تعمل المنظمات في بلادنا منذ زمن، وزاد معدل الاعتماد عليها منذ 2015 وحتى اليوم، لدرجة أنها تقوم بواجبات يفترض تلبيها الدولة، مثل دعم قطاعات التعليم والصحة وترقيع بعض الطرقات وتوفير العلاجات والأدوية ودعم إنساني غذائي عبر برنامج الغذاء العالمي، والكل يعرف من يسيطر على ما تقدمه المنظمات والميزانيات المرصودة والتي يذهب 60% من أغلب مشاريعها تحت بند مصاريف تشغيلية، ورغم ذلك وفرت المنظمات فرص عمل بأجور مجزية، في ظل انعدام فرص العمل الأخرى وتوقف صرف المرتبات للقطاع الحكومي، خصوصا في المناطق الواقعة تحت الاحتلال الحوثي، وغلاء المعيشة.
واستطاعت المرأة اليمنية أن تحصل على فرص وظيفية متكافئة مع الرجل (في العدد) في أغلب المنظمات وقد تتفوق ليس لأنها امرأة كما يصور البعض، بل لأن كثيرات أثبتن جدارتهن كونهن مؤهلات باللغة والحاسوب والتخصصات الإدارية والإحصائية المطلوبة، ولعل هذا ما جعل الحوثي وجماعته تشعر بالإحباط من إمكانية تجهيل شعب بات شبابه وشاباته متعلمين، وصارت الجماعة الحوثية تفرض تعيينات سلالية في كل منظمة، حتى صارت الوظائف مؤخرا شبه حصرية لهم أو عن طريقهم، وكعادة الإماميين والعقليات المتحجرة ذهبوا لتخويف الشعب من عمل اليمنيات في المنظمات، ويدقوا في سبيل ذلك على الوتر الحساس لدى الناس "مسألة الأعراض، وتشويه سمعة الفتيات والمنظمات"، وإن كان تشويه المنظمات في الحقيقة نتيجة خلافات على عوائد ورفض لتمويل مشروع هنا أو هناك، وحرمان مشرفين حوثيين ومنظماتهم الوهمية من الحصول على عقود ومشاريع.
السؤال الذي يجب أن نفهمه قبل أي شطحات أو ترديد ما يردده القطيع، لماذا هذه الهجمة الممنهجة ضد المنظمات الآن، وضد العاملات فيها بالتحديد وإن كان هناك سوء لماذا بلعوا ألسنتهم من البداية؟
لماذا الإصرار السيء والغبي على الدخول في أعراض اليمنيات والخوض فيها، واتهام من تعمل في منظمة أو تلقت تدريبا في منظمة بأنها منحلة أو سيئة؟
لا نبرر أو ننفي أن هناك برامج تافهة ترعاها بعض المنظمات لا تعود بالنفع على الإنسان، يعني لا تؤهله تأهيلا علميا أو مهنيا، ولا تنتشله من الفقر، أو تخلق له فرصة نجاح، طبعا البعض وليس الكل، لكن ما نحن متأكدون منه والملاحظ أن هناك هجمة وخوضا في أعراض اليمنيات وجعلها مادة للصراع والابتزاز من قبل جماعة الحوثي تحديداً التي دأبت على التطاول في قذف اليمنيات شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا، وهذا والله إهانة لا تغتفر لأي شعب يسمع وينصت لمن يقذف عرضه، ويصوره كعاجز أو قواد لا يستطيع الدفاع عنه.
لم تتعرض الفتاة اليمنية للتشويه وتحويلها لمادة إعلامية في الصراعات وتصفية الحسابات السياسية، وجعل عرضها أداة للتحشيد وصب نار العداوة واستثارة الغيرة كما يجري، دون مراعاة المصداقية في ما ينقل، وحساسيته، وأيضا ما إذا كانت تلك التهم موجودة فعلا أم هي مجرد أداة للانتقام والحصول على أتباع ومقاتلين جدد تحتاجهم الجماعة في حربها العبثية، ورغبتها في استمرار دوامة العنف وخلق صراعات وثارات لا تنتهي حتى وإن استباحوا الطعن في الأعراض.
سوء المنظمات ليس كما يصوره القطيع، والسوء القائم يتعرض له الرجال والنساء والكبار والصغار واليمن بشكل عام على يد جماعة انتهكت كل المحاذير والقيّم والأخلاق والأعراف، وتعدت كل ما في الوقاحة من وقاحة وما في الإرهاب من إرهاب.
كان يفترض بقيادات الحوثي التي تحرك هجمات التشويه لليمنيات وابتزاز العالم إن كانت تعد نفسها من رجالات القيم والأخلاق أن تغلق أفواهها ولا تفتحها للمنظمات لتطعمها وشعبها، وتقطع يدها ولا تتسلم أموالا من الخارج، وتتوقف عن العمالة والارتهان للخارج، حتى يعود اليمن لكل أبنائه ويتمكن اليمنيون من العيش بكرامة وعزة من ثروات بلادهم دون الحاجة للآخرين.