م. مسعود أحمد زين
فتنة الشهرة وسلعة الترزق والابتزاز
مثلما السلطة فتنة لمن لا يستطيع السيطرة على نفسه، كذلك الشهرة فتنة إذا لم تضع حدا معقولا تحترم فيه قدراتك.
في عالم التواصل الاجتماعي اشتهر الشكل على المحتوى، واشتهر الخطاب الاستفزازي أو الغرائزي على الخطاب العقلاني.
الفضول البشري، والعاطفة، والشهوة هي أهم زبائن عالم التواصل الاجتماعي وليس المعرفة والتعلّم.
وعليه أنت من مشاهير هذا السوق بالآلاف والملايين إذا كانت بضاعتك/ مادتك الإعلامية تلبي تلك الحاجة أو تضعها في الإطار الأنصع.
في كتاب قيّم لباحثة إنجليزية بعنوان (تغيّر العقل) على غرار توصيف ظاهرة (تغيّر المناخ) ناقشت فيه التحول المعرفي للأجيال الجديدة في مختلف المجتمعات بالاعتماد على تلقي المعرفة من الشبكة العنكبوتية ومحركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، بدلا عن الاعتماد على الكتاب المتخصص في كل موضوع، ووصفت القيمة المعرفية في شبكة الإنترنت أشبه بالنهر العريض جدا لكنه ضحل للغاية، سطحي، بينما القيمة المعرفية للكتاب المتخصص أشبه بالنهر الضيق لكنه عميق.
حيث تتقاذفك الروابط (links) من مادة إلى أخرى وأنت تبحث عن موضوع محدد بالنت فتجد نفسك بالأخير في واد ثان غير موضوع البحث الأساسي، مثلما يغزي كل مساحة وقتك النقل واللصق لأمور سطحية يجري تداولها في قنوات التواصل الاجتماعي.
بينما الكتاب من أول صفحة فيه حتى الأخيرة يعالج موضوعا محددا فتخرج منه بمعرفة واضحة.
هذا هو المشهد المعرفي العام في هذا العصر، اكتب إشاعة سوف يتناقلها كالبرق العشرات والمئات، واكتب حقيقة في عمق أي موضوع لن يلتفت إليها إلا القليل جدا من الناس.
كلمة أخيرة للمشاهير من هذا الصنف في واقعنا المحلي، طالما وليس لديك الوقت أو الرغبة لقراءة ولو صفحات قليلة من التاريخ السياسي لهذا الشعب فاترك أمر تقييم المراحل وطبيعة الصراع لغيرك.
هذه أمور لا تنفع فيها سطحية التعاطي ولا تصلح سلعة للترزق والابتزاز.. خليك في سوقك.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك