م. مسعود أحمد زين
السياسة الأمريكية وإشعال الحروب عالمياً
تسعى أمريكا بكل أدواتها ونفوذها الدولي إلى إشعال الحرائق في أكثر من منطقة بالعالم لاستفزاز روسيا والصين وحلفائهم وتوسيع دائرة الصراع التي يمكن أن ينغمسوا فيها فتستهلك جزءا مهما من قوتهم وتعيقهم عن المنافسة في قيادة عالم متعدد الأقطاب.
كان المأمول أمريكيا أن العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا سوف تؤدي إلى عزلها عالميا ثم الانهيار السريع لاقتصادها فلم يتحقق ذلك حتى الآن وانعكس الأمر على اقتصاديات الدول الغربية بزيادة التضخم.
جرت محاولة عمل اختراق لكسر التنسيق بين دول أوبيك وروسيا في سوق النفط العالمي وذلك من خلال زيارة بايدن للسعودية الشهر الماضي ولم تنجح المحاولة.
وفوق ذلك زاد التنسيق بين روسيا وبقية اللاعبين الإقليميين بالشرق الأوسط (إيران وتركيا) وحدث تفاهم بينهم في ملف سوريا في قمة طهران وضد التواجد الأمريكي فيها.
بعدها تم دفع الأمور في العراق للانتفاضة والمواجهة الشعبية بين أنصار التيارات الشيعية بعضها ببعض.. بما يعني وضع إيران على المحك بالنسبة لملف العراق، لكن يبدو أن الرغبة على عدم إشعال هذا الحريق قد نجحت حتى الآن في ذلك من خلال تجاوب مختلف الأطراف العراقية لدعوة معتصمي مجلس النواب من أنصار مقتدى الصدر لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي لكوسوفا بأسبوع، جرت قبل أيام محاولة إشعال فتيل توتر في البلقان بين كوسوفا وصربيا قد يفضي إلى إمكانية نشوب مواجهة مسلحة بين الطرفين وربما انخراط حلفاء كل طرف في ذلك (روسيا والناتو).. لكن تم تجميد هذا الخلاف في آخر لحظة وترحيل أسبابه لمدة شهر من الآن.
تم الدفع بعودة الحرب بين أذربيجان وأرمينيا وحصلت اشتباكات أول أمس ودخول القوات الاذرية لمواقع جديدة، وتحاول روسيا إطفاء هذا الحريق.
وأعتقد أن قمة سوتشي اليوم بين بوتين وأردوغان سوف تتناول ذلك باتجاه خفض التصعيد.
وبدلا من حريق أذربيجان وأرمينيا بما يعني افتراق المواقف التحالفية بين روسيا وتركيا تم الاتفاق اليوم على زيادة التبادل التجاري بينهما ودفع المشتريات التركية للغاز الروسي بالروبل بما قيمته حوالي 26 مليار دولار سنويا حسب أسعار السوق العالمي للغاز الآن.
نفس الحال شرقا، إذ حاولت أمريكا استفزاز الصين في تايوان لدفعها للذهاب في مواجهات عسكرية في هذا التوقيت وبالتالي تعطيل الانسياب الاقتصادي في الملاحة البحرية لجميع دول جنوب شرق آسيا.
فاختارت الصين عدم الذهاب في هذا المسار وفضلت المواجهة السياسية بدلا عن العسكرية مع أمريكا واستخدام أسلحة الاقتصاد في معاقبة تايوان بدلا عن الحرب العسكرية.
كل الحرائق الأمريكية السابقة تجاوزها الطرف الآخر، واليوم محاولة جديدة في إشعال حريق جديد في فلسطين باستهداف العدو الصهيوني أحد قيادات المقاومة الفلسطينية في غزة.
فهل سوف تذهب الأطراف المتحالفة مع المقاومة الفلسطينية لدعم خيار المواجهة ومنها حزب الله اللبناني وتوسع رقعة المواجهة وبالتالي دخول إيران فيها؟
أم سوف تتمكن مصر مرة أخرى من إطفاء فتيل اشتعال حرب في هذا المربع للمرة الثانية كما نجحت في المرة الماضية قبل أقل من عام تقريبا؟
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك