سامي نعمان
في رحيل موسوعة الوثائق والتاريخ الجمهوري
رحل البارحة رجل وطني جمهوري حوَّل عمله العظيم من شغف شخصي إلى مؤسسة ظلت تعمل أكثر شيء بجهوده وإخلاصه وحبه لعمله.
القاضي علي أحمد أبو الرجال -رحمة الله تعالى تغشاه.. رئيس المركز الوطني للوثائق.
من يعرف سيرة هذا الراحل سيذرف الدموع حزنا اليوم على فراقه حتى إن قرأ بعضاً من سيرته تزامنا مع وفاته.
بدأ مسيرة التوثيق عام 1965 وربما قبلها حين اجتمع بعدد من قيادات الثورة ووجدهم يتجادلون حول هوية من قرأ بيان ثورة سبتمبر.
فقال لهم إذا كنتم أنتم من رواد الثورة وفيكم من شارك في صياغة البيان وتجادلون حول من قرأه فكيف بالأجيال القادمة.
كان الحصول على قصاصة ورق من جريدة قديمة توثق لحدث يعني حيازة كنز أو ثروة.
قال في مقابلة مع جريدة الثورة عام 2013، إنه يتمنى أن ينجز المشروع الخاص بمبنى المركز لحماية تاريخ اليمن الذي جمعه من قصاصات الصحف اليمنية والمصرية والعراقية ومن وكالات الأنباء لضمان الحفاظ عليها لأنه يخاف عليها مثل خوفه على أولاده.
لا أعتقد أنه حدث بعدها ما يمكن أن يفرحه في هذا الجانب وجميعنا يعرف السبب.
كان المركز الوطني للوثائق مرجعاً للباحثين في التاريخ أو عن المراجع التاريخية جمع أكثر من 8000 مجلد.
عام 2008 حصلنا منه على نسخ لجرائد توثق لزيارات وفود كويتية إلى اليمن ومشاريع كويتية دشنت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حين طلبناها منه لعمل دراسة عن العلاقات اليمنية - الكويتية.
كان القاضي على غزارة علمه ومعرفته وثقافته الموسوعية رجلاً بسيطا يتعامل مع الجميع بتواضع جم ويسعد بخدمة الآخرين وكأنه يقول لأجل هذا أفنيت عمري في هذا العمل المنهك.
20 عاما تقريباً والقاضي أبو الرجال يعمل في التوثيق بمبادرة شخصية منه حتى وهو يشغل منصب محافظ لصنعاء والحديدة.
دخلت الدولة في مأزق عام 1982 للبحث عن وثائق تخص الحدود فوجدت ما أمكن منها عند القاضي أبو الرجال، كان حينها نائبا لمدير مكتب الرئاسة لتسند إليه بعدها رئاسة لجنة الوثائق كإطار لعمله الذي استمر فيه مع بضعة مساعدين.
وعام 1991 تم تأسيس المركز الوطني للوثائق وأسندت إليه رئاسته حتى لقي ربه أمس الجمعة عن 90 عاماً أمضى زهاء 60 منها في التوثيق.
حين سئل عن ما الذي يقدمه المركز للباحثين والدراسات، أجاب: ستجدون الإجابة لدى الباحثين أنفسهم.. أبوابنا وتشريفنا ومكاتبنا مفتوحة بكل الوثائق لمن يبحث أو يطلع.
هذا هو المناضل السبتمبري العظيم، عاشق الوثائق، ذاكرة اليمن، خبير التوثيق العربي القاضي علي أحمد أبو الرجال.
تعازينا لأفراد أسرته، لبنيه وأحفاده وأصدقائه وكل من يعرفه.
تعازينا للعزيز يحيى أحمد أبو الرجال.
تعازينا لليمن هذا المصاب الجلل.
مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فضيلة القاضي الحافظ المخلص الصادق علي أحمد أبو الرجال.
إنا لله وإنا إليه راجعون..
رحمك الله يا عم علي..
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك