نفذت الحكومة والتحالف ما يخصهم ورفض وماطل وحور وتململ الحوثيون في تنفيذ ما التزموا به، وخفت صوت الحقوقيين والناشطين الحوثيين وشركائهم عن الحديث عن مأساة المواطنين، فنشطاء الحوثي وموالوه خلقوا المبررات للنكوص عن الاتفاق وروجوا لها بمخاوف أمنية وضرورات عسكرية، ونشطاء حليفهم من الفصيل المعروف وجه بوصلته لنشر الشائعات ومحاولة شق صف المجلس القيادي، والإساءة لأشخاصه ولأبناء المحافظات الجنوبية والتحالف عموماً، أما ناشطو ومثقفو وساسة الطرف المناهض للحوثي ففي عالم آخر، متوزعون بين التنظير والتطبيل.
وتبقى شلة موتورة لا ترى أي إهانة في تخصيص الحوثي طريقا كان يستخدمها الحمير في تعز، ولا تلتفت لاعتراف الحوثي بحصاره لتعز ورفضه أي حل يخفف معاناتها، فهي لا زالت تقول إن الحرس الجمهوري ونظام صالح الذي سقط منذ عشرة أعوام هو من يفعل ذلك، شلة حسب الله الموتورة بدافع الحقد تبرر للحوثي أفعاله وتساعده في إذلال واستغفال ملايين اليمنيين.
وتبقى المعاناة قائمة نتيجة لإرهاب الحوثي وتماهي البعض معه، بالإضافة لوهن الشرعية وإصرارها للظهور بمظهر الضعيف المستجدي المفكك لتصيب الشعب بمزيد من الإحباط وتعدم ثقته فيها.